الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل من الكلام عند الخطبة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب ملتزم، تربيت في عائلة ملتزمة، عمل والداي منذ صغري على تربيتي أفضل تربية، والانتباه على شئون ديني، أصبحت الآن في سن مناسب للزواج - والحمد لله - كل ما يلزم الشاب ليبدأ في هذا المشروع متوفر من سكن وعمل وحالة اقتصادية ممتازة.

أواجه الآن مشكلة عند تقدمي لطلب أي فتاة، فعند ذهابي مع والدتي لرؤية الفتاة في بيت أهلها أستحي ولا أستطيع أن أوجه الكلام مباشرة لها، ولكني أتكلم مع والدتها أو والدها.

المشكلة أن معظم من تقدمت لهن يرفضنني بحجة أني لم أتكلم أو أني خجول زيادة عن اللزوم؛ وذلك بعد الزيارة الأولى فقط، أحاول بصعوبة أن أتجاوز هذا الأمر، وأن أحاول فتح أي حديث خلال الجلسة مع الفتاة مباشرة، ولكن هذا الموضوع يؤرقني، فمن تقدمت لهن ذوات دين ومن عوائل ملتزمة.

سؤالي: هل هذا الذي أمر به يعتبر من الخجل غير المحمود والذي يجب أن أتخلص منه أم أنه حياء محمود ولا إشكال عليه؟

والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ص حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحاً وهدىً واستقامة، وأن يعافيك من هذا الخجل الذي فوّت عليك تلك المصالح الشرعية، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك: ففي الواقع إن هذا الخجل من النوع الغير محمود، وهو يعتبر من أنواع الأمراض النفسية، وهو مع الأسف الشديد يخضع لعوامل الوراثة وطريقة التربية، فلعل أسرتك نتيجة حرصها على الالتزام وطاعة الله تعالى لم تعطك الفرصة لكي تحتك مع أقرانك ومع من هم في مثل سنك بحرية، وإنما كانوا يفرضون عليك نوعاً من الرقابة المستمرة، ونوعاً من التوجيه الدائم، حتى إنهم لم يعطوك مساحة لتعبر عن مشاعرك بطريقة طبيعية، وإنما كانوا حريصين عليك حرصاً شديداً، وهذا نتيجة حرصهم على أن تكون عبداً صالحاً، هذا الحرص أدى إلى وجود هذه الحالة.

كما ذكرت لك أن هذا فعلاً من النوع الغير محمود؛ لأن الخجل المحمود هو الحياء، والحياء شعبة من شعب الإيمان كما تعلم، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن الله حيي، و(كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خِدرها)، وكذلك أيضاً كان عثمان رضي الله تعالى عنه، حتى إنه لم يغتسل ولا مرة واحدة عرياناً، وإنما كان يغتسل بإزاره حياءً من الله تبارك وتعالى.

ولعلك قرأت في السنّة أو سمعت أن النبي - عليه صلوات ربي وسلامه - كان يوماً من الأيام مع زوجته عائشة رضي الله تعالى عنها في مزرعة من المزارع، وقد وضع قدميه ودلاهما في بئر من آبار المياه، وقد كشف عن فخذه، فدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه فلم يغط النبي صلى الله عليه وسلم فخذه، ثم دخل عمر رضي الله عنه نفس الشيء، فلما دخل عثمان رضي الله عنه غطّى النبي صلى الله عليه وسلم فخذه، فسألته أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها: (لم فعلت ذلك مع عثمان؟ قال: وما لي لا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة).

إذن الحياء محمود وهو مطلوب وهو شعبة من شعب الإيمان كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، أما الخجل الزائد فهو مذموم؛ لأنه كما ذكرت نتيجة التربية الخاطئة وتوجيه غير موفق أدى بك إلى أن تفقد القدرة على مجرد النظر إلى الخاطبة وتتكلم معها، وأنت تعلم أن النظر إلى المخطوبة هذا أمر شرعي، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقول للصحابي: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) وأيضاً قال لبعض المهاجرين عندما أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار: (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً).

فإذن هذا نظر لو كان ممنوعاً أو كان مذموماً لما حض عليه الإسلام ولما طلبه النبي عليه الصلاة والسلام وبيَّنه لأصحابه، ولكن النظر والكلام حتى تتعرف على طريقة كلامها، وهل توجد عندها مشاكل في النطق، مشاكل في مخارج الحروف، إلى غير ذلك؛ لأن هذه المسائل قد تسبب حرجاً في المستقبل، فقد تكون امرأة مثلاً لثغاء أو هتماء أو تُخرج بعض الحروف ليست مستقيمة فتتحرج أنت من ذلك؛ ولذلك فإني أقول لك أخي الكريم – حفظ الله -:

إن الذي فيك إنما هو فعلاً من الخجل غير المحمود، والذي يجب عليه أن تتخلص منه، وأعتقد أنك لو دخلت على بعض المواقع في الإنترنت، وكتبت مثلاً: (كيفية التخلص من الخجل) سوف تجد - إن شاء الله - وسائل كثيرة ومتعددة ومتنوعة، وموقعنا المبارك هذا مليء بتلك الوسائل وبتلك الاستشارات التي تعين على علاج موضوع الخجل غير المحمود.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، كما أسأله تبارك وتعالى أن يرزقك القوة والثقة بالنفس، وأن يعافيك من هذا الخجل غير المحمود الذي يفوّت عليك فوائد كثيرة أو مصالح متعددة في دينك ودنياك.

وبالله التوفيق.

ولمزيد الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول الخجل: 1193 - 226256 - 259955.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً