هل للابن مطالبة أمّه بما أخذته من ماله دون رضاه؟ وما الواجب على من فُضِّل بهبة؟

0 85

السؤال

لي أخ كبير عاش في الخارج كثيرا، وجمع الكثير من المال -بارك الله له-، وكان له عمل مع والدتي، فكان يرسل لها المال لتشتري له شقة، وتؤجر له الشقق، وتعطيه مبلغا معينا من المال سنويا، واستمر الحال على هذا، ووالدتي تحب المال، فكسبت من ورائه الكثير أيضا، فعلى سبيل المثال: كانت تشتري الشقة، وتقوم ببعض أعمال الصيانة له بمبلغ، وتقول له: إن الأمر كلف مبلغا أكثر؛ فتكسب عن طريق ذلك، وهي من كانت تشرف على كل هذا، وكانت تدير الأعمال، فكانت ترى أنها تستحق ذلك.
ومنذ حوالي ثماني سنوات قررت أن أتزوج، وليس معي شيء، وأنا جامعي، وأعيش مع والدتي، وليس لي مصدر دخل إلا ما يكفي، فساعدتني أمي، واشترت لي شقة وقتها، وأعجبتني، وبعد أيام ظهرت أمامها شقة أخرى أكبر، ولكن الفرق في السعر ليس كثيرا 90000 ج)، فقالت لأخي: هناك شقة جميلة، فلتشترها، ولكنها أعطته الشقة الأولى الأصغر، وأعطتني الشقة الأكبر، وأخي علم بهذا الأمر، وثار ثورة شديدة.
وبعد مرور سنوات رجع أخي من السفر، وقاطعني، مع أني إلى الآن أصله، وهو قاطع لأمي، وليس بينهما أي كلام، ويطالبني بأن أترك شقتي، ويعطي والدتي ما دفعته من بضع سنوات، أو أعطيه أنا الفرق، بناء على سعر الشقة الآن، والأسعار عندنا زادت جدا بعد التعويم، وأسئلتي هي:
1- تمييز والدتي لي بشرائها شقة لي، وسيارة، وإعطائي المال (هي تعطي إخوتي، ولكن ليس بالقدر ذاته)، هل علي فيه إثم، أو على والدتي؟ فأنا لم أسافر للعمل بسبب والدتي، ولي أختان (هي تساعدهما، ولكن ليس بالقدر ذاته)، وأخي الكبير لا يحتاج، فقد أعطته مليونا عندما جاء من السفر؛ بسبب إثارته المشاكل.
2- هل علي إثم بسبب موضوع الشقة؟ وهل لأخي الحق في مطالبته بالشقة، أو المال؟
3- هل ما كانت تفعله والدتي بأن كانت تعطيه سنويا مبلغا معينا بالاتفاق (ولكنه كان قليلا)، وكانت أحيانا تقول له: الشقة ثمنها كذا (بأكثر من ثمنها)، أو تقول له: الصيانة كلفت كذا (بأكثر مما تكلف) جائز؟
4- لما رجع أخي من السفر، علم كل هذه الأشياء؛ لأنه بدأ يعمل بنفسه، وأخبرني في رسالة له أن له عند والدتي مليونا ونصف المليون تقريبا، فهل له الحق في أن يطالب والدتي، أو الورثة بهذه الأموال؟
5- عندي من الأطفال ثلاثة، ودخلي محدود، ووالدتي تساعدني في أشياء كثيرة، لا أزعم أني بار بها بسبب انشغالي في العمل، والسعي على الأهل، ولكني أبر أبنائها بها، ولا أغضبها قدر الاستطاعة، ولا يمر يوم إلا وقد لقيتها، ولا أتركها غاضبة مني أبدا، فهل آخذ منها، مع العلم أني أحثها على الإنفاق على إخوتي؟ آسف على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالراجح عندنا وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، وعدم جواز تفضيل بعضهم على بعض، إلا إذا اقتضت حاجة أحدهم تفضيله؛ فيجوز بقدر الحاجة، وكذلك لا تجب التسوية بينهم في النفقات، وإنما ينفق على كل ولد حسب حاجته، لكن تخصيص بعض الأولاد بتملك شقة، غير جائز، ولو كان محتاجا للسكن؛ لأن حاجة السكن تندفع بالإعارة، أو الإجارة، وانظر الفتوى رقم: 160469.

وعليه؛ فما فعلته أمك من هبة الشقة لك دون إخوتك، غير جائز، وعليها أن تسوي بين أولادها في هذه الهبة، أو ترد ما وهبته لك، إلا إذا رضي جميع إخوتك بتفضيلك بالهبة عن طيب نفس، فلا حرج على والدتك، ولا عليك حينئذ، وراجع الفتوى رقم: 332782.

أما بخصوص الشقة التي اشترتها أمك لأخيك، ثم أعطتك إياها، فهذا غير جائز، فهي قد اشترت له تلك الشقة بالوكالة، فصارت ملكا له، ومن حقه مطالبتك بتسليم هذه الشقة له، أو تصطلحا على تعويض تدفعه له.

وما حصلت عليه أمك من أموال أخيك دون رضاه؛ بحجة أنها تدير أعماله، كالشراء، والتأجير، ونحوه، فليس من حقها؛ لأنها كانت وكيلة عنه في هذه الأعمال، ولم تتفق معه على أجر على وكالتها.

وإذا كانت تظن أن من حقها أن تأخذ من مال ولدها ما تشاء، فهذا غير صحيح، فإن الأم إذا كانت في كفاية، لا يحق لها أخذ شيء من مال ولدها بغير رضاه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 133046.

وعليه؛ فمن حق أخيك أن يطالب أمه بتلك الأموال، لكن الأولى أن يتنازل عن حقه لها.

وعلى أية حال؛ فلا يجوز له أن يهجرها، أو يسيء إليها، فحق الأم على ولدها عظيم، وعقوقه لها من أكبر الكبائر.

ونصيحتنا لك أن تجتهد في بر أمك، والإحسان إليها، فإنه من أفضل القربات، ومن أحب الأعمال إلى الله، كما ننصحك بعدم قبول تفضيلها لك بشيء من الهبات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة