الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف وأهلع من الحشرات... فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أنا فتاة عمري 30 سنة، مررت بتجربة زواج فاشلة، فقد كان زوجي مريضا بالفصام، وتزوجت وطلقت في شهرين؛ لأني لم أستطع التأقلم معه، الآن أنا أدرس خارج البلاد، قبل زواجي كنت أحس باكتئاب، ولجأت للدكتورة وأعطتني دواء سيروكزات، ومعه دواء آخر، استمريت سنة وتركت الدواء، الآن أحس بحزن أحيانا، ولكن المشكلة في الهلع من الحشرات، لدرجة أنني أتخيل شيئا ما يطير بجانبي، كذلك أخاف وأهلع عندما أكون أنتظر المصعد مثلا ويكون أحد ما بداخله، مع أنه شيء عادي أن يكون فيه احتمالية وجود شخص في المصعد، ولكن تأتيني حالة هلع وأقفز من مكاني، وضربات قلبي تخفق بشدة، وأنا صرت لا أخرج من البيت في وقت المغرب؛ لأن الحشرات تظهر في ذلك الوقت، خصوصا حشرات النور التي تنور في الظلام، أرجوكم دلوني، ماذا أفعل؟

علما بأني لما استخدمت سيروكزات كأن له آثاراً جانبية سيئة عندما أوقف العلاج، مثل صداع، وبصعوبة تخلصت من آثارة الجانبية، وخائفة من الأدوية الأخرى أن تسبب لي آثارا جانبية، خصوصا على الرغبة الجنسية، لأني لما كنت كمتزوجة ما كنت أحس برغبة أبدا، فأكيد الدواء كان السبب، أرجوك يا دكتور دلني ماذا أفعل فلم أعد أستطع أن أستمتع بشيء، الخوف مسيطر عليّ وما عندي ثقة بنفسي؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يعوضك بزواج صالح برجل صالح معافى إن شاء الله تعالى.

حالتك النفسية تشير لأنك عُرضة للمخاوف ذات الطابع الوسواسي، والخوف من الحشرات يُعتبر أو يُشخص بالمخاوف البسيطة الخاصة المنعزلة، أي أن الخوف حول موضوع معين، وغالبًا هذا الموضوع يكون موضوعًا بسيطًا.

الخوف حين الانتظار للأصانسير، والتخوف من نوبات الهلع، هو نوع من المخاوف الوسواسية، وتوجد علاقة وطيدة جدًّا بين المخاوف المبسطة والمخاوف الوسواسية.

المخاوف في الأصل هي نوع من القلق النفسي، والقلق النفسي يكون مرتبطًا باستعدادات في بناء الشخصية، يعني أن شخصيتك لديها القابلية للقلق وغالبًا تكوني قد مررت بتجارب سلبية في الطفولة كانت ذات محتوى فيه شيء من الخوف، ربما يكون أحد قد أخافك من الحشرات أو الحيوانات أو شيئا من هذا القبيل.

العلاج يتمثل في الآتي:
1) تفهم طبيعة هذا الخوف وتحقيره، وتحقيره يتأتى من أنه بالفعل توجس نفسي سخيف، تسألين نفسك: (لماذا أخاف من الحشرات؟ هي من مخلوقات الله، وكل الناس أو معظمهم لا يخافون منها، وهذه الحشرات هي مخلوقات تسبح الله تعالى) هذه مفاهيم تغرس في الإنسان شيئا من القبول لطبيعة هذه الحشرات وتقلل من الخوف والهرع.

2) أدعوك للعلاج بالتعريض، والتعريض هو أن تعرضي نفسك لمصادر الخوف، وهذا يمكن أن نقسمه إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: أن تقرئي عن الحشرات، اقرئي عنها وعن عاداتها وعن طبائعها، وسوف تسمعين وتقرئين العجب، هذا عالم عجيب يدل على عظمة الخالق، وانظري إلى صور الحشرات بكثرة.

المرحلة الثانية: هي أن تجلبي الدمى التي تمثل هذه الحشرات، نوعين أو ثلاثا من الحشرات، وقومي بالنظر إلى هذه الدمى، وقومي بمسكها ووضعها على يدك وتمريرها على جسدك، وخذي الأمر بجدية كأنها حشرة طبيعية.

المرحلة الثالثة هي: أن تذهبي إلى أماكن فيها حشرات، وهنالك أنواع مختلفة جدًّا من الحشرات توجد في بعض الأحيان في بعض حدائق الحيوان مثلاً والطيور، عرضي نفسك، انظري إلى هذه الحشرات، وبعد ذلك أعتقد أنه من الممكن جدًّا أن تواجهي هذه الأمور بكثير من الاطمئنان.

بالنسبة لموضوع الأصانسير، أولاً دائمًا احرصي على قراءة دعاء الركوب، حين تستعملين هذه المصاعد، هذا مهم جدًّا، وقد وجد أنه يبعث على الكثير من الطمأنينة، وفي نفس السياق الذي ذكرناه لك سابقًا: حقري فكرة المخاوف، أسألي نفسك (لماذا أخاف؟ هذا الهرع وهذا الاحتمال وهذا القلق التوقعي من أنه ربما يوجد شخص آخر في الأصانسير، وماذا يعني إن وجد شخص آخر، فهذه الأصانسيرات هي للاستعمال العام)، اخضعي هذا التفكير السلبي الوسواسي لشيء من التفصيل والمنطق، وحقري ما هو سخيف منه.

الخطوة العلاجية الأخرى هي العلاج الدوائي: بالرغم من أن تجربتك السابقة مع الزيروكسات كان فيها ما هو إيجابي وما هو سلبي كما ذكرت، لكن الأدوية ضرورية، لأن الأدوية تؤدي إلى توازن في منظومة المواد الكيميائية الدماغية التي تعرف بالناقلات العصبية، والتي يُعتقد أن تأرجح إفرازه أو ضعفه أو عدم انتظامه ربما يكون مسببًا رئيسيًا في استمرار هذه المخاوف؛ ولذا لابد لهذا الأمر أن يُحيّد، لابد لهذه الكيميائيات والناقلات والموصلات العصبية أن ترجع إلى طبيعتها، ووجد أن بعض الأدوية تؤدي ذلك في أمان شديد إن شاء الله تعالى.

الدواء المفضل يعرف تجاريًا باسم (زولفت) ويعرف أيضًا باسم (لسترال)، ويعرف علميًا باسم (سيرترالين)، وأنت في حاجة إليه بجرعة صغيرة، وإن شاء الله تعالى لن تكون هنالك أي آثار سلبية.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً