الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات القلق والمخاوف والوساوس وارتباطها ببعضها وكيفية علاجها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله جل وعلا أن يعافيكم، وأن يكتب لكم الأجر والثواب على هذا الموقع الرائع والراقي.

أنا طالب جامعي وعمري 24 عاماً، وألخص ما أعانيه في الآتي:

1- كثرة الوساوس، مثل كثرة التفكير في أحداث وأشياء تافهة.
2- الشك مع الأفكار الوسواسية والجنسية.
3- كثرة النسيان.
4- عدم التركيز، بمعنى إذا كان أحد يتحدث معي أسرح وأفكر، وإذا تحدثت مع أحد أتلعثم ولا أدري ماذا أقول.
5-الخوف من التحدث أمام الناس والذهاب إلى الأعراس والحفلات العامة، يعني أحس أن الناس كلها تنظر إلي ويتحدثون عني، وأرتبك كثيراً بالرغم أني أحاول المواجهة وأفشل.
6- أحياناً أبكي بالليل وقت قراءة الأذكار.
7- أحلام الثعابين المزعجة أحياناً.

فهل الخوف مقترن بالوساوس؟ وهل ما أعانيه عين؟ وما هو الدواء المناسب لحالتي؟

يا دكتور محمد والله إن معاناتي مع هذا المرض من المرحلة المتوسطة، ومنذ أن دخلت على موقعكم وأنا أحس بالأمل، لأني كنت أقول في نفسي أني أنا الوحيد الذي يحمل الوساوس والخوف.

ملاحظة: هل زيارة الدكتور ضرورية لأني لا أقدر بسبب ظروفي الخاصة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد عرضت حالتك بصورة مفصلة وواضحة، وجملة الأعراض التي ذكرتها تشير إلى أنك تعاني من قلق المخاوف، وقلق المخاوف هو الذي أدى إلى إضعاف التركيز لديك، وكذلك شعورك بالرهبة في بعض المواقف الاجتماعية، وهو الذي أدى أيضاً إلى الأحلام المزعجة؛ لأن الأحلام تكون كثيراً ناتجة عن القلق، والجانب الوسواسي لديك أيضاً موجود.

هذه المكونات كلها مرتبطة، حيث إنه يعرف في الطب النفسي أن القلق والمخاوف والوساوس وعسر المزاج - أو ما يمكن أن نسميه بالاكتئاب العُصابي البسيط - كلها مترابطة ومتداخلة، وفي حقيقة الأمر هي نوع من القلق النفسي، وحتى في التشخيص العالمي وكذلك الدليل الإحصائي التشخيصي الرابع للأمراض النفسية -وهو الدليل التشخيصي الأمريكي، وهو من أفضل معايير التشخيص النفسي- يوضح أن هذه الحالات وهذه الأعراض كلها متداخلة.

فأرجو أن تطمئن أن كل الذي تعاني منه ليست أمراضاً متعددة، إنما هو قلق، ومن هذا القلق تشعبت وتفرعت الجزئيات التي ذكرناها، خاصة جزئية الوساوس وجزئية المخاوف.

أما بالنسبة للشعور بعدم الارتياح فهو نوع من الاكتئاب الثانوي البسيط، وكثيراً ما نشاهده مع المخاوف والوساوس، فأرجو أن تطمئن للتشخيص، وتفهمك لطبيعة حالتك سوف يساعد إن شاء الله في شفائك.

الوساوس والمخاوف يجب أن تحقّر ويتم تجاهلها، ويجب أن تواجه، وأنصحك بنوع من تطوير المهارات الاجتماعية يقضي تقريباً على هذه الأعراض تماماً، من هذه التمارين السلوكية الاجتماعية أن تمارس الرياضة مع مجموعة من إخوانك وزملائك، وأن تشارك في الأنشطة الثقافية والاجتماعية والأعمال الخيرية، وأن تحضر حلقات التلاوة، وأن تطور المهارات الشخصية، حيث تبدأ دائماً بالسلام على الناس وأن ترد التحية بأحسن منها، وأن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث معهم، وأن تغير الفكر السلبي الذي جعلك تظن أنك مراقب من قبل الآخرين وأنهم يتحدثون عنك، هذا ليس صحيحاً أبداً، إنما هو ناتج من الخوف والقلق والشعور الوسواسي.

تنظيم الوقت والاستفادة منه بصورة صحيحة لا يدع أي مجال لهذا النوع من التفكير الناتج عن القلق، والذي يحمل الكثير من السلبية، فأرجو أن تستفيد من وقتك بصوة جيدة وفاعلة وصحيحة.

أود أن أبشرك بأنه توجد علاجات دوائية ممتازة فعالة وسليمة وغير إدمانية، الدواء الذي نفضله في حالتك دواء يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) وهو في كثير من الدول لا يحتاج إلى وصفة طبية، بل يمكن الحصول عليه مباشرة من الصيدلية.

تبدأ جرعة الزيروكسات بنصف حبة يومياً – أي عشرة مليجرام – يفضل تناولها في المساء بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفعها إلى حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة ونصف في اليوم، ثم بعد شهر آخر اجعلها إلى حبتين، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة لعلاج قلق المخاوف والوساوس.

هذه الجرعة – أي حبتين في اليوم – يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى حبة ونصف في اليوم لمدة شهرين، ثم إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة في اليوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء، وهذا الدواء كما ذكرت لك سوف يفيدك إن شاء الله كثيراً، وعليك الالتزام القاطع بالجرعة حسب الترتيب الذي ذكرته لك.

هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء هي أيضاً ذات فائدة كبيرة من أجل أن تسترخي النفس وتحسن التركيز، فأرجو أن تطبقها، وللتدرب عليها يمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت، أو تتحصل على كتيب أو شريط يوضح كيفية هذه التمارين.

إذا سمحت ظروفك بزيارة الطبيب النفسي فهذا أيضاً إن شاء الله فيه خير كثير، وإذا لم تسمح ظروفك إن شاء الله تعالى تنتفع بما ذكرناه لك، وعليك التطبيق، وأسأل الله لك العافية والشفاء.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً