الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سمات القلق وأثرها في الحيرة والخوف من الدراسة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: أحب أن أشيد بموقعكم المبارك والغني عن التعريف.

أريد أن أدخل في صلب الموضوع مباشرة، وأرجو من أخي المجيب أن يتمعن في الرسالة قبل الإجابة، وأن يرد لي بأقرب وقت ممكن.

كنت طالباً في المرحلة الثانوية وكنت من المجتهدين -ولله الحمد- وكانت تواجهني بعض المشاكل خلال الدراسة، وهي كما يلي:
1- الخوف الشديد والقلق الشديد من حيث تحصيل المواد.
2- القلق الشديد جداً جداً، وكذلك الخوف الشديد عند الامتحانات.

لهذين الأمرين صارت الدراسة مرة نوعاً ما، حيث إنها أتعبتني وأشغلتني وأرهقتني نفسياً، حاولت أن أجد حلاً لكني ما استطعت، فأرجوكم أن تعطوني حلاً شافياً لهذه المعضلة.

ثانياً: -أخي الحبيب- كما تعلم أن طلاب المرحلة الثانوية في آخر أيامهم الدراسية يكثر بينهم التحدث عن التخصصات الجامعية، فكانت تلك الأيام صعبة جداً علي، فكانت الأسئلة تطرح علي: ما هو تخصصك الذي تريده؟ وتكون إجابتي عن هذا السؤال الصعب (على حسب المعدل إن شاء الله)، ولكني لا أستطيع الإجابة، ليس على هذا فقط، بل عندما يسألني شخص عن المادة التي أبدع فيها وأحبها، هنا تكون الصاعقة، فلا أعرف حلاً لها، لأني مشتت، يعني لا أعلم ماذا أحب وماذا أكره، ولا أعلم كيف أعرف ماذا أحب وماذا أكره، ما سبب لي تعباً نفسياً لا يعلمه إلا الله وحده، أرجوكم ساعدوني.

ثالثاً: جاء وقت التخرج والفرحة زادت لدى الأهل والأصدقاء، فكانوا يباركون لي، وأهلي يعملون لي حفلة بهذه المناسبة، ولكني أنا كنت معهم بالبدن ولست معهم شخصياً، حيث إني كنت أفكر في شيء أبعد، وهو كيف سأختار تخصصي؟

المهم حانت أوقات التقديم إلى الجامعات، ويالها من أوقات، إنها أيام كئيبة بالنسبة لي، فكنت دائماً في حيرة، فعندما أسأل: كيف أختار التخصص؟ يجيبون: على حسب ما يميل إليه الشخص! ولكن لا أستطيع اكتشاف ما أميل إليه حتى الآن، حتى إني شعرت بالإحباط الشديد، فكيف لي بمعرفة ما أميل إليه من مواد وما أبدع فيه؟ أرجوكم ساعدوني.

مع ذلك كله التحقت بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ولكن لم أكمل عدة أسابيع بسبب خوفي الشديد من الفشل الذريع، بعد هذا أصبح كل من يقابلني يسألني عن سبب الخروج من الجامعة فأبرر له مبررات أخرى، كعدم الارتياح وغيره، ولا أذكر لهم السبب الرئيسي؛ لأني لا أريد أن أظهر ضعفي وهواني.

بعد ذلك عدت إلى الرياض، حيث أسكن والتحقت بدورة للغة الإنجليزية، وقد جلست أنتظر في البيت إلى السنة القادمة (هذه السنة) كي أبدأ بتقديم جديد، وقد حان الآن اقتراب الموعد، وأنا إلى الآن في حيرة شديدة، وخوف وقلق شديدين لا يعلمهما إلا الله، فأنا إلى الآن لا أعرف ما هو التخصص المناسب لي، وما الذي سأبدع فيه!

أصبحت الآن في حالة نفسية سيئة، والسؤال المكرر: كيف أختار تخصصي المناسب؟ أرجوكم ساعدوني من الهم الذي أنا فيه.

أرجو الرد سريعاً بحكم اقتراب موعد تقديم طلبات التخصصات، علماً بأن الذي يدور ببالي هو تخصص الهندسة والطب، لا أدري لماذا هما بالتحديد؟ لأجل مكانتهما في المجتمع أم لأني أحبهما، ولكني لم أستطع الإجابة عن ذلك، علماً بأني لم أبحث تقريباً عن باقي التخصصات لأني لم أقتنع بها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مشكلتك الأساسية هي أن شخصيتك تحمل الكثير من سمات القلق، والنواة القلقية لديك من الواضح أنها قوية، والقلق حين يزداد عن معدله يؤدي إلى التردد، والتردد يؤدي إلى الوساوس، والوساوس تؤدي إلى المزيد من القلق وهكذا.

أعتقد أن الأمر بسيط، ويجب أن تعرف أن مشكلتك هي القلق، وهذا القلق نتج عنه هذا التردد الوسواسي، ولذا قل لنفسك: (سأحقر هذا الوسواس، سأحقر هذا التردد، وأنا سأستخير كما أني استشرت).

من وجهة نظري فإن التعليم الآن يجب أن يوجه إلى حاجة السوق، بمعنى ليس رغبتك فقط، الرغبة نعم مهمة ويجب أن تقدر، ولكن فرص العمل والحاجة السوقية أعتقد أنها مهمة؛ لأن الكثير من الناس قد يختار بعض التخصصات وبعض التخرج يصاب بشيء من الإحباط؛ لأنه لم يجد فرصاً للعمل أو أنه لم يجد الفرصة التي تناسبه.

الذي أراه هو أن تحدد تخصصك حسب حاجة السوق، وأنا أرى أن العلوم الهندسية جيدة؛ لأن المجالات فيها كثيرة جدّاً، والتخصصات فيها كثيرة جدّاً، والطب لا بأس به، ولكن مشكلته أن مشواره طويل ومعقد، وأعتقد أن نسبة القلق التي لديك ربما لا تساعدك أبداً في هذا الاختيار.

أخي أقول لك: اختر الهندسة، وعليك أن تستخير، ويجب أن توقف هذا القلق المستقبلي، فنحن نجد البكالوريوس أصبح الآن شهادة أولية جدّاً، أنا لا أريد أن أحبطك أبداً، ولكن حتى الدراسة الجامعية أصبحت أمراً قد لا يقدم ولا يؤخر كثيراً، ولكنها مرحلة مهمة جدّاً. أنا لا أقلل من ذلك.

أخي الكريم: أدرس العلوم الهندسية ما دامت لديك الرغبة في ذلك؛ لأن المجالات فيها كثيرة جدّاً، وأدعوك أيضاً للاستخارة، ويجب أن تقول لنفسك: (لن أتردد؛ لأن ترددي أصلاً ناتج من القلق، وما الذي يجعلني أقلق، سأتخذ قراري الآن)!

إذا كانت المتاعب النفسية لديك شديدة والتوتر شديد خاصة في هذه الأيام، فأنصحك أن تتناول أحد مضادات القلق مثل عقار يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، تناوله بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) في الصباح، لمدة ثلاثة أيام، ثم اجعلها حبة صباحاً وحبة مساءً لمدة شهر، ثم حبة صباحاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

عليك أيضاً بممارسة تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة، ويا أخي أرجو أن تستشير من حولك، ولكن يجب أن لا تكون الاستشارة للدرجة التي تؤدي إلى المزيد من التردد.. أنت قمت باستشارتنا ونحن نشكرك على هذه الثقة الغالية، ولكن في نهاية الأمر ليس من الضروري أن يكون ما ذكرناه هو الأصلح والأدق.

أنا تقييمي للاختيار هو حاجة السوق والرغبة ورغبة من حولك، ودائماً أستعين بالاستخارة في كل أموري، فأرجو أن تحرص على ذلك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً