الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الفصام الذاتي، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على محاولاتكم إهداء وشفاء الناس، وأتمنى أن يكون هذا في ميزان حسانتكم.

أنا شاب تفكيري منذ أن كنت في الثانوية، وقبل ذلك لم يكن تفكير إنسان سوي! حيث لم أكن أعرف كيفية التواصل مع الناس! وكنت أخلق لنفسي المبررات لذلك، ولكن في يوم شعرت أن الناس تراقبني وتتعمد تلسين الكلام علي، دخلت المستشفى من سنتين ولكن مضادات الذهان لا تكفي لعلاجي، فأنا أخذت الابيكسيدون فاختفت أعراض أن الناس تتكلم علي، ولكن جاءني وسواس قهري بسيط، ورهاب اجتماعي بجانب الفصام طبعا، وقال لي الطبيب أن حالتي مجموعة من الأمراض أتتني، وأخذت أدوية مثل: (مودابكس، وكوجينتول، وابيكسيدون، وبريانيل سى ار) وأشعر ولكن لم أتردد في أخذ كل هذه الأدوية، لأني أريد أن أعيش مع الناس، وأخالطهم ولكني مثل ما أنا لم يتغير شيء!

كل يوم في حال، يوم سعيد وأعرف الكل وأحاور الناس وأكلمهم، ويوم في اكتئاب، ويوم هادئ مطيع، ويوم ليس لي عقل.

من فضلكم أنا بحثت في النت من شرقه لغربه عن مرض كهذا فلم أجد!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحالتك واضحة جدًّا، وأرجو أن لا تختلط عليك الأمور، فالحالة الأساسية التي لديك هي مرض الظنان أو ما يسمى بالاضطهاد الباروني، وشعورك بأن الناس تتكلم عنك هو نوع مما يسمى باضطراب التلميح، أي تحس أن الناس تتحدث عنك، وهذه فكرة ظنانية، لكن أيضًا يمكن أن تأخذ الطابع القهري، أي الطابع العُصابي وليس الطابع الظناني.

حالتك واضحة جدًّا وهي أنه تنتابك هذه النوبات الظنانية -وإن شئت فسمها الفصامية- ولديك جزء بسيط أيضًا من الوساوس القهرية.

هنالك تداخل، يُعرف تمامًا أن حوالي خمسة إلى عشرة بالمائة من الذين يعانون من الأفكار الظنانية الاضطهادية تأتيهم في نفس الوقت أعراض وسواسية، وهذا سماها البعض بالفصام الوسواسي، وهي حالة تعتبر أخف كثيرًا من مرض الفصام المطلق.

أخي: هذه الأعراض الوسواسية الوجدانية هي مؤشر جيد، فإن شاء الله تعالى مآل الحالة سوف يكون ممتازًا -بإذن الله تعالى-.

أفضل أدوية لعلاج مثل حالتك هي الرزبريادون زائد الفافرين، الرزبريادون دواء ممتاز جدًّا وفعال جدًّا، وحين تضاف له جرعة من الفافرين -إن شاء الله تعالى- يكتمل الشفاء.

جرعة الرزبريادون تُبنى تدريجيًا، ويجب أن تصل ستة مليجرام في اليوم، وجرعة الفافرين تكون في حدود المائة مليجرام، تبدأ أولاً بخمسين مليجراما يوميًا لمدة أسبوع، ثم ترفع بعد ذلك إلى مائة مليجرام.

حين تصل لجرعة الرزبريادون إلى أربعة مليجرام، هنا تناول الكوجينتول بجرعة اثنين مليجرام في اليوم، وكما تعرف هو علاج مضاد للآثار الجانبية، وليس له نفع علاجي في المرض ذاته، إذن الطريق واضح جدًّا، وأنت محتاج لأدوية قليلة بسيطة فعالة وبجرعة صحيحة.

أنا من وجهة نظري ومن تجاربي المتواضعة أن الرزبريادون زائد الفافرين هي الأدوية السليمة والفعالة، وأنا حقيقة لا أعيب شيئًا حيال الأدوية التي وُصفت لك، لكن هذه ربما تكون هي الأفضل في حالتك، وأنا متأكد أنك حين تتواصل مع طبيبك وتطرح عليه هذه الآراء سوف يجيبك إن شاء الله تعالى بصورة إيجابية جدًّا.

بالنسبة للجانب العلاجي الآخر هو الجانب التأهيلي: هذا التذبذب الذي يأتيك في مزاجك هذه حالة عامة تصيب جميع الناس، فالإنسان بطبعه يتذبذب وجدانيًا، فهنالك لحظة انشراح، وهنالك لحظة غضب، وهنالك لحظة حزن، وهنالك لحظة كدر، وهنالك لحظة استرخاء، وهكذا.

لكن بما أنك حساس حول هذه الأعراض لذا أنت تحس بها متضخمة ومتجسمة، لذا عليك أن تتجاهلها، واعرف أن العلم يسير في مصلحتك، هنالك استكشافات دوائية كثيرة ممتازة، وهنالك أدوية قادمة إن شاء الله تعالى ربما تكون أكثر فعالية، وأنت الحمد لله لديك أشياء طيبة في حياتك.

أنت لديك عمل، ونحن نعتبر أن العمل من أفضل وسائل التأهيل النفسي والاجتماعي في مثل هذه الحالات، وأود أن أبشرك أنه من الواضح أن شخصيتك لا زالت متماسكة، وأبعادها منضبطة، وهذا مهم جدًّا، لأن هذه الأمراض كثيرًا ما تؤثر على شخصية الإنسان، لكن من الواضح أن شخصيتك متماسكة، وهذا أيضًا يساعد كثيرًا إن شاء الله أن يكون مآل حالتك هو المآل الإيجابي.

عليك أخي الكريم بالدعاء، عليك بأن تدير وقتك بصورة صحيحة، لا تترك أبدًا للفراغ أي مجال، مارس الرياضة، الصلوات الخمس يجب أن تكون في المسجد، احضر حلقات التلاوة، الحياة فيها أشياء طيبة وجميلة متى ما أدرنا أوقاتنا بصورة صحيحة، وشعرنا بقيمتها وأحببنا أنفسنا، هذا -إن شاء الله تعالى- يساعد الإنسان، ويجعله يعيش في حالة من الاسترخاء والطمأنينة الذهنية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً