الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجة أخي لا تريد زيارة بناتها لي في حضور زوجتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا: جزاكم الله خيرًا على تسهيل الإجابة عن أمور ديننا في هذا الزمن الصعب.

لدي أخ متوفى -رحمه الله-، وله بنتان يتيمتان مقيمتان مع والدتهما، حصل خلاف بين زوجتي وزوجة أخي بسبب كلام زوجة أخي الجارح، وقد أثرت هذه المشكلة على علاقتي مع بنات أخي، رغم أن زوجتي ليس لديها مانع أن تزورنا زوجة أخي، إلا أن زوجة أخي تضايقت جدًا من هجر زوجتي لها، رغم أنه كان هجرًا جميلًا بلا عتاب ولا نقاش.

جلسنا سنة كاملة لا نزور بعضنا، وكان الحل الذي فرضته زوجة أخي أن ألتقي أنا والبنات عندهم في البيت أو خارج المنزل، حتى لا يلتقي بنات أخي مع زوجتي، وبالفعل تم هذا الأمر.

ومن فترة قريبة قررت أن أزور بنات أخي في منزلهم؛ لأني شعرت بتقصير معهم، إذ لم أكن أراهم إلا في الخارج، أو للاطمئنان عليهم، ذهبت وكانت الأمور على ما يرام.

بعد ذلك طلبت منهم أن يزوروني في بيتي؛ حيث رزقني الله بمولود، ولم يلتقِ بنات أخي بابني بعد، ولم يكن مطلوبًا منهم الجلوس مع زوجتي، لكن زوجة أخي طلبت أن تغادر زوجتي المنزل وقت وصول بنات أخي، فوقع خلاف آخر بيني وبينها بسبب إثارتها للمشاكل.

أنا الآن بين نارين: هل أخضع لكلام زوجة أخي؟ ففي قلبي نار من عدم جلب بنات أخي إلى منزلي إلا بشرط إخراج زوجتي من البيت، أو أُخرج زوجتي من المنزل، وهذا ما لا ترضاه زوجتي، ولا أرضاه شخصيًا، خاصة أنها لم تقصّر مع بنات أخي أبدًا، أم يوجد حل آخر؟ فأنا لا أريد أن أقصّر مع بنات أخي -لا قدر الله-.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- وشكرًا لك على هذا الوفاء لبنات أخيك المتوفى، نسأل الله أن يرحمه، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وشكرًا لك على حسن إدارة هذا الخصام بين زوجتك وبين زوجة أخيك المتوفى، ودائمًا الصراع بين النساء يحتاج إلى حكمة، ويحتاج إلى طرائق أخرى في التعامل معه.

وعلى كل حال: أحسنت بالاهتمام ببنات أخيك وبزيارتهنَّ، ونحن نقترح عليك أن تأخذ الطفل الصغير، وتذهب به ليشاهدنه في أي مكان، فهو ابن عم لهنَّ، ولست بحاجة إلى أن تُخرج زوجتك من منزلها، بل الأصل أن تبقى في منزلها في كل الأحوال؛ وبهذا تتجنب الخصام، والطفل الصغير -إن شاء الله- سيكبر، وتنصلح الأمور، وتتغير الأحوال، فليس هناك داعٍ للانزعاج، وتجنب كل ما يُجدِّد الجراح، ويزيد المشاكل والنيران اشتعالًا.

ولذلك ضيّق فرص الاحتكاك بين زوجتك وزوجة أخيك المتوفى، ولا تُقصِّر في زيارة بنات أخيك، فلا علاقة لزوجتك ولا لأحد في الدنيا بزيارتك لبنات أخيك، فأنت عم، والعم صنو الأب كما جاء عن النبي ﷺ، فأنت تُعتبر أبًا للبنيات، فاهتم بهنَّ واحتسب الأجر والثواب عند الله، فإنهنَّ يتامى، وبشرى لك بقول النبي ﷺ: «‌أَنَا ‌وَكَافِلُ ‌الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى»، فاحتسب هذا الأجر وأحسن للبُنيَّات، ولا تقصِّر في الوفاء لأخيك برعاية البنات.

واهتم أيضًا بزوجتك وأكرمها وقم بواجبك تجاهها، ولا تطالبها أبدًا بأن تخرج من المنزل لأجل أي إنسان أو لأجل طلب أي إنسان، فالبيت بيتها، والأصل أن تَبقى هي في البيت، ومن أراد أن يزورها ويزور طفلها في البيت فلا مانع، ومن لا يريد فالأمر بسيط، كما قلنا: أنت تأخذ هذا الطفل إلى بنات أخيك، يرونه، ويسلمْن عليه، ويحملنه، وبعد ذلك تُرجعه لأمه، وتبقى الأم في مكانها معززة مكرمة، ونسأل الله أن يُعينكم على تجاوز هذه الصعاب.

وبنات الأخ -إن شاء الله- سيأتي اليوم الذي يدخلن فيه إلى بيتك ويتعاملن مع هذا الطفل الصغير، ويسعدن به ويسعد بهنَّ، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يؤلف القلوب وأن يغفر الزلات والذنوب.

أكرر: لا تحاول إخراج زوجتك من منزلها لأجل هذا السبب، وليس بصحيح أن تخرج الأم حتى يشاهد بنات الأخ طفلها، والأنسب أن تأخذ الطفل إلى بنات أخيك، يرونه، يشاهدنه، ويسلمن عليه داخل بيتهنَّ أو في أي مكان، ويمكن أن يقابلنه ويشاهدنه في أي مكان، وبعد ذلك تُعيد الطفل إلى أمه، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينكم على الخير، وأن يُعينكم على تجاوز مثل هذه الخلافات.

ونحن ننصح الرجال دائمًا بألا يتدخلوا بعمق في المشاكل التي تحدث بين النساء، ونسأل الله أن يُصلح النِّية والذُّرِّية، وأن يؤلف القلوب، فإن قلوب العباد جميعًا -نساءً ورجالًا- بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، فنسأل الله أن يملأ قلوب الجميع حبًا للخير ورغبة في طاعة الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً