الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتأة في كل وقت إلا عند الانفراد بالنفس

السؤال

الســلام عليـكم ورحمـة الله وبركاته.

أعـاني من مشكلـة لم أجـد لهـا حـلاً نهـائياً، ألا وهـي مشكلـه التأتأة التـي ترافقنـي في كـل وقـت إلا فـي وقت واحد، وهو عندما أكون بمفـردي، فإن هذه المشكلة تختفـي وليـس نهـائياً لكـن نسبيـاً.

هذه المشكلـة تأتي تلقائيـاً ومفـاجأة - أي بمنتـصف الحـديث تبـدأ التأتأة -، حتـى بالمكـالمـات الهـاتفية تزداد المشكلـة بعـض الشيء، فهـل يوجد حـل لهـذه المشكلـة أو مـركز يـُعالج مثـل هذه الحـالات؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن التأتأة هي نوع من التعثر المعين في الكلام، وهي تختلف من إنسان لإنسان، وتكثر وسط الذكور، ونشاهدها أيضاً لدى بعض الأسر -أي أن الجانب الوراثي ربما يلعب فيها دوراً- ولا شك أنها مرتبطة بالقلق النفسي خاصة في الأوقات التي تتطلب أن يُخالط الإنسان مجموعة من الناس أو يخاطبهم، هذا هو باختصار المكونات الرئيسية للتأتأة.

بعض الناس يكون لديهم صعوبة في نطق أحرف معينة، والبعض قد يكون لديه صعوبة في بداية الكلام أو في استمراريته.

الذي أنصحك به هو أولاً: أن تحاول بقدر الإمكان أن تفصل مشاعرك من الطريقة التي تتكلم بها، بمعنى أن لا تجعل القلق يسيطر عليك في وقت الكلام، وقل لنفسك: (ليس هنالك ما يدعوني أبداً لأن أكون قلقاً، التأتأة موجودة ولكنها سوف تختفي، وأنا حين لا أركز عليها وحين لا أهتم بها وحين لا أعطيها انتباهاً سوف تقل، ولكن حين أشغل نفسي بها سوف تزيد) اجر مع نفسك هذه المخاطبات.

ثانياً: أرجو أن تحدد الأحرف التي تجد صعوبة في نطقها، وقم بكتابة هذه الأحرف، وكرر نطقها بصوت عالٍ، كما أنه سيكون من الأفضل أن تُدخل هذه الأحرف في كلمات ثم في جُمل، وبعد ذلك قم بنطق هذه الكلمات وهذه الجُمل، ويا حبذا لو قمت بتسجيل هذا التمرين، وبعد ذلك أن تستمع لما قمت بتسجيله، هذا وجد أنه يعطي ثقة كبيرة جدّاً.

ثالثاً: قم بالتحدث في موضوع ما بصوتٍ مرتفع، وتخيل أنك تخاطب مجموعة كبيرة من الناس، حاول أن تنقل خيالك بعمق كأنك تعيش الواقع، أي أنك فعلاً أمام مجموعة كبيرة من الناس، تحدث ببطء وبثقة، وقم بتسجيل ما تتحدث فيه من موضوع أو عرض لأمر معين، وبعد ذلك قم بالاستماع إلى ما قمت بتسجيله وما عرضته.

رابعاً: حاول أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، فهي جيدة ومفيدة، وهنالك عدة طرق لهذه التمارين، من أبسطها تمارين التنفس المتدرج، ولتعلم هذه التمارين: اجلس في غرفة هادئة أو اضطجع على سرير، ويجب أن لا تكون هناك ضوضاء، وأن تكون الإضاءة خافتة، أغمض عينيك، ابدأ بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) فكر في حدث سعيد، بعد ذلك خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء، وبعد ذلك أمسك الهواء قليلاً في صدرك، ثم بعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون ذلك بكل قوة وبطء. كرر هذا الشهيق والزفير بهذه الصورة خمس مرات متتالية في كل جلسة بمعدل جلسة في الصباح وجلسة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم جلسة يومياً لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وبعد ذلك يمكنك أن تمارسه عند اللزوم.

هذه هي التمارين الأساسية التي تُساعد -إن شاء الله- في القضاء على التأتأة، وهنالك تمارين أخرى مهمة، وهي: أن تتواصل مع أحد المشايخ ليعلمك مخارج الحروف وكيف تنطق بها، وكيف تربط بين التنفس والنطق، هذا وجد أنه مفيد جدّاً، وللفائدة أكثر عن العلاجات السلوكية للتأتأة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات (267560 - 267075 - 257722).

توجد أيضاً علاجات دوائية، فالأدوية المضادة للقلق وجد أنها تساعد كثيراً في القضاء على التأتأة، وسوف أصف لك دواء مضاداً للقلق والخوف الاجتماعي وكذلك الاكتئاب والوساوس، يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة -أي عشرة مليجرام- تناولها يومياً ليلاً، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة لمدة ستة أشهر أخرى، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بجانب الزيروكسات يوجد دواء آخر يُعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) تناوله في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

هذه الأدوية أدوية فعالة وسليمة وغير إدمانية، وكما تلاحظ فإن الزيروكسات سوف يكون هو الدواء الرئيسي، أما الفلوناكسول فسوف يكون هو الدواء المساعد.

ومن الضروري أن لا تراقب نفسك في وقت الحديث ومخاطبة الآخرين، وعليك أن تتواصل اجتماعياً، وعليك أن تقضي على المشاعر السلبية التي تتمثل في اعتقادك أن الآخرين يقومون بمراقبتك أو الاستهزاء بك أو شيء من هذا القبيل، فهذا غير موجود تماماً، وأنا أؤكد لك ذلك.

ويمكنك أيضاً أن تتواصل مع أخصائي التخاطب، والآن توجد في معظم المستشفيات وخاصة أقسام الأنف والأذن والحنجرة مراكز للتخاطب، ولا شك أن أخصائي التخاطب سوف يفيدك أيضاً بإرشاده الذي أسأل الله أن ينفعك به، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أم جودي

    جزاك الله خير
    إن شالله ينفع فيما كتبت

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً