الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع النوم وأحس بفزع شديد عند الاستيقاظ من النوم.. ما سببه وعلاجه؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,,

عمري 30 سنة, أريد -يا دكتور- أن أخبركم عن حالتي، منذ حوالي ستة أشهر بينما كنت جالساً مع أقاربي فجأة أحسست بثقل, وضيق نفس، وألم في صدري، وتسارع في نبضات قلبي، فنقلوني إلى المستشفى، وكنت أحس بخوف شديد, فأجرى لي الطبيب تخطيطا للقلب، وبعض الفحوصات على الغدة الدرقية, وتحليل فقر الدم، وبعض الفحوصات الأخرى، وقال لي: إن جميعها سليمة -ولله الحمد-، وإنها حالة نفسية من السهر والتعب، وأعطاني دواء اسمه (ليكسوتان)، وقال لي: خذه عند الضرورة، واسمه العلمي (بروزبان) لكنني توقفت عنه؛ لأنه يسبب التعود عليه.

بعدها أصبحت لا أستطيع النوم إلا بعد ساعتين أو ثلاثة من القلق في السرير, مع ألم في صدري، ويدي اليسرى، وأحيانا عندما أنام أستيقظ على تسارع في القلب, مع خوف شديد، وأصبحت أتوقع أنه في كل لحظة سوف تأتيني الحالة، وصرت أخشى من النوم، وأن أبقى بمفردي في البيت، وعدم القابلية لأن أعمل أي شيء, حتى أثناء عملي صرت أتعامل مع الزبائن بعصبية، وأشعر بتعب وإرهاق شديدين, وآلام في الصدر شديدة، وخاصة في الجهة اليسرى واليد اليسرى, وأشعر بنغزات في الصدر في الجهة اليسرى.

بعدها ذهبت إلى طبيب الصدر، ففحص صدري، وقال لي: إن صدري سليم تماما، وذهبت لطبيب القلب مرة أخرى, وأجرى لي الفحوصات, وقال لي أيضاً :حالتك نفسية, وأعطاني دواء اسمه (شيفا تربتل)عياره 25 ملغ مضادا للاكتئاب والقلق، لكنني لم أستفد منه.

تركت عملي لأني كنت في حالة ضيق منه، ذهبت إلى طبيب أعصاب, وأعطاني دواء اسمه (انفرانيل) عيار 25 ملغ، وقال لي معك حالة اسمها حالة هلع، وعندما أخذت أول حبة من الدواء شعرت بتهيج في الصدر، وأصابني خوف شديد, وتسارع في ضربات القلب، وشعرت بأسناني ترتجف.

ذهبت بعدها إلى السعودية لأداء العمرة، ونصحوني هناك أن أداوم على ذكر الله، وخاصة أذكار الصباح والمساء, وأن أستمع للرقية الشرعية، ولا أخفيك أنني بعد شهر ونصف من المواظبة على الذكر شعرت بتحسن نوعاً ما, وتحسن نومي، ولكني كنت أستيقظ أحيانا، وأنا فزع وخائف, ونصحوني أن أذهب إلى طبيب نفسي, فوصف لي (فافرين) عيار 50 ملغ حبة يوميا لمدة أسبوع, بعدها تصير حبة صباحاً وحبة مساءً، ووصف لي دواء اسمه (كلوناريل), واسمه العلمي (كلونازيبام) عيار 2 ملغ بمعدل نصف حبة مساء, ونصف حبة عند اللزوم، وقال لي: إنها نوبة هلع, ولا أخفيك أنه أصبح لدي خوف من الدواء بعدما حصل لي عندما أخذت الأنفرانيل.

أرجو -يا دكتور- أن تساعدني في مشكلتي؛ لأن هذه الحالة سببت لي إحباطا، وتعكير مزاج, وعدم الارتياح، وهل الدواء الأخير مفيد لحالتي؟

وجزاك الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فشكرا على السؤال، وعلى بعض التفاصيل التي ذكرت، ومنها أنك من سوريا.

وكون قصتك تعود لستة أشهر فقط، فمن الطبيعي أن نفترض أن شكواك -والتي من الواضح أنها نفسية؛ حيث استبعد عدة أطباء الأسباب العضوية- علاقة بالأحداث المؤلمة التي تجري في بلدك سوريا، وما يتعرض له الناس هناك من أنواع القتل والتعذيب، والغالب أنك متفاعل ومتأثر مما يجري هناك، وأنك بعيد عن بلدك الذي تحب, ولاشك. ولربما كان لك هناك معارف وأقرباء أو أصدقاء.

وليس هذا بغريب حيث نجد هذا كثيرا مع الناس الذين لديهم أقرباء في مناطق الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية أحيانا، فكون الإنسان متألما لمصاب أناس آخرين، وخاصة عندما يتألم الإنسان، ويشعر بأنه لا يستطيع أن يقدم المساعدة المباشرة، من الطبيعي أن تظهر بعض الأعراض النفسية كحالات القلق والرهاب, أو حالات ما نسميه بنوبات الفزع، والتي وصفت في سؤالك عندما أخذك أهلك إلى الإسعاف.

والعادة في نوبات الفزع هذه أن تكون كل الفحوصات طبيعية، وكذلك تخطيط القلب، والعادة أن تخف هذه النوبة وتختفي بلا مضاعفات، إلا أن هناك احتمال أن تتكرر مجددا، ولأسباب لا نعرفها, أو غير واضحة.

تفيد أحيانا بعض الأدوية المهدئة, أو مضادات الاكتئاب، إلا أن العلاج الأكثر فعالية هو العلاج السلوكي والمعرفي، بأن تتعلم عن هذه النوبات، وأن تعرف وتطمئن إلا أنه لا توجد لها أسباب عضوية، وأنها ليست دليلا على فقدانك لعقلك، وإنما هي حالة نفسية بسبب أزمة تمرّ بها أنت, أو من تحب من الناس.

ويفيد هنا أن تقرأ وتطلع على طبيعة نوبات الذعر هذه، وأن تتعرف على الطريقة الأمثل في التكيف معها، فمثلا بدل أن تقاوم نوبة الذعر هذه، وتحاول منعها، الأفضل أن تسمح لها بأن تأتي، وتأخذ حدها، ومن ثم تختفي من حيث أتت، بينما مقاومتها يزيدها شدة وضراوة.

لا أنصح بتناول هذه الأدوية التي وردت في سؤالك من دون متابعة طبيب متخصص، فأولا يحاول هذا الطبيب وصف الدواء المناسب، ومن ثم يتابع تطور حالتك، وأيضا يمكنه أن يقوم معك ببعض جوانب العلاج السلوكي المعرفي، مما يساعدك على ضبط أعراض هذه النوبات وغيرها.

المشكلة في بعض هذه الأدوية -وخاصة التي هي تأثيرها قصيرة المدى والفاعلية- أنها قد تسبب الإدمان, أو الاعتياد إذا طال استعمال الدواء لأكثر من 2-3 أسابيع.

ليتك لم تترك عملك، فالعمل يساعد الإنسان على التكيف مع متطلبات الحياة، وليس مجرد مصدر للدخل المالي، بالإضافة إلى أنه ينظم وقتنا وجهدنا، فلا يضيع هذا الجهد سدى.

وفقك الله، وأراح بالك في أهلك، وبلدك سوريا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا محمد

    العلاج هو ان تؤمن بقضاء وقدر وثاني شي ان تكثر من الاستغفار ثالث شي برمج عقلك ان الحياة لاتستحق التفكير الزائد رابع شي اعمل رياضه سادس شي كل شوكلاته الداكنه ترفع هرمون السعاده

  • الجزائر ناصر بوتي

    نوبات الهلع التي تشكو منها ليست وليدة شهر او سنة لقد كانت تتشكل بعد ما اصبت بصدمة او حادث او سمعت شيء مخيف او اي شيء له علاقة بالحزن او الخوف وهذا منذ سنين الحل ان تعرف جيدا مالذي سبب لك هذا الاحساس ولو شيء صغير (اذا عرف السبب بطل العجب ) الحل يكمن في استشارة طبيب نفساني تثق فيه جيدا والعمل والتركيز على العمل والصلاة ومخالطة الناس لاتنطوي على نفسك وابتعد قدر الامكان عن الانترنت والهاتف الذكي خاصة ارجوا من الله ان يشفينا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً