الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي مصابة باضطراب ذهاني حاد، فهل سيستمر معها؟

السؤال

عقدت بعد خطبة دامت سنتين، وفي اليوم الثاني من العقد دخلت زوجتي في نوبة ذهانية؛ تضمنت هلاوس وضلالات ومحاولات انتحار، وانعدام الرغبة في أي شيء، عرفت بعدها أنها تعرضت لهذه النوبة مرتين قبل الخطوبة، وكنت أعلم أنها زارت طبيبًا نفسيًا لأسباب تتعلق بضغوط حياتية، لكنني لم أكن على علم بتشخيص النوبات الذهانية.

الطبيب يشخّص أن ما مرت به في النوبة الأولى والثانية كان نوبة ذهانية حادة، نتيجة حزن مدفون لم يُتخطَّ، وبسبب اضطرابات شخصية مرت بها بعد وفاة والدها، مثل انعدام الثقة، والشعور بالخوف، والفقد والقلق، وغالبًا ما تأتي هذه النوبات في شهر ذكرى وفاة والدها، وفي النوبة الثالثة -التي حدثت بعد عقد القران وفي نفس الشهر- فسّر الطبيب أن لديها هشاشة نفسية ودماغية تجاه أي حدث حزين أو سعيد، مع عدم القدرة على التمييز بين توتر الحزن والفرح.

وبالتالي، أي حدث كبير -سواء كان حزينًا أو سعيدًا- قد يكون محفزًا للنوبات في أي وقت من السنة، وعليه، كان توتر عقد القران سببًا في تحفيز النوبة الذهانية.

الطبيب يقول: إنها حالة عابرة يمكن علاجها من خلال علاج تخطي الصدمة، والعلاج النفسي السلوكي المعرفي لمعالجة اضطرابات الشخصية، وذلك في رحلة علاج قد تستمر من 6 أشهر إلى سنتين، ومع ذلك، قد تتعرض لنوبات مماثلة بشكل مزمن، خصوصًا في مناسبات مثل الزفاف، أو تغيير المسكن، أو السفر، أو الحمل والولادة.

سؤالي: ما رأيكم في هذا التشخيص؟ وهل يمكن أن يتطور الأمر إلى فصام؟ وهل التكرار مؤثر؟

أنا حزين عليها ومشفق جدًا، وكلما فكرت في الانفصال أتذكر أنها يتيمة وليس لها من يرعاها بعد والدتها، وأشعر أنها مسؤوليتي الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وأن هذا قدر الله ورزقه لي، وأن كل ما حدث لم يكن عبثًا، وأن عليّ أن أقبل الابتلاء كما هو.

عندما أفكر في الاستمرار، أجد أن ذلك تضحية بنفسي وبسعادتي، حيث سأعيش فقط من أجلها، وأنا خائف ومترقب وبائس، ومعرض للإصابة بأمراض نفسية، ومتوجس من فكرة الإنجاب وكيفية تربية الأطفال في ظل هذه الظروف.

ماذا ترون؟ أنا في حيرة وتخبط شديد، ولا أستطيع أن أتخذ قرارًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لهذه الفتاة الصحة والعافية.

أيها الفاضل الكريم: في مثل هذه الحالات، أهم شيء هو امتلاك الحقائق العلمية كاملة، وأنت الآن ذكرت أشياء كثيرة مصدرها الطبيب، وأنا من وجهة نظري أن تذهب إلى الطبيب مرة أخرى -طبعًا بعد إذنها- وتجلس معه وتسأله عن اسم التشخيص.

نعم هي حالة ذهانية، لكن أي نوع من الذهان؟ فالذهانيات كثيرة جدًّا، وما دامت هذه هي النوبة الثالثة، فهذا يعني أن هذا المرض يحتاج لعلاج، والذهانيات لا بد أن تُعالج عن طريق الأدوية المضادة للذهان (Antipsychotic medications)، الجلسات النفسية فقط لا تفيد؛ لأن الأصل في الذهان أنه مرض بيولوجي على مستوى الدماغ.

فيا أيها الفاضل الكريم: بعد حوارك مع الطبيب تستطيع أن تتخذ قرارك، وجزاك الله خيرًا على مشاعرك الطيبة حيال هذه الفتاة.

وبصفة عامة: معظم الأمراض الذهانية الآن تستجيب للعلاج بصورة جيدة جدًّا، فربما تكون هذه الفتاة ضمن الفئة التي تستجيب للعلاج، ومع وجود العلاج والاستمرار عليه والالتزام به، يمكن أن تعيش حياة طبيعية جدًّا، ويمكن أن تتزوج وتنجب، هذا كله ممكن، المهم هو أن تذهب وتمتلك الحقائق، والأمر الآخر: الذهان لا يُعالج إلا بالدواء، هذا هو الذي أُؤكده لك.

وأمَّا الأسباب: لماذا تأتيها هذه النوبات؟ فهذا موضوع حقيقة شائك جدًّا، كما قال الطبيب: ربما أصلًا يكون لديها استعداد لهذه الحالات، وحين تأتي أحداث حياتية كبيرة تؤثر عليها.

فإن شاء الله تعالى تكون استجابتها ممتازة جدًّا للعلاج، لكن من الضروري جدًّا ألَّا يكون الخط العلاجي هو فقط العلاج الكلامي أو العلاج النفسي أو السلوكي لوحده، لا بد أن تتناول أدوية حسب التشخيص، والذي سوف يفيدك به الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً