السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لكم على المجهود الجبار، أنا فتاة متخرجة لم أعد أحتمل تلك الهموم أتعبت قلبي كسرتني فقط كنت أريد من أستند عليه يسمعني ينصحني ولجأت إلى الأصدقاء فتركوني وحيدة .

منذ الطفولة لم أجد سوى الورق لأقذف عليها همومي عندما أتألم أطرحها على ذلك الجماد الذي لا يتفاعل معي وعندما كبرت لجأت إلى روح لتشعر بي وركضت خلفها لأفعل المستحيل فلم أجد سوى الدموع تألمت كثيرا في الماضي. لا أريد أن أكون هكذا ولا أريد أن أتألم أريد أن أكون على طبيعتي، أنا أعاني من عدة مشاكل :

1- أنا أخاف عندما أجتمع بالناس والفتيات وعندما أدخل أي مكان فيه بشر لا أتكلم ولا أتفاعل معهم إلا إذا أحد تكلم وأخبرني أن أجلس معه ، أما علاقتي بالأصدقاء كلامي قليل جدا وأفكر دائما قبل أن أتكلم ولا أعرف عن ماذا أتحدث ولا أحب أن أفرض نفسي على الآخرين وأشعر أنهم يحكمون علي من النظرة الأولى، أنا انطوائية أو أعاني من خلل، أنا إذا دخلت إلى مكان لا أحب لفت انتباههم، أدخل وأخرج بهدوء، أنا ثقتي بنفسي معدومة جدا وأنا كنت انطوائية في المدرسة وأكيد البيئة لها دور كبير بأني أصبحت هكذا لأني كنت أسمع منذ الصغر كلاما كثيرا عن شكلي الذي لا يعجبهم مشكلة عائلتي وأقاربي يفكرون فقط بشكل مبالغ بالجمال ويحبون الجسم الطويل بشكل ملحوظ . عندما نجتمع مع الأقارب وكل منا يطرح نكتة أنا أشعر بصعوبة وتأتأه بالكلام عندما أخبرهم بنكتة.

2- إذا اجتمعت بالأعراس أخاف أن أتحرك من مكاني لأذهب مثلا لقضاء الحاجة حتى لا يراني الناس وأخجل كثيرا إذا نظرن نحوي.

3- مترددة حتى في شراء الملابس والأكل في أبسط الأشياء وأخذ رأي الآخرين عند الشراء وأخذ ما أعجبهم حتى إذا لم يعجبني أنا بداخلي نقص في الشخصية.

4- أنا أعاني من صغر الثدي الشديد وقصر عادي أنا عقيمة بسبب الرحم الطفولي وحجمي صغير لذلك أشعر أني شاذة بين الفتيات وأثر على نفسيتي وجعلني صامتة منطوية لا أتكلم منذ الطفولة وأمي لا تهتم حتى تسمعني أو تسألني ولم تهتم حتى بعلاجي إلا متأخرا.

5- أشعر بشخصيتي الغبية أني أجلب لهم الملل ولا أحب أن أتكلم عن نفسي وأخاف مواجهة شخص صدر منه الخطأ أو حتى صدر مني ولا أستطيع مواجهة العقم ولا أسعى للعلاج بسبب خجلي من مكان المرض رغم المضاعفات الأكيدة.

6- لا أستطيع أن أتعامل مع صديقاتي بسهولة دائما أكون رسمية معهم جادة بكل شيء وإذا أمسكن بيدي لا أدري ماذا يحصل أتفاجأ كأني لا أصدق ما يحصل وفي فترة الجامعة كنت أبحث عن صديقات جميلات وأخاف الآن أن يستمر ذلك عندما التحق بمعهد، وكنت بالجامعة أكره التخصص وأذهب رغما عني فقط لإرضاء أمي وعمي كنت بنفسية سيئة جدا ولا أتحدث عما يزعجني لأني لم أعتاد على وجود من يسمعني وأصبت بالقولون مع أني عند أقاربي مختلفة أمرح وأغمرهم بالضحك الكل يحبني عماتي خالاتي وأكون مختلفة تماما بين صديقاتي ولي تجارب فشلت: عندما تركت صديقاتي بالجامعة لأني لا أريدهم بسبب ما أسمع من كلام يضايقني اكتشفت مؤخرا من إحداهن أنهم لم يتكلموا بسوء عني وقتها شككت بنفسي أن أتخيل أو أعاني من انفصام مثلا، تركتهم ومشيت وحدي ورأوني مجموعة فتيات فحزنوا على حالي وأخبروني أن أمشي معهم وقبلت ومع الأيام وأنا أتحدث مع إحداهن قالت ما عندك إحساس بوجهي هذه الكلمة متأكدة أني سمعتها لم أرد بوقتها انزعجت ومع الأيام أيضا فتاة أخرى قالت أنا متعبة فاحملي هذا الكرسي لي وأنا لم أقبل وأحسست بالإهانة وابتعدت عنهم حتى في مكان الجلوس وأخذن موقفا مني ولم يهتموا وبعدها فسرت لهم ما حصل مني، فتاة الكلمة المزعجة قالت هذا أسلوبي وتأسفت والأخرى كذبتني وابتعدن عني وقلت لهن بهذه السهولة تتخلون عني ولم يتأثرن.

مشكلتي لا أتكلم بما يزعجني مباشرة أنا حساسة جدا رغما أني ابتعدت عنهم، وبعد التخرج رجعت أهتم بالفتاة نفسها (ما عندك إحساس ) لأني أحتاج من يهتم بي أصبحت أكلمها وأراسلها شعرت باهتمامي وأخبرتني أني ما زلت صديقتها وأنا تعلقت بها ولم أشعر باهتمامها ولا تسأل عني إذا غبت وتغيب لمدة 4 شهور أنا انزعجت منها لأني أشتاق لها وأنتظرها تسأل عني شعرت بمذلة أني فرضت نفسي عليها لأني أنتظر منها اهتماما أعلنت الحرب وأرسلت لها كلاما جارحا قلت لها لا يوجد عندك إحساس ولا مشاعر قاسية أنت بلا قلب بلا روح وأخبرتها بأنها خسرتني للأبد جاوبتني بكلام أقسى وقالت أنت بك خلل أنت أنانيه وأنا مددت يدي لك بالصداقة وقالت لا تعني لي الصديقة التي لا تقدر صديقتها وظروفها، اعتقدت أني ظلمتها اعتقدت أنها مرت بظروف خطيرة لتمنعها من الاتصال ثم اكتشفت ظروفها عادية جدا وأخبرتني بأنها لو اتصلت بي مثلا وكنت أنا أعاني من صداع فهذا يعتبر ظرفا، أخبرتها بأني كنت أحتاج إليها لتشاركني في أن تخفف عني مرضي وأشاركها، لكني اكتشفت بأنها لا تحبني ولم تسأل ما هو مرضي وقالت إنها لا تريد شيئا مني وتأسفت لها وقلت لها أنت لا ترين نفسك مخطئه؟ قالت هذه مشكلتك وانفصلنا ولكن لم أندم أني جرحتها لأنها تعيش لنفسها واكتشفت وجودي وعدمه بحياتها أمر واحد، أنا مختلفة عنها أنا أحب سماع الآخرين ومساعدتهم وساعدت من قبل، ابتعدت عنها رغم حاجتي لها كنت أريد أن أكسب نفسي ويكون لي مبدأ قلت لها إنها لم تشعر بما شعرت به، قالت لماذا تشعري بمذلة؟ قالت لماذا أشتاق لك ؟ أنا خائفة من هذا الماضي الحزين ولا أريد أن أقابل تلك الفتيات ولو بالصدفة لا أريد أن أتذكر معاناتي تعلمت من أخطائي، وعلمت بأن الشكوى لغير الله مذلة وفوضت أمري لله، هل ما فعلته صحيحا لا أريد أن أجرح أحدا، انصحوني .
والآن لي صداقة جديدة مع فتاة أخرى أرتاح لها كانت تعطف علي عندما كنت انطوائية بالمدرسة في الثانوي وكانت تجمعني مع صديقاتها كي لا أبقى وحيدة وبالصدفة تقابلنا وطلبت مني الرقم وأصبحت أكلمها مشكلتي أتعلق بهم وفية جدا معهم بشهادة صديقاتي وأهتم كثيرا بهم، وذهبت لأحضر الحنة قبل الزواج وجلست وحدي والفتاة كانت تختلس النظر من فوق ورأتني وأخبرت والداتها أن تجمعني مع الفتيات، وأخبرتني والداتها بذلك أنا حزنت لأني شعرت كأني طفلة وأنا عمري 24 أنا لا أريد ذلك التعامل أريد أن أكون طبيعية أريد شد انتباه الآخرين بشخصيتي أريدها أن تثق بي وتلجأ لي عندما تحتاج لتتكلم، أريدها أن ترى بداخلي الصديقة القوية، كيف أتعامل كمتزوجة معها ؟ حتى أني لم أسأل عن موقع سكنها مع زوجها وشهر العسل لأني لا أحب أن أتدخل بتلك الأمور أخاف أن أسأل فتتضايق مثلا وهل شعوري أن الفتاة تعطف علي صحيح ؟ قدمت لها هدية زواجها وبعد فترة الزواج أرسلت رسالة تحمل أجمل الكلام أنا خطر ببالي أنها رسالة فقط لتجاملني بسبب الهدية وأشعر أني أفرض نفسي على حياتها هل هذا إحساس خطأ ؟ لا أدري لماذا أفكر هكذا؟
جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم
آسفة جدا تكلمت كثيرا .

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صمت السنيين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكرك كثيرًا على رسالتك المفصلة والموضحة بذاتها، وأقول لك أنني حقيقة قد قرأت كل كلمة وردت في رسالتك، وهذه النقاط واضحة جدًّا بالنسبة لي، لكن لا شك أن محتواها واحد ومتقارب جدًّا، وهو أنك تعيشين في حالة لا أقول من التنافر الاجتماعي، لكن ما يمكن أن نسميه بافتقاد القدرة على التواؤم وعلى التكيف الاجتماعي، وطبيعة شخصيتك القلقة بعض الشيء هي التي دفعتك نحو ذلك، وافتقادك لثقتك في نفسك وربما شعورك بالدونية في بعض الأحيان نحن نرده أيضًا للقلق النفسي؛ لأن القلق كثيرًا ما ينسي الناس إيجابياتهم والجماليات في الموجودة في حياتهم.

موضوع العقم هذا أمر يجب أن يُقبل وهذه حكمة وهو ابتلاء بسيط، والإنسان مهما كانت نواقصه فسوف يجد أنه يمتلك مصادر قوة أخرى، وهذه أرزاق وهبة من الله تعالى، كما قال سبحانه: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير}.

روسفلد رئيس أمريكا حكم العالم وهو على كرسي متحرك، وكان الكثير من الناس لا يعرفون أنه مصاب بالشلل، وهكذا.

فلا تشعري بالدونية وأثبتي نفسك وجدارتك من خلال تنشيط مواهبك الأخرى والاستفادة من مهاراتك، ومن الواضح أنك إنسان رائع جدًّا في الكتابة وفي التعبير عن الذات، فهذا يمكن أن يكون مدخلاً جيدًا لأن تكتبي وتؤلفي وتوسعي من مقدراتك المعرفية، أشياء كثيرة يستطيع الإنسان أن يؤديها في هذه الحياة ما دام يفكر بصورة إيجابية، لكن إذا فكر تفكيرًا سلبيًا فهذا مرده أيضًا سوف يكون سلبيًا.

إذن دعوتي لك هي تذكر الأشياء الطيبة في حياتك، الأشياء الإيجابية في حياتك، ولا تكوني حساسة في علاقتك، ما سردته من تذبذب في العلاقة ما بينك وبين صديقتك والأخذ والرد، هذه أمور عادية جدًّا في الحياة، والصداقات لا تحكمها قوانين، إنما تحكمها أعراف وضوابط عامة، والإنسان دائمًا يسعى لأن يعزز ما يتفق فيه مع الآخرين ويحاول أن يجد لهم العذر فيما يختلف فيه معهم.

هذا مبدأ جميل ومبدأ مريح ومبدأ يجعلنا فعلاً نستطيع أن نتعامل مع من حولنا دون حساب عسير لهم أو لأنفسنا في أخطائنا أو تصرفاتنا التي قد تكون غير متوائمة مع ظرف اجتماعي ما.
أرجو أن لا تقسي على نفسك، لا تحاسبي نفسك بهذه الشدة، لا تكوني حساسة. أنا أرى أنك أفضل مما تتصورين، وهذا مهم جدًّا، والإنسان يستطيع أن يغير نفسه، ويجب أن تكون البداية منه، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

استثمري وقتك بصورة صحيحة، انخرطي في بعض الأعمال الخيرية، انضمي لمراكز تحفيظ القرآن، وكما نصحتك لديك مقدراتك ممتازة في الكتابة، أرجو أن تستفيدي من هذه الموهبة.

والانطوائية التي تعانين منها أعتقد أنها ممزوجة بشيء من الرهاب الاجتماعي البسيط، وبما أنك عانيت أيضًا من القولون العصبي فأعتقد هنا يوجد مبرر قوي جدًّا بأن ننصحك بتناول أحد الأدوية الجيدة والمفيدة جدًّا لإزالة القلق والتوترات والمخاوف وتحسن المزاج، الدواء الجيد في مثل هذه الحالات هو عقار يعرف تجاريًا باسم (لسترال) وأيضًا يعرف تجاريًا باسم (زولفت) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) وجرعته في مثل حالتك جرعة بسيطة، هي أدنى جرعة، وهي أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - تناوليها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعليها حبة كاملة، واستمري عليها لمدة خمسة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إذن كل الذي نطالبك به هو التسامح، عدم محاسبة الذات بقوة وشدة، التفكير الإيجابي، احكمي على نفسك بأعمالك وليس بمشاعرك، استثمري وقتك بصورة صحيحة، ولديك فرصة عظيمة جدًّا أن تؤهلي نفسك من خلال ما ذكرناه لك حول الانضمام للأعمال الخيرية ومراكز تحفيظ القرآن وتعزيز وتوطيد التواصل الاجتماعي مع الأهل والأرحام والصالحات من الفتيات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.