للوالد على ولده حقّ لا يسقط بظلمه له

0 6

السؤال

أبي شخص قاس جدا، كان يضربني في صغري ضربا مبرحا، ويجعلني أقف على أطراف أصابعي، وأرفع يدي من 11 ليلا حتى السابعة صباحا، وإذا بكيت بسبب التعب يضربني، ووصل به الأمر إلى أنه خلع ملابسي كلها، وضربني، وطردني من البيت عارية تماما، وكان يضرب أمي، ويتركنا شهورا، وهذه أشياء بسيطة جدا من أفعاله، ولا أستطيع أن أنسى أي شيء، وأكرهه جدا، وأنا منقطعة عنه منذ 8 سنوات، وكان يسأل عني، وأنا من المستحيل أن أكلمه، وإذا تذكرته أو سمعت صوته؛ أنهار من البكاء، وأكتئب.
لا أستطيع الزواج، وأرفض أي شخص يتقدم لي، لأنه سبب لي عقدة من جميع الرجال، وشخصيتي أصبحت ضعيفة جدا، ولا أستطيع مخالطة الناس، وأصبحت أخاف من كل الناس، رغم أن عمري 26 سنة، فهل مقاطعتي له حرام؟ فهي رغما عني؛ لأني لا أستطيع أن أسمع صوته، وأحاول أن أنساه وأنسى أفعاله؛ لكي أستطيع أن أعيش، فأنا متعبة بسببه، فهل هذا حرام، ولا يلتمس لي العذر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال -كما ذكرت-؛ فإن أباك -إذا لم يكن فاقدا للعقل-؛ فهو ظالم مجرم، وبغضك له، ونفورك منه، سائغ لا تلامين عليه، لكن الشرع قد جعل للوالد على ولده حقا لا يسقط بظلمه له؛ فإن الله قد أمر الولد بمصاحبة والديه بالمعروف، ولو كانا مشركين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا  {لقمان:15}، وعقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد بابا أسماه: باب بر والديه، وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

فعليك أن تستعيني بالله تعالى، وتجاهدي نفسك، وتصلي أباك بما تقدرين عليه، من غير ضرر يلحقك، ولو بمجرد اتصال بالهاتف، ونحو ذلك؛ حتى تزول القطيعة.

أما إذا كنت مغلوبة على أمرك بسبب الآثار النفسية؛ فأنت معذورة -إن شاء الله-؛ فالتكليف منوط بالقدرة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكن ننصحك بالإقبال على الله تعالى، والتقرب إليه، وكثرة ذكره، ودعائه.

كما ننصحك بعرض نفسك على المختصين في العلاج النفسي؛ حتى تتخلصي -بإذن الله- من الآثار السيئة لما مضى من إساءة الوالد.

وللفائدة، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة