الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دور الفراغ والإعلام المدمر في انشغال الشباب بقضايا الحب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌ تونسي، أُدعى (نعيم) وأبلغ من العمر (20 سنة)، أرغب في طرح مشكلة أمر بها إلى ساعة كتابة هذه السطور، وأرجو منكم النصيحة، وهي كالآتي:
تعرفت على شابة أُعجبت بها منذ (5 سنوات)، لكني لم أعر الأمر اهتماماً لكونها لم تبالِ بذلك، وتحول إعجابي بها إلى حب خلال المدة الأخيرة عند اكتشافي أنها تبدي اهتماماً ملحوظاً بي، مما جعلني أفكر جدياً في مصارحتها بالأمر، لكني فوجئت بصديق عزيز علي يعرض عليها أن يخطبها، عند ذلك بدأت قصتي معها.

أعلمتني بالأمر مبديةً رفضها للأمر، مما جعلني أصارحها بحقيقة مشاعري تجاهها، مما جعلها تأمل في تلافي حدوث الخطبة، لكن لا تأتي الرياح بما تشتهيه السفن، وفي الأسبوع الذي يسبق الخطبة، تطورت علاقتنا أكثر وصار الحب متبادلاً، وتعاهدنا على أن نتعاون في حل هذه المشكلة.

وفي نهاية الأسبوع وقعت الخطبة لكن ذلك لم يمنع من مواصلة اتصالنا عبر الهاتف لتبادل الهموم والأحزان، وبالرغم من اتصاله بها يومياً بالهاتف ومجاراته في الحديث، وفي هذه الأثناء كنت متردداً بين أن أنصاع إلى ما يمليه علي قلبي في مواصلة التمسك بفتاة أحلامي أو أن أستجيب لصوت العقل وأبتعد عنها لأجل سعادة صديقي، إلى أن علم هذا الأخير بالأمر عن طريقها متذرعة بمضايقتي لها حفاظاً على شرفها، مما خلق عداوة بيني وبين صديقي نتج عنها مقاطعته لي، ومما زاد الطين بلة إخبار هذا الأخير والد الفتاة بحقيقة الأمر.

وقد تحولت تصرفاتها ناحيتي إلى عدم المبالاة بالرغم من مواجهتي لجميع الأقاويل، ولكم أن تتصوروا الوضع الذي أصبحت عليه.

ولثقتي في رجاحة آرائكم أرجو منكم المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ نعيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للحق، وأن يوفقك للذي هو خير، وأن يجعلك من المتفوقين في دراستك، وأن يرزقك بعدها بزوجة صالحة.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأرى أن الفراغ الذي تعاني منه أنت وكثير من إخوانك الشباب وكذلك هذا الانفتاح الإعلامي المدمر هو السبب وراء تفكيرك في هذا الأمر مبكراً وبهذه الصورة، ولو أنك تحمل هماً من الهموم الجادة يا ولدي لما وجدت لديك أي فراغ للتفكير في مثل هذا الأمر، وخاصةً أنك ما زلت طالباً، وأمامك مشوار طويل حتى تنتهي من دراستك، والأمة المسكينة في أمس الحاجة إليك عالماً كبيراً تدافع عنها وتثبت للعالم فيها أنها خير أمة بشبابها العمالقة الكبار الذين لديهم القدرة على تغيير النظام العالمي بالحجة والبرهان والدليل، فهذا هو ميدانك الحقيقي ولدي نعيم، أما هذه الفتاة فهي كغيرها من الفتيات تبحث عن الشاب الجاهز، وتريد الستر وتأسيس أسرة مستقرة تساهم في إسعاد نفسها وزوجها والآخرين، فلا تحزن عليها ولا منها، فإن تصرفها طبيعيٌ جداً، بصرف النظر عن كونها اختارت هذا الطريق بإرادتها أم فُرض عليها ذلك، فارفع نفسك للسماء عالياً، وخذ نفساً عميقاً وأخرجه بهدوء من فمك، وقل: اللهم أعني على تجاوز هذه المحنة، واشرح صدري للذي هو خير، واخلفني خيراً منها، ولا تلقِ بالاً لهذه التصرفات وردود الأفعال الجانبية؛ لأنها شيءٌ عاديٌ في مثل هذه الأمور، وكن شجاعاً وقوياً، وادع الله لها أن يوفقها في حياتها الجديدة مع صديقك، وترفّع عن الدنايا والصغائر، وهذا شأن العظماء يا ولدي، فلمَ لا تجعل نفسك منهم؟ ولا مانع من طلب العفو والسماح من صديقك دون أن تبين له طبيعة العلاقة السابقة حتى لا تُفسد عليها حياتها، فإن قبل عذرك فهذا هو المطلوب، وإلا فلا تشغل نفسك به أو بغيره، وعُد إلى الله، وتوكل عليه، واجتهد في دراستك حتى تكون عظيماً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً