الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الـرشــوة

الـرشــوة

الرشوة هي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل ، وهي محرمة ، بل هي من الكبائر ، فقد قال الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/188) .
قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : " لا تُدلوا بأموالكم إلى الحكام : أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقـًا لغيركم وأنتم تعلمون أن ذلك لا يحل لكم " .اهـ .

ولا شك أن الذي يأخذ الرشوة إنما يأكل سُحتـًا ، وقد ذم الله تعالى هذا الصنف من الناس ، وشنَّع عليهم أشد التشنيع ، فقال تعالى : (وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (المائدة/62) .

الرشوة سبب اللعنة

ولأن الرشوة إذا شاعت في المجتمعات فإنها تؤدي إلى ضياع الحقوق وشيوع الظلم وانتشار الفساد ، فقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تعامل بها ، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : ((لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي)) (رواه الترمذي وأبو داود ، وقال الألباني : صحيح) .

كما بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سيلقاه المرتشي من العقوبة ، وما يلحقه من الإثم حين استعمل رجلاً ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أُهدي لي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وقال : ((ما بال عاملٍ أبعثه فيقول : هذا لكم وهذا أُهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا ينال أحد منكم منها شيئـًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، بعير له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر)) .
فالذي يأكل الرشوة إنما يحملها على عاتقه إثمـًا عظيمـًا ، يُسأل عنه يوم القيامة .

ومما ينبغي أن يُعلم أن الرشوة حرام على الآخذ مطلقـًا ، أما بالنسبة للدافع ففيها تفصيل ؛ فتكون حرامـًا في حقه إن كان دفعها لاقتطاع حق غيره أو لظلمه ، إما إن كان مضطرًا لدفعها للحصول على حقٍ هو له ، أو لدفع ظلم ، أو ما شابه ذلك فهي في حقه ليست حرامـًا .. والله تعالى أعلم .

الفرق بين الرشوة والهدية
إن هناك فرقـًا مهمـًا بين الرشوة والهدية - وإن اشتبها في الصورة - والفرق راجعٌ أساسـًا إلى القصد ، إذ أن القصد في الرشوة هو التوصل إلى إبطال حق ، أو تحقيق باطل ، أما المُهدي فقصده استجلاب المودة والمعرفة والإحسان .

ومن أهم المضار والمفاسد المترتبة على الرشوة أنها :
1) تُغضب الله جل وعلا وتجلب على صاحبها العذاب واللعنة .
2) تُفسد المجتمع حكامـًا ومحكومين .
3) تُبطل حقوق الضعفاء والمظلومين .
4) المرتشي تُشد يساره إلى يمينه ثم يُرمى به في جهنم .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة