الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خبرة الأم في تربية أبنائها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تقرؤوا رسالتي حتى آخرها وتوجهوني التوجيه الصحيح؛ لأني لو لم أحتج إلى نصيحتكم لما لجأت إليكم.

كنت منذ طفولتي فتاة وحيدة هادئة خجولة جميلة، لا أحب مخالطة الناس كثيراً، أرى بأنهم كثيرو الكلام أحياناً من منطلق إسلامي، أرى أن الجلوس معهم مضيعة للوقت، فهم في أحاديثهم هذه سيغتابون الناس كثيراً، وبعضهم يرى في عروساً جميلة فأكره أن أجلس معهم؛ لأنني أكره خطبة النساء، أحلم بأن ألتقي فارس أحلامي أُخاطبه ويخاطبني ( طبعاً في حدود الشرع) لكن بدون تدخل النساء.

وفعلاً تحقق ما حلمت به، فتزوجت إنساناً أحبه ويحبني، ورُزقت منه بولد والحمد لله، لكنني صُدمت بالأطفال حديثي الولادة ومشاكلهم ومشاكل الإرضاع، وتعبت من قلة النوم وعدم انتظام وقت طعامي الذي صرت غالباً ما آكله بارداً، حيث يصادف وقت رضاعة ابني أو بكائه بلا سبب، وسبب هذا أيضاً أنني لم أر طفلاً يربى أمامي، لا أعلم أن الطفل مسئولية كبيرة ومجهدة، وقد كنت المدللة طوال حياتي، فنشأ عندي شعور انزعاج من طفلي في البداية، والآن يوماً بعد يوم يتحول هذا الشعور أحياناً إلى كره له ولطلباته حيث أصبح عمره الآن ثلاث سنوات .

سافر زوجي للدراسة وأنا متضايقة جداً الآن من بعده، حيث صار له الآن أكثر من سنة هناك.

أحياناً أشعر بالحب الشديد لابني لكن في أغلب الأحيان أتضايق منه ومن طلباته التي لا تنتهي، أشعر بأني أم لا تستطيع تحمل المسئولية، أمٌ وحيدة تتحمل عبء التربية والعمل، أشعر بالفراغ العاطفي لكنني أُظهر أنني متماسكة، أتمنى كثيراً لو أن زوجي بجانبي ليربيه معي ويتحمل عبء تربيته معي .

كنت أحب الأطفال في صغري لكن الآن عندما ينظر أي طفل إلى عيني أميل عنه نظري، أشعر بأني غير قادرة على تربية الأطفال، لا جلد لي على تربيتهم، ليس عندي طول بال عليهم، أنا عصبية، أتمنى لو يستطيع ابني تربية نفسه بنفسه على ألا أتدخل فيه ولا أنزعج من طلباته أو ألا يسمع كلامي، أريد الهدوء والعيش بهدوء.

لكن من ناحية أخرى أرغب في أن يكون ابني متميزاً في المستقبل ورجلاً نشيطاً وذكياً، وأن يحبني وأحبه وأفتخر به، لكنني أعرف أنني لا أبذل أي جهد في سبيل ذلك، أرى أن حياة الأم تنتهي عندما تبدأ حياة أطفالها!!

أنا متأكدة أن زوجي سيرغب بإنجاب أطفال آخرين لكنني وكما ترون غير مؤهلة لأن أكون أماً، ولا أريد أن يكتشف زوجي ذلك أبداً، فأنا أحبه كثيراً، فهو الإنسان الوحيد الذي أحببته على هذه الأرض، فكيف أقنعه بعدم إنجاب أطفال آخرين، كيف؟

ومن جهة أخرى أشعر بالإثم وأخاف كثيراً من أن يحاسبني الله على أفكاري هذه.

أدعو الله أن يلقي محبة ابني في قلبي وأرجو أن يتقبل الله دعائي.

ساعدوني، دلوني وأرشدوني كيف أحب ابني؟ وهل سأكون أماً صالحة وزوجة يحبها زوجها ويقدر لها تعبها في تربية الأولاد دون أن أُغضب ربي؟

أرجوكم ساعدوني، أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فلانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع! ونسأل الله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك على تربية ولدك تربيةً صالحة موفقة، وأن يحبب إليك إنجاب الأولاد حتى تكونين أماً لكثيرٍ من الصالحين والصالحات، الذين يخدمون الإسلام .

وبخصوص ما ورد برسالتك، فلقد أجبتِ على نفسك بنفسك، فالمشكلة تكمن في انعدام خبرتك نظراً لكونك وحيدة ولم تشاهدي طفلاً يُربى أمامك، وهذه هي المشكلة، ولعل ما كبرها وضخمها أيضاً أنك موظفة ويأخذ منك العمل بعض الوقت والجهد، وفوق ذلك كله غياب زوجك عنك، وهذه كلها أمور سُتعالج نفسها بنفسها مع الوقت، وسوف تكتسبين الخبرة في التربية مع تكرار الحمل والإنجاب، ودائماً فإن المولود الأول يكون هو المزعج في تربيته؛ نظراً لانعدام خبرة الوالدين، ولحرصهم الشديد، ولكونهم ما زالوا شباباً لديهم بعض العصبية الشبابية، ولكن مع الأيام يتغير هذا كله، وتُصبح الأمور عادية، وتشتد الرغبة لإنجاب مزيدٍ من الأطفال، ولقد شاء المولى جل وعلا أن يعطينا درساً عملياً عن دور الآباء والأمهات في تربيتنا من خلال تربيتنا نحن لأبنائنا، فمهما حاول الواحد منا أن يتعرف على مدى تضحية الأم أو الأب لا يمكن أن يصل إلى ذلك بمثل هذه التجربة العملية المرهقة، حتى نقول ومن أعماق قلوبنا وفي كل دقيقة (( رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))[الإسراء:24] وكونك تتصورين أنك لا تحبين ولدك، هذا مجرد وهم؛ لأن الله زرع محبة الأبناء في قلوب الأمهات والآباء بالفطرة، حتى وإن شعرت الأم بنوعٍ من الفتور أو الضجر وعدم الرضى، فهذه كلها لا تنافي الحب الفطري الذي فطرها الله عليه، وأنصحك باقتناء بعض كتب التربية الهادفة التي تناسب سن طفلك، وتجعلك قادرة على التفاعل معه، وتربيته تربية إسلامية مرشدة، وتؤهلك لاستقبال غيره من إخوته مستقبلاً، فإن مشكلتك الأساسية فقط في انعدام الخبرة، وهذه سوف تكتسبينها مع الأيام، فلا تنزعجي، وأكثري لولدك من الدعاء بكل خير، ولزوجك أن يرجع إليك سالماً، ولنفسك أن تكونين أماً مثالية صالحة وزوجة موفقة ناجحة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً