تجنّب التعامل مع الوالد السيء الخُلُق

0 15

السؤال

أنا وإخوتي نخاف من أبي كثيرا، وإذا أخطأنا في شيء فإنه يهيننا، فإذا أوقع أحدنا شيئا مثلا، أو أعددنا طعاما لا يعجبه، فإنه يسب ويضرب، وكذلك يتصرف مع أمي إذا اشترت شيئا من السوق لم يعجبه، وقد ضربها أمامنا من قبل، وكذلك يفعل حين نطلب المال منه؛ فأصبحنا نخشاه كثيرا، حتى إن قلبي ينبض بشدة إذا سمعت صوت نعله، وكبرنا حتى أشرفنا على الزواج، ومع ذلك فإنه مستمر في التقليل منا أمام أقاربنا، ولا نستطيع فعل شيء، وإنما نحاول عدم التصادم معه، فنحضر الطعام ونأكل قبله، ونقوم، أو نتجنب الاجتماع في نفس الغرفة، وإذا حتم الوضع علينا التعامل معه، فنتعامل معه بشكل طبيعي، فهل نحن مخطئون في هذا؟ فلم نعد نحتمل أذاه لنا، وماذا نفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان والدكم على هذا الحال من التعامل معكم، فهو مسيء في ذلك، وقد أحسنتم بصبركم عليه.

ونوصيكم ببره، والإحسان إليه؛ فهذا حق له لا يسقط عنكم مهما أساء إليكم؛ فالله تعالى أمر بالإحسان حتى في حق الوالد الكافر، فقال: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}، وثبت في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قدمت علي أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك.

  ومن بره والإحسان إليه: الدعاء له بأن يصلح الله حاله، والدعاء سلاح المؤمن الذي يحقق به رغبته، وربنا سميع مجيب، أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، حيث قال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، قال ابن القيم في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي: والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن... اهـ.

  ومن بره والإحسان إليه أيضا: السعي في إصلاحه، وتسليط بعض أهل الفضل عليه، فلعل الله سبحانه يجري الخير على أيديهم، ولا تيأسوا، بل أحسنوا الظن بالله، واستحضروا أنه على كل شيء قدير، وأن كل شيء عليه يسير، قال سبحانه: لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما {الطلاق:12}.

 وتجنب الرحم المؤذي بالقدر الذي يندفع به أذاه، لا حرج فيه، مع الحذر من القطيعة، وخاصة في حق الوالد؛ فهو ليس كغيره من ذوي الرحم؛ فحقه أعظم، وصلته آكد؛ فيوصل بما هو ممكن من أنواع البر والصلة، ومرجع ذلك العرف، جاء في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: وصلة الرحم -أي: القرابة- مأمور بها أيضا، وهي فعلك مع قريبك ما تعد به واصلا، وتكون بالمال، وقضاء الحوائج، والزيارة، والمكاتبة، والمراسلة بالسلام، ونحو ذلك. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة