الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض والدي زواجي من فتاة لأنها سمراء

السؤال

كيف أقنع أهلي بزواجي من فتاة أحببتها ولكن أخاف أهلي أن يرفضوا، ولا أريد خسارة أهلي، ولا هي أيضاً، ولكن عندي مشكلة كيف أقنع أبي بأن الفتاة سمراء اللون، وهي أيضاً أعرفها منذ سنتين ونصف، وأريد أن أنتقل إلى خطبتها حتى لا تضيع مني، فكيف أفعل ذلك؟ لقد دعوتها إلى الصلاة، وأصبحت أنا أصلي دائماً - والحمد لله - ذهبت إلى العمرة وعندما رجعت تكلمت معها عن العمرة كم هي جميلة فبكت هي، وأريد أن آخذها بعد زواجي منها إلى هناك.

أعرف أن الزواج من فتاة سمراء أو بيضاء لا تضر؛ لأنه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، تكلمت مع أمي ولكنها في المرة الأولى لم تقف معي حين تكلمت مع أبي، مع أن أختي قد حاولت أيضاً ولكن لا يرضى أبي، فأريد أن أحاول مرة أخرى.

أرجوكم أن تساعدوني لأني تعبت أنا وهي، نريد أن نعيش مطمئنين على قلوبنا.

أنتظر الرد وشكراً لسماع كلماتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أيها الولد الحبيب- بين آبائك وإخوانك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوجة الصالحة.

نحن أولاً ننصحك بقطع العلاقة مع هذه الفتاة فوراً، ونحن ندرك أن هذا أمر قد يكون شديداً على نفسك؛ لأنه على خلاف رغبتها وهواها، ولكن بلا شك وبلا ريب بداية الحل لمشكلتك هذه، وهذه نصيحة نقدمها لك ممن يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، فإن كل علاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه خارج إطار الزوجية علاقة متضمنة لمفاسد شرعية كثيرة، فإنه لا يجوز للرجل أن يتحدث مع المرأة الأجنبية بكل كلام فيه خضوع ولين منها قد نهى الله سبحانه وتعالى المرأة أن لا تفعل ذلك.

أما النظر إلى ما حرم الله محرم أيضاً، إلى غير ذلك من المحرمات والتجاوزات الشرعية، فالواجب عليك أولاً أن تقطع هذه العلاقة مع هذه الفتاة، فإن كانت مما قدره الله عز وجل لك وكتب أنك ستتزوجها فخذ بالأسباب المؤدية إلى ذلك وسيكون، وإلا كنت في مأمن وعافية من الوقوع فيما حرم الله عز وجل.

نحن ندرك أنك قد تعلقت بهذه الفتاة ولكننا في الوقت ذاته أدركنا من استشارتك أن هذا التعلق كان نتيجة فراغ ولم يكن تعلقاً بسبب ميزات وخصال في هذه الفتاة، فما ذكرته من سبب تعلقك بها من كونها أصبحت تُصلي أو نحو ذلك، فإن هذه الخصال والصفات ستجدها في غيرها وربما تجدها في غيرها بشكل أوضح وأجلى وأقوى، ولهذا لا ينبغي أن تكون أسيراً لمثل هذا النوع من المؤثرات، فإن الفتيات الصالحات كثيرات، فإذا وجدت الفتاة الصالحة المتدينة والتي يتوافق عليها رأيك مع رأي أهلك فإن هذا بلا شك فيه الخير كله عاجلاً وآجلاً.

نحن أيها الحبيب نتفهم في الوقت ذاته موقف والدك وأسرتك من زواجك بهذه الفتاة، فإنك إذا كنت تقصد بكونها سمرة اللون أنها من غير أنسابك فإن النسب أمر معتبر شرعاً وفي أعراف الناس، فإن الكفاءة في النسب أمر معتبر عند كثير من فقهاء الإسلام، وقد قيل: (العرب بعضهم أكفاء بعض) فإذا كانت هذه الفتاة تنتسب إلى من يُكافئ نسب أهلك فإن والدك عذره في تصلبه في منعك من الزواج بها ينبغي أن تراعي هذا الجانب، وأن لا تخالف أهلك فيها، ليس لأنه محرم شرعاً، ولكن لأن هذا النوع من الزواج غالباً ما ينتهي إلى أنواع من الفشل، فأنت تريد حياة زوجية مطمئنة تكون أسرتك جزءاً من أسرتك الكبيرة منسجمة معها متفاعلة معها، ونخشى أنك إن أصررت على الزواج من هذه الفتاة أن تكون هذه النتائج غير موجودة إن لم تكن عكسية.

نحن ننصحك أيها الحبيب بأن لا تتصلب في اختيار هذه الفتاة للزواج، وما ذكرته كما قلنا من صفات أثارت إعجابك بها، فإنك ستجد هذه الصفات في فتيات كثيرات، فاحرص على أن تبحث عن ذات الدين، واسلك الطرق الصحيحة المثلى إلى هذا النوع من النساء بالاستعانة بالشباب الطيبين الصالحين، وستجد ما تقر به عينك وتسكن إليه نفسك من فتاة متدينة صالحة تتوافق عليها الأسرة جميعاً.

إذا كنت لا تقدر على هذا وقد بلغت مبلغاً عظيماً في حب هذه الفتاة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لم يُر للمتحابين مثل النكاح) فحاول مصارحة والدك بحبك لها وتعلقك بها، وأنك لا ترغب في سواها، وحاول التأثير على والدك بكل من له كلمة مسموعة عنده كأعمامك وأخوالك وإخوانك الكبار ونحو ذلك، فلعله يرضى بهذا ويقبل به، والزمن بلا شك جزء من العلاج، فعندما يرى الوالد إصرارك على هذا وعدم انصرافك عنه فإنه سيضطر بالتسليم إلى الأمر الواقع غالباً، فإن أصر على ما هو عليه فنصيحتنا لك أن لا تخالف أمر والديك، فإن البنات سوى هذه الفتاة كثيرات.

كما ننصحك أيها الحبيب بالإكثار من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يصرف قلبك عن التعلق فيما لا ينفعك، واسأله سبحانه وتعالى سؤال صدق واضطرار أن يختار لك الخير ويقدر لك ما فيه سعادتك، وهو قدير على ذلك، وأحسن الظن به فإنه يقول: (أنا عند حسن ظن عبدي بي).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً