الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيهات لمن ترك التدخين ويخشى العودة إليه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب تركت التدخين -والحمد لله- منذ أربعين يوماً تقريباً، ولكني أشعر بعسر شديد في المزاج أحياناً وخصوصاً بالليل، ولا أطيق وقتها أي شيء، وقيل لي إن هذا كله من أعراض ترك التدخين، أو آثاره الانسحابية، وسؤالي هو: هل فعلاً ترك التدخين يُحدث ذلك؟

كما أن كثيراً من الناس -ومن ضمن منظومة متخلفة جاهلة يتناقلها بعض أفراد المجتمع- يقولون: إن من يترك التدخين فجأة ربما يحدث ذلك عنده مشاكل صحية، أو تحسس، أو صدمة عصبية، وقد سمعتها من أكثر من شخص أن فلان ترك التدخين فأصيب بجلطة ومات، وأعلم بكل يقين أن الأعمار بيد الله وحده سبحانه وتعالى، ولكن مثل هذا الكلام موجود، وسمعت مثلاً من شخص وأقسم أغلظ الأيمان أنه حين ترك التدخين أصيب بالتهاب رئوي حاد، ولا زال يعاني منه إلى الآن.

ويوجد بعض الناس يُقنعون بتدخينهم، ويعطيك عشرين سبباً لكي يدخن، وللأسف منه من يؤثر فعلا، والأغرب في الموضوع أن من أقنعني بضرر الدخان وتركه يدخن، وهو طبيب مشهور جداً، وأيضاً وبكل صدق هناك طبيبان راجعتهما وكانا مدخنين، فربما قالت لي نفسي ووسوستها وخطوات الشيطان: إذا كان الطبيب نفسه ومن يعالج يدخن إذا فهو لا يضر.

بعد كل هذا وبالمحصلة ما أريده هو كلمات مضادة لكل هذا تزيد من إصراري وإصرار الإخوة الذين تركوا الدخان حتى لا نفكر بالعودة إليه مطلقاً إن شاء الله، وكم هي الفترة التي أحتاجها ويحتاجها جسمي للتخلص من الدخان وأثره؟ وهل أنا بتركه أربعين يوماً أكون فعلاً تخلصت منه تماماً، ومن آثاره وأعراض تركه؟ وهل مثلاً إذا دخنت سيجارة إلى اثنين مثلاً في اليوم وفي فترات متقطعة أكون قد عدت له -أعني كيف أكون تركته نهائياً-؟! وما السبل لتحسن المزاج؟! وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ما تشعر به من الشيطان الذي يحزنه أن يعود الإنسان إلى بيئة الخير وحياة الإيمان، وأرجو أن تستشير طبيباً يخاف الواحد الديان، ومرحباً بك في موقعك مع الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يملأ قلبك بالطمأنينة والإيمان، وأن يبعد عنك السيئ من الخلان.

ولا شك أن لترك التدخين آثاراً عظيمة على المدخنين، ولكن الإنسان يتغلب عليها بقوة الإيمان وصدق العزيمة، كما أن تلك الآثار أكبر دليل على خطورة الوقوع في معصية التدخين، التي لها آثار سلبية وأعراض انسحابية خطيرة على الإنسان، وهذا مما اتفق عليه أهل الكفر، وأهل الإيمان.

وقد توصل أكثر من خمسين أمريكي قبل عشرين سنة إلى الأخطار الحقيقة للتدخين، وخرجوا بتوصية طالبوا فيها بوضع السجائر في لائحة المخدرات، ومطاردتها أمنياً، ولكن تلك التوصيات لم ترَ النور؛ لأنها تصادم مصالح الكبار، والتجار الذين لا هم لهم إلا الأرباح، حتى ولو كان الثمن هو ضياع البشر وهلاكهم، وليت المدخن المسلم أدرك أن دولة أوروبية كافأت شركة لأنها تصدر للبلاد الإسلامية نوعية من السجائر نسبة السموم فيها عشرين ضعفا عن نفس النوع الذي يطرح في بلادهم، وهذا دليل آخر على أننا نحارب في طعامنا وشرابنا ودوائنا؛ فهل من معتبر؟ وهل من متفكر في قول الله سبحانه:( وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران:118]؟

ولا أظن أن في شرب بعض الأطباء للدخان دليلاً على أن الضرر في الدخان مأمون، فكم من طبيب يسير بنفسه نحو الهاوية، وكم من رجل تعلم العلم ولم ينتفع بعلمه، وأرجو أن تعلم أن أهم ما يعينك على ترك الدخان بعد توفيق الله ما يلي:

1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- إدراك خطورة الاستمرار في طريق التدخين من الناحية الشرعية والصحية، والمادية والاجتماعية.

3- ضرورة كف الضرر عن أحب الناس إليك، وهم أهلك، فإنهم مدخنون سلبيُّون أكثر منك ضرراً من شربك للدخان، وتماديك في العصيان.

4- أهمية البحث عن رفقة صالحة، فإن بعض الناس يترك الدخان، ويظل في صحبة المدخنين، وهذا غالباً ما يحصل له الانتكاس.

5- شغل النفس بالمفيد والتفكير في أحوال من لا يدخنون، وكيف أنهم ينعمون بالهدوء والسعادة، ولم يجعل الله سعادتنا في شيء حرمه علينا.

6- الاستفادة من الإرشادات الطبية في هذا المجال.

7- إيجاد بدائل مثل العلك أو السواك، وغيرها من الحلول كلما تذكرت السيجارة.

8- المواظبة على ذكر الله والتعوذ بالله من الشيطان.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة أن تكون لك عزيمة وإرادة، واعلم أن المسلم الذي ترك طعامه وشرابه لله -أثناء الصيام- يستطيع بسهولة أن يترك مثل هذه الأشياء، فاصدق في نيتك، وأخلص في رجوعك، واستعن بالله وتوكل عليه، ومرحباً بك في موقعك وفي صحبة آبائك وإخوانك... نسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً