الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعف ثقة الإنسان بنفسه وأثر ذلك على مستقبله وزواجه

السؤال

السادة الأفاضل! بعثت إليكم قبل قليل رسالة ذكرت لكم فيها أني مصاب بحالة خجل مرضي، وهذه رسالة ثانية حول نفس الموضوع، ولكن في اتجاه آخر: فأنا أبلغ من العمر 39 عاماً، ولم أتزوج للأسباب التي ذُكرتْ.

سؤالي هو: هل قصرت في حق نفسي؟ وهل أخطأت الطريق، أم أن الله لم يقدر لي الزواج بعد، وجعل لكل شيء سبباً؟ لست من القدرية، وأعلم أن الإنسان يجب عليه السعي في هذه الدنيا، لكن سؤالي هو: هل أنا متحملٌ كامل الذنب، أم أن القدر يغلب على الإنسان؟

أنا آسف على هذا التخبط، لكن معاناتي كبيرة، وأملي بالله ثم بكم، فأنا لا أستطيع النوم بسبب هذه المسألة، ولا أجد جواباً مقنعاً عند أحد،

أفيدونا جزاكم الله خيراً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن معرفة الإنسان لقدر نفسه هي منبع ثقته بذاته، ومن ثم لابد أن يتجنب الإنسان المبالغة في تقدير ذاته أو المبالغة في التقليل من شأنها، وكل واحد منا يحاول أن يبحث لنفسه عن أسلوب معين يستطيع به أن يكسب تعاطف الآخرين في أحاديثهم وتعليقاتهم، وأن يوجه كلماته وتعبيراته في الوقت المناسب وبالكيفية الملائمة للموقف.

نحن نريدك أن تكون شخصاً إيجابياً وليس سلبياً، فالشخص الإيجابي هو الذي يأخذ بزمام المبادرة في حياته ويعترف بمسئولياته الكاملة عن أفعاله وتصرفاته، بينما يتأثر الشخص السلبي بالظروف المحيطة وبآراء الناس فيه، ويشقى إذا انتقده أحدهم، وليس معنى الإيجابية أخي جمال أن تكون هجومياً أو لحوحا، أو عديم الذوق عند التعامل مع الآخرين، بل يعني أن يكون تفكيرك مقداماً تؤثر في الناس وتتأثر بهم، وربما خجلك هذا هو الذي منعك وصدك عن الزواج، وأنت تستطيع أن تتخلص من هذا الخجل ولكن لابد من شرطين اثنين هما:

1- لابد أن تكون مقدراً لذاتك تماماً وقدراتك ومهاراتك، ولا تُبالغ في مدح نفسك، ولا تنقص من مقدارها، والمؤمن الصادق هو الذي يعرف قدر نفسه وينزلها المنزل الصحيح.

2- أترك عندك قوة الإرادة، ولا تستسلم للخجل، وحاول أن تواجه الصعوبات والمشاكل بقوة الإرادة، ولا تدع لصوص الطاقة يستحوذون على أفكارك وذهنك، واندمج مع الآخرين، وشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، وهذا بإذن الله تعالى يزيدك ثقةً في نفسك فتتخلص من الخجل تدريجياً.

أما عن سؤالك عن تأخير الزواج، فإذا كان لعذر مرضي فهذا خارجٌ عن إرادتك، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام قضاء الله وقدره، وأما إذا كان بدون عذر وإنما رغبةً من نفسك فهذا غير مقبول ومخالفٌ للسنة النبوية المطهرة، والنبي عليه الصلاة والسلام يأمر الشباب أن يُقدموا على الزواج بقوله: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإن له وجاء) أي: وقاية من الفساد والوقوع في المحرمات، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا أنت الذي تحكم على نفسك أخي جمال، فأنصحك نصيحة أخ محب لأخيه أن تبادر بالزواج؛ فإنه سكنٌ لك وأمن، وبإذن الله تعالى ستتخلص من كل هذه الأفكار التسلطية الانهزامية.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً