ظلم الوالدة للابن بسبب إنكاره تبرّج أخته، هل يبيح له هجرها؟

0 4

السؤال

أتعارك دوما مع أختي البالغة من العمر 24 سنة، والتي تصغرني بأربع سنوات؛ بسبب تصرفاتها الطائشة، كارتدائها ألبسة غير محتشمة في المنزل، أو خارج المنزل، وأحيانا أنتفض في وجهها؛ لأنها لا تبيت في المنزل؛ بزعم أنها برفقة إحدى صديقاتها، وأحيانا أخرى لا تأتي إلى المنزل إلا بعد منتصف الليل.
وكلما تشاجرت معها تنصفها أمي، وتقطع أمي الكلام معي، وكنت دوما أراجع نفسي، فأقوم باسترضائها، وطلب العفو منها.
وفي آخر مرة تشاجرت فيها مع أختي، كانت لنفس الأسباب السابقة، وحملت علي أختي سكينا، وضربتني أمي بعصا ضربا مبرحا، كما أنها نعتتني بالمتطرف؛ فقامت أختي بعد ذلك بإبلاغ الشرطة عني بأمر من أمي، وانتهى هذا الكابوس بالصلح أمام مقر الشرطة، لكن على إثر ذلك شعرت بالاحتقار، والظلم، وظل الحزن يقطن بداخلي؛ لأني أوفر لأختي ما استطعت من راتبي الشهري، وأجاهد لأنال بر والدتي، وأصبحت أشعر أن والدتي قد طعنتني بما نعتتني به، وغدرت بي بما فعلت، وليتها أنصفت.
لم أكلمها الآن منذ أربعة أشهر، وأشعر بالحقد تجاهها، نعم إنها أمي التي كنت أحس أنها كل شيء في حياتي، ولا أستطيع أن أجعلها غاضبة مني ولو لبرهة إلا واسترضيتها، والله على ما أقول شهيد.
قبل الحادثة كان لي تخطيط مستقبلي في الزواج؛ لأعف وأحصن نفسي، أما الآن فلم تعد لي رغبة في الزواج؛ بسبب نفسيتي التي صارت مهزومة، فتبخر كل شيء جميل طالما حلمت بتحقيقه، فبماذا تنصحونني إخوتي في الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنصيحتنا لك أن تبادر بمكالمة أمك، وتحرص على برها، فهي إن كانت ظلمتك وآذتك بغير حق؛ فإن ذلك لا يسقط حقها عليك في البر، والمصاحبة بالمعروف، ولا يبيح لك هجرها.

فحق الأم على ولدها عظيم؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}، وعقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد، بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ، وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

وعليك أن تنهى أختك عن المنكر، وتحول بينها وبينه ما استطعت، ولا يجوز لك أن تقرها على المنكر، ولو غضبت أمك، لكن عليك أن تكون حكيما، وتقدم الرفق ما أمكن، وراجع الفتوى: 200371.

وبادر بالزواج إذا كنت قادرا عليه، ولا تتركه، أو تؤجله بسبب ما أصابك من أمك وأختك؛ فالزواج من سنن المرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وراجع الفتوى: 304348.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة