الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميل للعزلة وأحلام اليقظة

السؤال

السلام عليكم.

لا أعرف من أين أبدأ في شرح معاناتي وضياعي.
أيها الإخوة! إنني مدمر كلياً وأحس بالفشل في حياتي وأحس بالضياع والتعب والهم والكدر، والسبب هو أنني لا أستطيع أن أعيش ولا لحظة بالواقع، لا أستطيع التفكير مطلقاً حتى في أشد الأوقات صعوبة وحساسية.
أيها الإخوة! لقد تعودت العيش في أحلام اليقظة البعيدة جداً من الواقع لا أساس لها من الحقيقة إنما هي من بحور الخيال! حيث إنني قد تعودتها منذ أن كان عمري 13 عاماً، واليوم عمري 23 عاماً، ولقد أثرت في تأثيراً كبيراً جداً حيث إنه يوجد فرق كبير بالمستوى الثقافي والمعرفي بيني وبين زملائي، حيث إنني الآن جاهل في كل شيء، لا أعرف حتى الواقع والبيئة المحيطة بي فضلاً عن الأمور الثقافية والمعرفية الأخرى، والتي تتطلب بحثاً!
كما أثرت في علاقاتي الاجتماعية حيث إنني أميل إلى العزلة للعيش في هذه الأحلام، وأيضاً أثرت في مستواي الدراسي حيث تخرجت بصعوبة بالغة جداً بتسلسل الأخير في كلية الهندسة، مع العلم أني ذكي والجميع يعرف ذلك ولكن اليوم حتى الذكاء والعقل الذي كنت أحس أنه يميزني عن الآخرين قد فقدته بسبب هذه! إني لا أستطيع التفكير، صدقوني! إن حياتي اليوم هي جحيم أقضيها بين الأحلام والنوم الكثير والعزلة عن الناس حتى لا يشعروا بجهلي! أرجوكم ساعدوني في الخلاص منها، وهل من الممكن أن أتخلص منها؟ وهل من الممكن أن أتدارك ما مضى وأن أصبح شخصية مميزة علمياً وثقافياً؟ وكيف ذلك؟
علماً أن عمري الآن 23 عاماً، أنا في الحقيقة أحس أن القطار فاتني، ولا يمكن اللحاق به، كيف اللحاق به وأنا أجهل مهنتي، ولا أتكلم أي لغة أجنبية، ولا أعرف استخدام الحاسوب!؟ صدقني لا أجيد سوى فتح وغلق الجهاز ومعلومات سطحية عنه، بالإضافة إلى جهل بكل أمور الشريعة والثقافة من تاريخ وغيره من العلوم والفنون الأخرى! أرجوكم ساعدوني وأنقذوني من حياة الضياع والتيه والجهل والملل.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

لا شك أن التقييم السلبي للذات هو الذي يُسيطر على كيانك وتصرفاتك، وهذا شيءٌ غير محمود، فالإنسان مُطالب بأن يعرف قيمة ذاته، ويقبلها، ثم يسعى لتطويرها، ولا يمكن أن نطور من ذواتنا إذا لم نضع هدفاً معقولاً لذلك .

الأشياء التي تذكرها من سلبياتٍ -يا أخي- علاجها بيدك، وهو أن تضع هدفاً معقولاً ومقبولاً ووسطياً، ثم تأخذ بالأسباب والسُبل التي يمكن أن توصلك لذلك، فمثلاً إذا أردت أن تعرف عن الشريعة وعن الدين، فالوسائل كثيرةٌ جداً ومتوفرة، وبسهولةٍ شديدة، فيمكن لك أن تجالس العلماء، وتتحصل على الكتب والأشرطة، وتصلي مع الجماعة، ويكون لك وردك القرآني، هذه كلها سبل .

الشيء الآخر، أنت ما دمت قد تخرجت بفضل الله من كلية الهندسة، مهما كان معدلك، فهذا الإنجاز في حد ذاته شيءٌ عظيم وشيءٌ إيجابي يمكن على ضوءه أن تطور من مهاراتك، وتبحث عن العمل الذي من خلاله تستطيع أن تفجّر طاقاتك الجديدة فيه.

عليك -يا أخي- أن لا تركن لنفسك وتتكاسل، فاجتهد وابدأ في التدرج، وسوف تصل إلى هدفك إن شاء الله .

ربما يكون أنك أيضاً مصاب بشيء من الإحباط أو الاكتئاب البسيط، وهنا أود أن أنصح لك بدواء يعرف باسم بروزاك، تتناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولةٍ واحدة لمدة شهرين أخريين، وسوف تجد بإذن الله تعالى أن هذا الدواء قد حسّن لديك الدافعية والإقدام على فعل الأمور، وقلل أيضاً إن شاء الله من أحلام اليقظة، فقط عليك أن تنهض بنفسك .

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً