الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحزن والاكتئاب من جراء العنوسة ومعاملة البيت .. معاناة فتاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عاطلة وغير متزوجة، ولدي أخوات أكبر مني وأصغر مني متزوجات وجامعيات، وأعاني هذه الأيام من حزن شديد وضيق وبكاء وكثر التفكير في الوظيفة، لأنني أريد أن أنفق على نفسي؛ لأن أبي لا يعطينا مصروفاً إلا إذا طلبنا منه، ولا أحب أن أجتمع مع أهلي وأفضل الجلوس وحدي، وأحس بأني حساسة جداً وعصبية لأتفه سبب، وأشعر بغيرة من أخواتي، حيث إن أمي قالت لي ذلك، ومن قبلها جرحني أبي بكلمة عندما كان غاضباً مني وقال: إنها تريد زوجاً ولم يأتها أحد، ماذا نفعل لها؟! قالها لأمي وأنا سمعته، سامحه الله وحفظهما، فأصبحت هذه الكلمة تتردد في ذهني وصرت أفكر فيها وأبكي .. وقد وصفتم لي علاج اللوسترال واستعملته عشرة أشهر وتحسنت، ثم تركته منذ خمسة أشهر.

فأرجو منكم مساعدتي، وفقكم الله وجزاكم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا أريدك أن تطلقي على نفسك اسم الحزينة، حتى وإن كنت لا تريدين أن تفصحي عن اسمك الحقيقي من خلال هذه الرسالة فيمكنك أن تستعيري اسماً آخر، ربما يكون ذكرت اسم الحزينة من أجل أن نهتم بحالتك، وأنا أقول لك بأننا نهتم بجميع الرسائل التي تأتينا، وأعتقد أنها ستكون بداية طيبة إذا تم استبدال هذا الاسم المستعار باسم آخر، هناك معان كثيرة طيبة يمكن استعمالها، وهذه الرمزية - استعمال كلمة الحزينة - لها معان ولها تبعات كثيرة جدّاً كلها سلبية على صحتك النفسية، فأرجو أن تضعي صورة إيجابية عن نفسك، وأرجو أن تتذكري أن الله قد أنعم عليك بنعمة العلم، وأنه لديك أسرة مهما كانت هنالك سلبيات في التعامل من جانب الوالد، فهذا الذي ذكرته من كلمات جارحة أعتقد ليست بهذا السوء أو الحجم أو الضخامة، أنت حساسة بعض الشيء، لذا تفكرين في كل ما يقال لك بصورة عميقة وقلقة، وهذا يجعلك تؤولين الأمور وتخرجيها عن نطاقها الطبيعي.

أنا لا أقلل أبداً من مشاعرك ولا أقلل أبداً ما أنت فيه، ولكن أقول لك وضع الصورة الإيجابية عن الذات والحكم عن النفس بصورة متفائلة دائماً أفضل، وهذا يقود إن شاء الله إلى تغيرات نفسية تكون طيبة وجيدة وتحسن من مزاجك.

بالنسبة للزواج والكلمة الجارحة التي ذكرها والدك، هذه ليست المرة الأولى التي أسمع هذا، فيظهر أن مثل هذه الكلمات تتداول في منطقة الخليج كثيراً، فقد عرض عليَّ الكثير من حالات مشابهة لحالتك، وإذا بدر أي خطأ حتى ولو كان بسيطاً من جانب الفتاة ولم تكن متزوجة فدائماً ما يظن الوالدان أن المشكلة الرئيسية لدى الفتاة هي الزواج، وهذا ليس صحيحاً، وكان المفترض بالطبع أن يقدر والدك مشاعرك ولا يلقي بهذه الكلمة، ولكن صدر منه لأنها كلمة متداولة اجتماعياً في المنطقة.

وعموماً والدك هو والدك، ويجب أن يُبر ويجب أن يعامل المعاملة الطيبة من جانبك مهما كانت الظروف، ولا شك أن التفاعل الإيجابي مع والدك من جانبك سوف يجعله أيضاً يتفاعل معك بصورة مرضية بالنسبة لك.

وبالنسبة لبحثك عن العمل فنسأل الله أن يسهله لك، وإن شاء الله تجدين العمل الذي يناسبك كفتاة مسلمة، ولا أريد أن يكون هدفك هو المال فقط، المال إن شاء الله موجود لديكم ومهما كان الوالد ممسكاً بعض الشيء كما ذكرت، فأعتقد أن الحاجات الرئيسية سوف توفر لك مهما كانت الظروف، لأنها مسبقاً كانت توفر لك. وهدفك من العمل يمكن أن يكون أيضاً لتطوير الذات ببناء المهارات الجديدة والخروج من الرتابة والروتين والضجر.. فأسأل الله أن يسهل لك هذا.

وبالنسبة للغيرة من الأختين أيضاً هو أمر موجود في كل البيوت، وأنت عليك أن تتفاعلي مع هذا الأمر بصورة أكثر إيجابية، سلي الله تعالى لك ولهنَّ الخير، وأعتقد تأويل الوالدين بأنك غيورة من أختيك قد لا يكون صحيحاً، هذه مجرد افتراضات ومجرد انطباعات موجودة في مجتمعنا وموجودة في بيوتنا.

أنصحك أيضاً بأن تذهبي إلى حلقات تلاوة القرآن، وهنالك مراكز كبيرة موجودة في المملكة العربية السعودية، وانخراطك في أي أنشطة اجتماعية وتطوعية أعتقد أنه سوف يوجه طاقاتك توجيهاً جيداً، ولا بأس أيضاً من أن تبحثي عن دراسة فوق الجامعية، هذا متيسر في المملكة، وأعتقد أن الدراسة أيضاً ستكون جيدة لتفريغ طاقاتك، وأن تشعري بالرضا، ولا شك أن التزود بمزيد من العلم هو أمر مرغوب وأمر طيب، ويعطيك إن شاء الله القدرة على تطوير ذاتك، ويبعدك عن الفراغ.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أرى أنه لا مانع من أن تواصلي على اللسترال مرة أخرى، وفي هذه المرة أريدك أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوماً بعد يوم لمدة عام مثلاً، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقفي عن تناوله.. هو دواء بسيط، وهذه الجرعة البسيطة التي نصفها هي من أجل الوقاية أكثر من العلاج، وأعتقد أن استجابتك سوف تكون طيبة كما كانت في الماضي.
ختاماً نسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، وأن ترزقي الزوج الصالح.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليمن ام ريتاج

    هذي نفس المشكلة الي أعاني منها اللهم أرزق بنات المسلمين الستر والعفاف انصحكي يا اختي بالصبر ولاتعتبري الزواج اهم شي بحياتي استمري في حياتك وتأكدي أن الله يستجيب دعوة الداعي أذا دعاه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً