الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطريقة الشرعية المثلى في التعامل مع المحيطين بالإنسان سواء أحسنوا أو أساءوا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعامل الناس بالطيب والحسنى، وهم يقابلون معاملتي بالإساءة، وهم يتظاهرون أمامي أنهم معي ولكن من خلفي يخونونني، ولا أعرف السبب في ذلك مع أني شديد الشخصية، فماذا أفعل مع معاملتهم السيئة؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك ما جازيت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، ولا قابلت معاملة المسيء بأفضل من الإحسان إليه ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))[المؤمنون:96]، وقال تعالى : ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ))[الأعراف:199].

والكمال أن يعطي الإنسان من حرمه، وأن يعفو عمن ظلمه، وأن يصل من قطعه قال تعالى: ((وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى))[البقرة:237]، ولا يخفى على أمثالك أن كل إنسان ينفق مما عنده، فلا تحملنك سوء معاملة الناس إلى مقابلة ذلك بالمثل، واعلم أن الواصل ليس بالمكافئ، وأن رد الشر بمثله ما هو إلا إضافة شرٍ إلى شر.

ونحن ننصحك بالاستمرار على الطيبة والمعاملة الحسنة، وكن واثقاً بأن الجزاء من الذي يعلم السر وأخفى، ولا تعطِ الشيطان فرصة باتهام إخوانك وزملائك في نياتهم، والتمس لهم الأعذار، ولا تحملن كلمة أحدهم على السوء وأنت تجد لها في الخير محملاً، وإن لم يتضح لك مقصدهم فقل هم ينوون الخير لكنهم لم يوفقوا إليه، وكم من مريدٍ للخير لا يصيبه، وإن كانت الأخرى ومكروا بك فاعلم أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

ولا يخفى على أمثالك أن وجود الإنسان في جماعة له ثمن؛ لأنه سوف يقابل أصنافاً وأشكالاً، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.

ولست أدري ماذا تقصد بقولك (شديد الشخصية)؟ ولكن الرفق هو المطلوب، وقد قال الله لنبيه ومصطفاه: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ))[آل عمران:159]، يعني فاعف عنهم إن أخطئوا واستغفر لهم إذا تجاوزوا وشاورهم شورى تطيب بها قلوبهم، والإنسان لا يستطيع أن يسع الناس بأمواله ولكن من السهل أن يسعهم بحسن خلقه وبسطة وجهه.

وقد أحسن إليك من أظهر لك الود، وإنما لك من الناس ظواهرهم والسرائر علمها عند الله جل وعلا.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله جل وعلا ثم بضرورة البحث عن الأخلاق الفاضلة والتأسي بمن مدحه ربه فقال: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))[القلم:4]، ونسأل الله جل وعلا أن يسهل أمرك وأن يلهمك رشدك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً