مدى صحة حديث: (ذاك صريح الإيمان) ومعناه

0 197

السؤال

ما صحة هذا الحديث: قالوا: يا رسول الله، أشياء نجدها في أنفسنا يسقط أحدنا من عند الثريا أحب إليه من أن يتكلم به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجدتم ذلك؟ ذاك صريح الإيمان، إن الشيطان يريد أن يوقع العبد فيما دون ذلك، فإذا عصم منه وقع فيما هنالك ـ مع شرح الحديث؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالحديث رواه بلفظه البيهقي في شعب الإيمان، ومثله النسائي في السنن الكبرى: عن عمارة بن أبي حسن المازني عن عمه، وقد ورد هذا المعنى بقريب من هذا اللفظ عند مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.

قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح هذا الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: ذلك صريح الإيمان ـ ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا، وانتفت عنه الريبة والشكوك، وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد، فعلى هذا معنى الحديث سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان، وهذا القول اختيار القاضي عياض. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قالت الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان ـ وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ـ أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح: الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها، فخلص الإيمان فصار صريحا، ولابد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافرا أو منافقا، ومنهم من قد غمر قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا، وإما أن يصير منافقا، ولهذا يعرض للناس من الوساوس في الصلاة ما لا يعرض لهم إذا لم يصلوا، لأن الشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه والتقرب إليه والاتصال به، فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات