الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج ولكن لا أدري لم فسخت الخطوبة!

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

أسأل الله أن تساعدوني في حل مشكلتي بأي طريقة من الطرق, فأنا أرى عمري يضيع أمام عيني, ولا أعرف ماذا أعمل؟

أنا صيدلانية عمري 23 سنة, خطبت لدكتور بشري يبلغ من العمر 30 عاما, وسيم إلى حد ما, ومحترم, ونحن متوافقان اجتماعيا وماديا, وفي يوم قراءة الفاتحة كنت فرحة جدا, لأني أخيرا ارتحت لشكل شخص ممن تقدموا لي, وسأُخطب, أول أسبوعين كنت فرحة جدا بمكالمات التليفون, وكنت أعيش حياة طبيعية, وتركيزي عالٍ, وطبىعي, بعد هذا بدأت تحدث لي أعراض, فأنا لا أتخيله زوجا لي, وبلا سبب بدأت لا أنام, وبدأ عندي الصداع النفسي, والقلب مقبوض, ولا أكلم أحدا, ولا أنام, وأريد أن أفسخ الخطوبة, وليس سحرا ولا حسدا.

بعد أن حجزنا القاعة للخطوبة ألغينا الحجز بسبب حالتي, فنومي ليلا بدأ يقل ويقل, وبدأت أنام طول النهار على السرير, ولا أفعل شيئا آخر, وأتحدث معه على التليفون, وأنا نائمة على السرير, وإذا خرجت إلى مكان رجعت لأنام, ولا أفعل شيئا, لا تلفزيون, ولا أصدقاء, ولا أقرأ شيئا, وبدأ الصداع يزداد شيئا فشيئا, وكأن أحد يشد شعري, فإذا تحسست فروة رأسي شعرت بالألم, وإذا جاء أدخل وأقعد معه, ولا أتكلم شيئا, وما أفعله هو أن أبتسم ابتسامة بلهاء, والتوهان, والسرحان, وعدم التركيز يزيد شيئا فشيئا, وبعد أن ينصرف أخرج لأنام, وأصحو من النوم صباحا وأتناول الإفطار, وأدخل لأنام.

وإذا خرجنا فأنا بطبيعتي قليلة الكلام, فلا أستطيع أن أتكلم معه, ولا أفعل شيئا سوى أن أبتسم أيضا ابتسامة بلهاء, وأشعر أن جسمي مكسر من كثره النوم, فلا أشعر بفرحة امرأة تخرج مع خطيبها, ولا أستطيع أن أسعده, ولا أستطيع الكلام, ولا أريد أن أفعل شيئا, وبدأت أسمعه كلاما غير جيد, أنا لست مرتاحة, وأنا لا أقدر على الميل له, وبعد ذلك عرفت أن حالي هذا سيكون في كل مرة, وأني سأبقى فرحة في الأول, وبعد ذلك سيحصل هذا كل مرة, وحالتي تسوء أكثر وأكثر, وعرفت أني لن تكتمل لي خطوبة, وأني لا أستطيع أن أفرِح من أمامي, ولا أفرح نفسي, وأمشي تائهة مهمومة, وبعد 3 شهور فسخنا الخطوبة.

وقلت لنفسي بعدها: الحمد لله أنا لن أتزوج, ولن أخلف, فأنا لا أستطيع أن أفرح أحدا, ولا حتى نفسي, ولا أستطيع الاستمتاع بالدنيا, وبعد هذا صرت أبكي كل يوم, وأرفض أي عريس يأتي لي, هل أنا فعلا لن أستطيع الزواج؟ لأني أحس أن قلبي وعقلي رافضان, بالإضافة إلى التوهان, والسرحان, وقلة الكلام, والنوم, والصداع النفسي فهذا يحصل كل مرة, ولو قعدت معه سأبقى نائمة, لست مركزة, وأبتسم ابتسامة بلهاء, وأيضا ماذا ستقول الناس عني لو لم أتزوج؟

أنا دائما أقول لنفسي: من الضروري أن أبقى بحالة جيدة, لكني لا أستطيع, أرجوكم ساعدوني, وأيضا هناك شيء غريب حصل لي وهو أني عندما أتخيله تأتي في خيالي صورته وهو ماشٍ في المستشفى مثلا, أو وهو يتكلم مع أحد, والصور هذه دائمة, وتضايقني لدرجة أن صورته وهو ماشٍ بدأت تلازمني, مع ألم شديد في الجزء العلوي الشمالي, لا أستطيع التركيز في شيء منها, أرجو أن تتخيلوها, أنا أعرف أنها شيء غريب, لكن هذا ما جعلني أفسخ الخطوبة, فأنا أرفض وجود الرجل في حياتي لأن إمكانياتي لا تسمح فماذا أفعل؟

أنا أعلم أن كلامي ليس منطقيا, ولا طبيعيا لكنها الحقيقة, أنا فعلا فسخت الخطوبة لأني أشعر باختناق, ولست فرحة, وغير قادرة على الشعور بأني مرتبطة, ولا مخطوبة أصلا, والصداع الدائم, فأنا إذا ذهبت لأي فرح أرجع وأنا باكية, لأني أعرف أني لن أتزوج, ولن تكمل لي خطوبة, فالألم في رأسي, والتنميل, والحرقان, وقلة النوم, وعدم قدرتي على أن أفرح الذي أمامي, وما يحدث لي من قيء وغثيان إذا تذكرت له حركة ما, وموضوع الصور هذا موضوع مهم لأنه يضايقني, وأتخيل أشياء لم تحصل كأني أراقب تصرفاته وهو ماشٍ, وهو يتحرك في المستشفى, وهو يتعامل مع المرضى, وأنا أصعد السلم مثلا أتخيل شكله وهو يصعد على السلم, وأنا ماشية في الشارع تأتي صورته في الجزء العلوي الشمالي من رأسي, وكأنها ثابتة لا تتحرك, وتجعلني غير قادرة على التركيز في أي شيء, أنا أعرف أنكم لن تتخيلوا هذا الأمر, لكن هذا هو الحاصل -والله العظيم- ولا أعرف ماذا أفعل؟!

أنا تعبانة ومخنوقة, وأنا مرتاحة من غير أن أرتبط بأي أحد, لكني أريد الزواج والفرح, أريد أن أفرِح أبي وأمي, وأيضا هم سيتركوني, وسأعيش وحدي من غير أولاد ولا زوج.

أرجو المساعدة حول موضوع الصور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hend farag khera حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأؤكد لك أنني قد تفهمت رسالتك تمامًا، والذي حدث لك نسميه بعدم القدرة على التواؤم.

هنالك بعض الناس الذين يفتقدون القدرة على التكيف حتى مع الأحداث الجميلة في الحياة، فأمر الخطوبة هو أمر طيب وأمر مفيد، وأنت تعرفين قيمة ذلك، ولكن لم تستطيعي التكيف معه، ربما يكون للاستعداد الغريزي لديك حول القلق والتوتر, وعدم القدرة على التواؤم والتكيف.

الذي أنصح به في مثل حالتك هو أولاً: أن تعيدي النظر تمامًا فيما يخص مقدراتك، فأنت مقتدرة، يجب أن تكون هنالك ثقة، يجب أن تكون هنالك قبول للذات، ومن ثم تسعين لتطوير ذاتك.

تحول الأمر لديك وبصورة واضحة جدًّا إلى حالة من الصراع النفسي الذي تولدت عنه وساوس، ويعرف أن الإنسان هو فكر ومشاعر وسلوك، متى ما تشابكت هذه, أو لم تكن متوازنة ينتج عن ذلك عدم القدرة على التكيف, وعدم القدرة على التواؤم.

بعد أن تم فسخ الخطوبة يأتيك اجترارات وتخيلات أن هذا الشاب – أي الطبيب الذي كان خطيبًا لك – يمشي في المستشفى, وهو يتكلم مع أحد، فهذه الصورة الذهنية التخيلية التي تراودك هي تعبير عن الفقد, والفقدان, والحزن الذي حدث لك بعد أن فسخت الخطوبة، وهذا يدل أيضًا على أنك مرهفة الوجدان والعواطف والأحاسيس، ومثل هذه المشاعر سوف تختفي وتتلاشى -إن شاء الله- تدريجيًا، يجب أن تركزي على أنها ليست حقيقة، أنك يجب أن تكوني مستبصرة، أن تكوني أقوى، أن تكوني أثبت، وهذا يفيدك كثيرًا.

بصفة عامة: أنا أرى أن مقابلة طبيبة نفسية سوف تكون ذات فائدة كبيرة لك؛ لأن الطبيب النفسي يستطيع أن يساعدك للاستفادة من دوافعك النفسية الإيجابية، ويقلص من تأثير الدافع النفسي السلبي، وفي ذات الوقت أيضًا أنت محتاجة لوصفة علاجية دوائية, هنالك أدوية ممتازة جدًّا يعرف عنها أنها مفيدة جدًّا لعلاج القلق والتوترات والوساوس، وأعتقد أن الدواء سوف يضعك في مزاج جديد، وسوف تحسين بشيء من الرضا, وقبول الذات, والتفكير الإيجابي المستقبلي، وهذا بالطبع سوف يعطيك الدافع نحو الإقدام على قبول الخطوبة والزواج متى ما تقدم لك الرجل الصالح.

الشعور بأنك تعبانة ومخنوقة، هذا عرض أساسي من أعراض القلق النفسي، وكذلك الحرقان والتنميل واضطرابات النوم، خاصة في أول النوم، هي ظاهرة معروفة جدًّا في حالات القلق والتوترات النفسية.

أحتم مرة أخرى إن كان بالإمكان مقابلة الطبيب النفسي فهذا هو الأفضل لك، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فهنالك أدوية جيدة يمكن أن أصف لك أحدها، وهي متوفرة في مصر، فأفضل دواء يفيدك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (مودابكس) هكذا يسمى في مصر، واسمه العلمي هو (سيرترالين), ومن أسمائه التجارية المعروفة (لسترال) و(زولفت).

ابدئي بجرعة خمسين مليجرامًا، تتناوليها يوميًا ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم – أي مائة مليجراما - يمكن تناولهما كجرعة واحدة ليلاً، أو تقسم إلى جرعتين، حبة صباحًا وحبة مساءً، استمري على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية التي تنتقلين بعدها إلى جرعة التوقف وهي نصف حبة، يتم تناولها ليلاً لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

لابد أن تكوني حريصة جدًّا على تغيير نمط حياتك، وأن تكوني إيجابية في تفكيرك، أنت صاحبة مهنة محترمة، حاولي أن تطوري نفسك مهنيًا، وتتواصلي اجتماعيًا.

ممارسة الرياضة أيضًا ذات فائدة كبيرة جدًّا للتخلص من كل الشوائب النفسية السلبية.

وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية أرقامها حول طريقة الرقية الشرعية: (237993- 236492-247326 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

انتهت إجابة الدكتور النفسي: محمد عبد العليم، تليها إجابة المستشار الشرعي الدكتور:أحمد المحمدي.

========================================================================

أسأل الله أن يبارك فيك -أختنا الفاضلة- وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين به في دينك ودنياك.

وأنا أثمن كلام الدكتور محمد لكني أحب أن أركز على نقطتين:

أولا : لقد جزمت -أيتها الفاضلة- بأن هذا ليس عينا, وليس سحرا, وهذا الجزم محل خلاف في نظري, بمعنى قد يكون, وقد لا يكون, فلماذا الجزم بالسلب؟ إن العين حق, والحسد أمر وارد, لذلك أتمنى عليك بداية أن تبدئي الرقية الشرعية, وأن تحافظي على أذكار الصباح والمساء, وأن تقبلي على التقرب من الله أكثر, فإن في القرب من الله اطمئنان نفسي, ورضا بالقدر, وتفريج للهم, وتيسير للحال.

ثانيا: ظهر من الرسالة ضعف الإرادة عندك, والاستسلام التام للأمور السلبية, وهذا خطأ كبير, فإن الاستسلام يظهرك بمظهر العاجزة أمام أي أمر, واعلمي -أيتها الفاضلة- أن الإنسان إذا رمي في اليم فلا ينبغي أن يسأل هل أحسن التجديف أم لا فالطوفان لا ينتظر أحدا.

عليك -أختي الفاضلة- أن تكوني أكثر ثقة بنفسك, وأن تكوني اجتماعية أكثر, ولا بأس بمجالسة طبيبة نفسية حتى تدلك على الآليات التي تنمي فيك الاتجاه الإيجابي.

وفي الختام ثقي -أيتها الفاضلة- أن ما قدره الله كائن لا محالة, وما مر عليك أمر كتبه الله عليك, ولعل الخير فيه, وينبغي أن نتعلم من أخطاء ما مضى ما يصلح غدنا، فأوثقي حبالك بالله, وإن أتاك صاحب دين وخلق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فلا تتردي, والتزمي تعاليم دينك في حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة, والتزمي الأذكار في الصباح والمساء.

نسأل الله أن يبارك فيك, وأن يرزقك الزوج الصالح, ونحن في انتظار المزيد من رسائلك واستفساراتك, والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر محمود

    الاهتمام رائع جزيتم خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً