الحكمة في النسخ من الأثقل إلى الأخف

0 148

السؤال

نعلم أن الله يعلم ما سيكون منذ الأزل، لكن قرأت في القرآن أن الله بعدما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقيام الليل إلا قليلا، وكذلك الأمر لأصحابه؛ فإنه بعد ذلك علم الله أنه سيكون منهم مرضى، فخفف عليهم مقدار القيام، وسؤالي هو: الله يعلم منذ القدم أنه سيكون منهم مرضى، وآخرون يضربون في الأرض، فلماذا الآية -حسب ما فهمت- تقول: إن الله علم قبل أن ينسخ الحكم بأنه سيكون هنالك مرضى، فخفف عنهم؟
أرجو الإجابة بالأدلة الصحيحة، والآثار الصحيحة، فكثير من الآثار في كتب التفسير، نكتشف فيما بعد وجود علل حديثية فيها، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فالله تعالى علم أزلا أنه ستكون لهم هذه الأعذار المقتضية للتخفيف، فأمرهم بما أمرهم به، وهو يعلم أنه سيشق عليهم، ثم خفف عنهم، ورفع عنهم الحرج، وتاب عليهم؛ ليعلموا رحمته بهم، فيشكروه على ذلك، والله علم أزلا الناسخ والمنسوخ، وقد بين العلماء الحكمة في النسخ من الأثقل إلى الأخف، وأن ذلك ليس لكون الله حدث له علم بمشقة الأثقل- حاشا وكلا-.

قال العلامة ابن عثيمين مبينا حكمة النسخ: للنسخ حكم متعددة، منها:

1- مراعاة مصالح العباد، بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم، ودنياهم.

2- التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال.

3- اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر، ورضاهم بذلك.

4- اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف، ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل. انتهى.

والذي أوردته في سؤالك هو شبهة من أنكر النسخ جملة، وهو نفي البداء -سبق الجهل- على الله تعالى؛ لكونه عالما بما كان، وما يكون تبارك وتعالى، وجوابه -كما قال أهل العلم- هو: أن إثبات النسخ لا يستلزم البداء عليه سبحانه، قال الشوكاني: وهذا مدفوع بأن النسخ لا يستلزم البداء، لا عقلا، ولا شرعا، وقد جوزت الرافضة البداء عليه؛ عز وجل؛ لجواز النسخ، وهذه مقالة توجب الكفر بمجردها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة