الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس قهرية دينية بسبب أن من يتقدم للزواج أصغر سناً مني

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 36 عاماً، متدينة والحمد لله، وقد أديت فريضة العمرة 7 مرات، وأسأل الله أن يتقبلها مني، أؤمن إيماناً تاماً بأن الله إذا رضي على عبده ييسر له أمره، خُضت تجربة خطوبة فاشلة قبل سبع سنوات، وطُلقت قبل الزفاف لاكتشافي أموراً تنافي ديني، مثل عدم تحمله المسئولية، وعدم إبلاغي بمرضه (سرطان في العظم) كل أمنيتي أن يكتب الله لي الستر والزواج في هذه الدنيا، وأن يكون حسب الأصول، ولكن وبحكم عملي المختلط (وظيفة حكومية) لا يتقدم لي إلا الشبان الذين هم أصغر مني سناً، وعندما يعرفون بالعمر يتفاجئون ثم يطلبون أولاً التقابل قبل مجيئهم منزلنا (عندنا في الأردن يظن الشاب أنك إذا دخلت البيت ولأول مرة لخطبة فتاة يجب أن تكون موافقة عليك، لذلك يجب أن يتعرف عليها جيداً قبل دخوله منزلها بعكس عاداتنا في سوريا) فأنا شامية الأصل وخليجية المولد والتربية، وأعيش حالياً في الأردن، الأمر الذي وضعني في حيرة أمام انتقاد كل من حولي بأني شديدةٌ في الدين، وغير مواكبة لتطورات العصر، وأن المطلوب مني أن أقابلهم بما يرضي الله، وبعد أن خضعت لآراء من حولي وفتحت عن نفسي الحصار الذي فرضته على نفسي بعد فشلي بخطوبتي قابلت شاباً ووجدت نفسي أقع في صراع بين رضا الله وبين تطورات العصر، وخصوصاً بأنه لم يبق لي من الوقت للزواج والإنجاب، وسؤالي: هل غضب علي ربي، خصوصاً بأن هناك 4 شبان أصغر مني سناً، والكل له نية الزواج، والكل يقول بأنني لست كالأخريات؛ لالتزامي بالأخلاق الحميدة وتمسكي بالعفاف، وبأني أصغر من عمري، لدرجة أني أصبحت أشك في نفسي وأجد نفسي مخادِعة؟ وما أذهلني هو ملاحظة الطبيب وهو يقول لي: هل أنتِ متأكدة بأن عمرك 36 عاماً? هل هذا عقاب من ربي؟

كل ما أتمناه هو أن يسترني ربي، ولكن مع ديني وكثرة تقربي لله أجد نفسي محبوبة أكثر للشبان الصغار، الأمر الذي يشعرني بأني معاقبة في الدنيا ولن أُستر فيها أبداً، لقد أصبحت أكره نفسي وأخاف أن أفقد ثقتي بالله، وأدعو الله أن يثبتني على دينه، والمشكلة أن الكل يقولون بأني شيخة -وأنا بريئة بدرجة كبيرة- لكثرة تديني وتمسكي بالمبادئ الحميدة، وما أشعر به حقاً هو أني كافرة خصوصاً عندما أحزن كثيراً من وضعي أعاتب ربي بشده، ولشدة يأسي أضعف وأفقد الثقة خصوصاً عندما يوسوس لي الشيطان أن أخلع الحجاب، وأن ربي لا يحبني بدليل عدم الاستجابة لطلبي، وخصوصاً أني شديدة في الدين والالتزام بالعفة والأخلاق، ثم أمضي بقية الليالي أقيم الليل وأبكي عسى أن يقبل الله توبتي، ثم أضعف وتتكرر الأحوال أكفر وأتوب وأوعد بأني لن أعود ثم أيأس وأعاتب، ويزداد شعوري بأني لن أُستر في هذه الدنيا، وبأني يجب أن أكون كالفتيات حتى تسير أموري (أستغفر الله العظيم) لأني ما أريده هو الصواب، أريد التوبة فقط، وأن يرضى الله عني، وييسر لي أمري.

هل أنا كافرة فعلاً؟ ولماذا لا يرضى الله عني؟ فإن كل ما أفعله هو الصواب ومع ذلك لا أحصل على ما أريد .

هل هذا عذاب من ربي؟ فقد تقدم لي من هم أصغر مني بـ 10 سنوات و7 سنوات و8 سنوات و5 سنوات و3 سنوات، لدرجة أني أصبحت أشك في نفسي كثيراً .
أرجو المساعدة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة / المستنجدة بالله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع! ونسأله جل وعلا أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يعجل لك بزوجٍ صالح يكون عوناً لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فأرى أنك أعطيت الأمور أكبر من حجمها، حتى وصلت إلى الحالة التي أنتِ عليها، وحكمتِ على نفسك بالكفر والضياع، وهذا كله نتيجة طبيعية لتضخيم المشكلة، رغم أنها طبيعية وسيحلها الله قريباً بحوله وقوته إن شاء سبحانه، واعلمي -حفظك الله- أن الله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه المقادير والأرزاق موضوع الزواج، فما أراده الله فلا بد أن يكون ويحدث، وما لم يرده فلم ولن يحدث أبداً، فلابد للمسلم أن يسلم لمراد الله، وأن يرضى بقضاء الله، وأن يعلم أن ما قدره الله هو الخير كما ورد في السنة: (الخير كله في يديك والشر ليس إليك) وما عليك إلا الدعاء والإلحاح على الله أن يرزقك زوجاً صالحاً يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وتنعمين معه بحياةٍ إسلامية هادئة هانئة، فأكثري من الدعاء، ولا تشغلي نفسك بمن يتقدم أو يتأخر، فإن نصيبك سوف يأتيك ولو في آخر يوم من الحياة، فعليك بالدعاء، وخاصة بالليل، وتوقفي عن عتاب ربك ومولاك، واعلمي أن الله لا يضيع أهله، وأنك ما دمت مسلمة صالحة ملتزمة بالإسلام فإن الله يحبك، والمحب لا يعذب حبيبه أبداً، فأحسني الظن بالله، وأكثري من الدعاء، واجعلي الرضى والتفاؤل يملأ عليك حياتك، واتركي عنك الخوف وحمل الهموم، فإن ذلك يضر ولا ينفع، وسوف يأتيك فارس الأحلام الذي قدره الله لك ليطرق بابك بعيداً عن أي مخالفة شرعية.

وأما بالنسبة للشباب الذين تقدموا إليك، فأرى أن تستخيري عليهم، وأن تقبلي الأقرب إلى سنك؛ لأن ذلك أنسب وأوفق، ولا تنزعجي من تقدم الشباب الأصغر منك سناً إليك؛ فهذه مسألة عادية جداً، ولكن لا أنصح إلا بالأقرب إلى سنك؛ حتى يسهل التفاهم بينكما مستقبلاً، وثقي بالله، وأحسني الظن بالله، وأكثري من الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مع كثرة الاستغفار، وعما قريب سيطرق بابك الشخص الذي اختاره الله لك.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً