معرفة أصح الروايات عند البخاري ومعنى قوله بعد ذكر الحديث: تابعه فلان

0 182

السؤال

كيف أعرف أصح الروايات عند البخاري؟ مثلا: حديث الأعمال بالنيات لديه سبع روايات مختلفة في بعض ألفاظها وزيادة ونقصان، أو حديث التسبيح والحمد والتكبير دبر كل صلاة.
وهل عندما يقول البخاري بعد ذكر الحديث: "تابعه فلان بن فلان" هل معناه أن الذي تابعه هو الأصح؟
وأسأل الله لكم التوفيق على ما تنصحون وتقدمون وتفيدون.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما طريق معرفة أقوى الروايات فتحتاج منك إلى مراجعة الشروح، لا سيما شرح الحافظ ابن حجر المعروف بفتح الباري؛ وإلا فالبخاري يقدم ويؤخر، ويكرر لفوائد فقهية أو حديثية أو أدبية، وليس لمجرد الأصحية؛ قال ابن حجر في هدي الساري (وهي مقدمة فتح الباري): الفصل الثالث: في بيان تقطيعه للحديث، واختصاره، وفائدة إعادته له في الأبواب وتكراره. قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما رويناه عنه في جزء سماه جواب المتعنت: اعلم أن البخاري -رحمه الله- كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع ويستدل به في كل باب بإسناد آخر، ويستخرج طريقا واحدة، فيتصرف حينئذ فيه، فيورده في موضع موصولا، وفي موضع معلقا، ويورده تارة تاما وتارة مقتصرا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب، فإن كان المتن مشتملا على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه منه بحسن استنباطه وغزارة فقهه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه، وقلما يورد حديثا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، وإنما يورده من طريق أخرى لمعان نذكرها، والله أعلم بمراده منها، فمنها أنه يخرج الحديث عن صحابي، ثم يورده عن صحابي آخر، والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة، وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة، وهلم جرا إلى مشايخه، فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار، وليس كذلك لاشتماله على فائدة زائدة ... انتهى. ويمكنك مراجعة باقي الفصل ص: 17-18 من هدي الساري ط. السلفية.

وأما قول البخاري -رحمه الله-: "تابعه فلان"؛ فلا يعني أن المتابعة أقوى أو أضعف، وإنما يعني المشاركة في الرواية، وأما كونها أقوى أو أضعف فتعرف من مدى ضبط المتابعين، وهذا مصطلح بين العلماء معناه في كتب المصطلح، ويمكنك مراجعة تدريب الراوي للسيوطي أو فتح المغيث للسخاوي، وننقل لك هنا نقلا من تيسير مصطلح الحديث للطحان فإنه أجاد تسهيل المعنى: المتابعة:

أ) تعريفها:

1- لغة: مصدر "تابع" بمعنى "وافق"؛ فالمتابعة إذن الموافقة.

2- اصطلاحا: أن يشارك الراوي غيره في رواية الحديث.

ب) أنواعها: والمتابعة نوعان:

1- متابعة تامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد.

2- متابعة قاصرة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي أثناء الإسناد.

5- أمثلة: سأذكر مثالا واحدا مثل به الحافظ ابن حجر، فيه المتابعة التامة والمتابعة القاصرة والشاهد، وهو: ما رواه الشافعي في الأم عن مالك عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك، فعدوه في غرائبه أن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد، وبلفظ: "فإن غم عليكم فاقدروا له" لكن بعد الاعتبار وجدنا الشافعي متابعة تامة، ومتابعة قاصرة، وشاهدا.

أما المتابعة التامة: فما رواه البخاري عن عبدالله بن مسلمة القعنبي عن مالك بالإسناد نفسه، وفيه "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ...". انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة