ما يباح من الغناء وما لا يباح وحكم المؤثرات الصوتية

0 454

السؤال

هل هناك غناء مباح؟ وكيف نفرق بينه وبين الغناء المحرم؟ وما الضوابط في ذلك مع الأدلة؟ لأنني أجد بعضهم يحصر الغناء المحرم بما كان معه موسيقى، وآلات المعازف، ولكني أجد في كلام بعض السلف ذما للغناء عموما من غير تقييد، وما حكم ما يسمى الآن مؤثرات صوتية - والتي هي في حقيقتها موسيقى، ولكن مصدرها صوت الإنسان، وليس الآلة الموسيقية، والنتيجة واحدة -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا بيان ما يباح من الغناء، وما لا يباح منه، وذلك في الفتوى رقم: 7248.

ونزيدك هنا بعض أقوال أهل العلم، قال ابن عبد البر في التمهيد: قد حدا بالنبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة، وعامر بن سنان، وجماعة، فهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء، إذا كان الشعر سالما من الفحش والخنى. وأما الغناء الذي كرهه العلماء: فهذا الغناء بتقطيع حروف الهجاء، وإفساد وزن الشعر، والتمطيط به؛ طلبا للهو، والطرب، وخروجا عن مذاهب العرب، والدليل على صحة ما ذكرنا أن الذين أجازوا ما وصفنا من النصب والحداء، هم كرهوا هذا النوع من الغناء، وليس منهم يأتي شيئا، وهو ينهى عنه. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في الغناء، فأباحه جماعة من أهل الحجاز، وهي رواية عن مالك، وحرمه أبو حنيفة، وأهل العراق، ومذهب الشافعي كراهته، وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوزون بهذا الحديث ـ يعني حديث غناء الجاريتين يوم العيد في بيت عائشة في حضور النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأجاب الآخرون بأن هذا الغناء إنما كان في الشجاعة، والقتل، والحذق في القتال، ونحو ذلك مما لا مفسدة فيه، بخلاف الغناء المشتمل على ما يهيج النفوس على الشر، ويحملها على البطالة والقبيح، قال القاضي: إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب، والمفاخرة بالشجاعة، والظهور، والغلبة، وهذا لا يهيج الجواري على شر، ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه، وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد؛ ولهذا قالت: "وليستا بمغنيتين" أي: ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق، والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرك النفوس، ويبعث الهوى، والغزل، كما قيل: الغنا فيه الزنى، وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط، وتكسير، وعمل يحرك الساكن، ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا، والعرب تسمي الإنشاد غناء، وليس هو من الغناء المختلف فيه، بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم، وأجازوا الحداء، وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كله إباحة مثل هذا، وما في معناه، وهذا ومثله ليس بحرام، ولا يجرح الشاهد. اهـ.

وقد بوب البخاري في صحيحه: باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء. فقال ابن حجر في فتح الباري: الحداء: سوق الإبل بضرب مخصوص من الغناء، والحداء في الغالب إنما يكون بالرجز، وقد يكون بغيره من الشعر؛ ولذلك عطفه على الشعر والرجز، وقد جرت عادة الإبل أنها تسرع السير إذا حدي بها ... ويلتحق بالحداء هنا الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة، وغيرها من المشاهد، ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد. اهـ.

وأما المؤثرات الصوتية فراجع في حكمها الفتوى رقم: 125271.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة