الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج الدوائي لنوبات الهلع المتمثلة في الخوف من تغير الأحوال الجوية

السؤال

أعاني من خوف ونوبات هلع عند تغير الأحوال الجوية، خصوصاً الرياح والغبار والأمطار الرعدية، يصاحب ذلك خفقان ورعشة وقلة تركيز وانتباه وغيرها، وهي نتيجة موقف حصل لي، ومن ثم استمر معي عند كل مرة يتغير فيها الطقس، وقد وصف لي الطبيب دواء ( Alprazolam ) أستخدمه وقت هذه الحالة نصف حبة أي (0.25) .


سؤالي الأول: هل هذا الدواء فقط هو علاج لمثل هذه الحالة؟

سؤالي الثاني: أعاني من صعوبة في تفريغ ما بي من ضيق وحزن، أي أني لا أستطيع البكاء أبداً، مع أن قلبي يتفطر حزناً، وأرغب في البكاء، آخر مرة بكيت فيها كانت منذ سنة كاملة بالضبط، أيضاً كنت في السابق أفرغ ما بي بإلقاء شيء بقوة على الأرض، أو أغلق الباب بقوة، أو أصرخ وأغضب، أما الآن فلم يعد ذلك مجدياً بتاتاً، أشار عليّ الطبيب بتنظيم جلسات استرخاء تساعدني في التغلب على تلك المشكلة، فهل هذه الجلسات ستكون مفيدة في التخلص من ذلك؟

سؤالي الأخير: كنت في مرحلة الثانوية العامة قد أصبت بحالة خوف شديد من فترة الامتحانات؛ لأنها تصاحبها ضغوط نفسية كبيرة، فأصبحت في كل مرة أتعرض فيها لضغوط لا أستطيع تحمّل الموقف، فأصاب بالقلق والغثيان، وأصاب بالإحباط، ولا أنجز مهامي بالشكل المطلوب الكامل، فهل جلسات الاسترخاء مفيدة في علاج هذه الحالة؟

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك هي حالة قلق ومخاوف اتسمت بحدوث نوبة هرع، ونوبة الهرع لاشك أنها مخيفة، ولكن من الناحية الطبية هي غير مزعجة، فليست لها آثار سلبية حقيقية في معظم الحالات.

الذي استنتجه من واقع رسالتك أنه يوجد ميول في شخصيتك للقلق والوساوس، وهذا لا يعتبر ظاهرة مرضية حقيقية، إنما هي صفات وسمات تختلف من إنسان إلى آخر، فهنالك الإنسان الذي قد يكون حساساً أو شفافاً في مشاعره سريع التأثر، وهنالك إنسان آخر تجده على العكس والنقيض تماماً.

عدم الشعور بالقدرة على تفريغ الحزن هو شعور وسواسي لدى بعض الناس، تأتيهم هذه الفكرة أنني متى ما حزنت فلابد أن أبكي مثلاً، هذا شعور وسواسي، لا أقول أن ذلك ينطبق عليك تماماً، لكن الذي أريد أن أصل إليه أن مشاعر التعبير عن الحزن أيضاً تختلف من إنسان إلى آخر، والإنسان في وقت الأحزان والكرب لابد أن يتجلد وأن يصبر، وأن يدعو وأن يذكر الله كثيراً، فهذه تفرج الكرب وتُنزل على الإنسان الطمأنينة والسكينة، والبكاء لا نقول أنه يجب على الناس تجنبه، ولكن ليس من الضروري دائماً أن يكون هو التعبير عن عدم الارتياح أو وجود حزن أو احتقانات نفسية.

بالنسبة لما ذكره الطبيب حول تمارين الاسترخاء، أنا أقول لك: نعم! تمارين الاسترخاء تعتبر الآن علاجاً سلوكياً ً متميزاً لعلاج القلق والتوترات والانفعالات الداخلية، ولاشك أنه سوف يساعدك، عليك بأن تتدربي عليه وتأخذي أمره بجدية وتواصلي عليه، وإن شاء الله تعالى ستجدين فيه نفعاً كثيراً.

أرجعُ مرة أخرى لأتحدث لك عن الحالة وما يخص العلاج الدوائي، فالحالة من الناحية التشخيصية ربما يكون هنالك تأثيرات بيولوجية متعلقة بكيمياء الدماغ، هذا من التفاسير المحترمة والمعتبرة والتي قادت إلى أن يتم اكتشاف أدوية ممتازة وفعالة لمثل هذه الحالات، أرجو أن لا تنزعجي لكلامي أنه يوجد أساس كيميائي أو بيولوجي، فهذه المتغيرات البيولوجية هي متغيرات بسيطة، ويصعب قياسها في أثناء الحياة؛ لذا لا نقول للناس اذهبوا وقوموا بإجراء صورٍ معينة، أو يتم سحب الدم وفحصه لإنزيمات معينة، هذا غير وارد وغير مطلوب.

الـ (Alprazolam) كدواء إسعافي هو جيد جدّاً لعلاج نوبات القلق والهرع، وله استعمالات كثيرة، فهو دواء استرخائي ويحسن النوم، لكن مما لاشك فيه أنه لا يقتلع المرض من جذوره، والأدوية التي تنتمي إلى مجموعة ما يعرف بمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية هي الأفضل، وعقار سبرالكس الذي يسمى علمياً باسم (استالوبرام) يعتبر هو الدواء الأجدر بالاهتمام والأنفع؛ لذا نصفه كثيراً، وأعتقد أنه سيكون من الأحسن لك أن تعطي لنفسك تجربة جادة على هذا الدواء.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي: ابدئي بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تناوليها يومياً لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة – أي خمسة مليجرام – لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول السبرالكس، لا شك أنه دواء نافع ومفيد، وبجانب تمارين الاسترخاء -إن شاء الله- سوف تحصلين منه على خير كثير.

تعرضك لنوبات الخوف والقلق والأعراض العضوية كالغثيان، هي نتاج طبيعي للحساسية الموجودة في شخصيتك، ولا أقول أنها هشاشة نفسية، لكن بالتأكيد أن الاستعداد للقلق إذا كان أحد مكوناته الشخصية وأتت بعد ذلك الظروف الاجتماعية أو ضغوطات نفسية سالبة، لاشك أن هذا يؤدي إلى شعور بالإحباط والقلق، لكن مرة أخرى هذا لا يعتبر مرضاً، هذه ظواهر وأود أن أطمئنك أن حالتك بسيطة، وأرجو أن تتناولي الدواء الذي وصفناه، وتلتزمي بتمارين الاسترخاء مع التفكير الإيجابي والدعاء، هذا لك فيه -إن شاء الله- خير كثير.

وحول العلاج السلوكي للمخاوف يرجى الاطلاع على: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

أشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً