الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكتم غيظي عندما أكون عصبية ويكثر علي الضغط؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سعيدا جدا بالتواصل معكم، وأحمد الله على هذه النعمة أن يسر لنا العلم، والاستشارات في بيوتنا.

أنا بطبيعتي هادئة كتومة إلي حد ما، فلا أعبر عن مشاعري وحتي إن جرحني أحد أكتمها، ولا أحدث به أحد مخافة أن أغتاب ذلك الشخص، ولا أواجه إن كان من أحد والدي أخاف أن أعقهما، لكن إن تعرضت إلي مشكلة مع إخوتي أو في الخارج وظلمني أحد أكتم في البداية، لكن إن زاد الضغط علي أصبح عصبية فجأة, وقد أصرخ أحيانا، حتى يتفأجأ كل من في البيت من حالتي.

حيث أنهم تعودوا علي أني تلك البنت المطيعة جدا, أنا أعاني من ممارسة أحلام اليقظة إن تعرضت لي أي مشكلة ,فالآن أحس من عدم الاتزان في تصرفاتي (عصبية).

أيضا أنا لا أحب الكلام كثيرا، وهدا يزعج أمي لأنها تحبني أن أتكلم معها، فأنا (أخاف إن تكلمت علي الناس أن أغتاب أحد)، وهي تطرح أسئلة كثيرة،مع العلم أني أدرس برمجة وهذا يتطلب مني الجلوس المطول أمام الكمبيوتر، فتجلس أمي أمامي خاصة إن لم يكن هنالك أحدا في البيت، وتبدأ في الحديث، وتسألني عن كل شيء، أحيانا لا أرد عليها لأني لا أستطيع الكلام معها، والدراسة في أن واحد هل بهذا أكون قد عققتها؟ ماذا أفعل؟

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رونق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فأولاً أشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وأقول لك جزاك الله خيرًا على حسن أدبك وذوقك وبرك لوالديك وإلمامك التام بجسامة وضخامة وسوء الغيبة والنميمة.

الذي يحدث في حالتك أنك حساسة، وكما ذكرت لك أنك ذوقية جدًّا، وهذا شيء يُحمد، لكن الحساسية الشديدة، وكذلك الكتمان خوفًا من أن لا تحرجي الآخرين أو يكون هذا نوعا من الغيبة، هذا يؤدي إلى احتقانات نفسية، والاحتقانات النفسية حين تتكاثر على الإنسان تؤدي إلى انفجارات نفسية، هذه الانفجارات - إذا جاز التعبير - تظهر في شكل انفعال عصبي زائد يُخرج الإنسان عن النطاق السوي والسليم فيما يخص التواصل الاجتماعي، كما أن الإنسان الكتوم غالبًا يكون غضوبًا في بعض الأحيان، وتعرفين أن الغضب له ارتداداته ونتائجه السلبية جدًّا.

الذي أرجوه منك هو أن تعبري عن ذاتك في حدود الذوق والأدب والانضباط الشرعي، ومن الواضح أنك تراعين ذلك كثيرًا.

لا تحتقني، لا تكتمي كل شيء، هذا ليس أمرًا جيدًا. وكذلك تدربي على ما نسميه بتمارين الاسترخاء، هي تمارين فاعلة وجيدة جدًّا، يمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت للتدرب عليها.

أيضًا أريدك أن تلتزمي بالعلاج النبوي في إدارة الغضب، الغضب يأتي للإنسان وهذه غريزة موجودة لدى كل البشر، وأنا لا أعتقد أن الغضب في حد ذاته مشكلة، لكنّ الإشكالية تأتي من كيفية إدارتنا لغضبنا، ومتى ما اتبعنا ما ورد في السنة المطهرة من استغفار، وأن نطفأ نار الغضب بالوضوء، وأن يغير الإنسان مكانه ووضعه، وأن يتفل ثلاثًا على شقه الأيسر، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، هذه الرزمة العلاجية الكاملة تعدل سلوك الإنسان بصورة واضحة جدًّا، فكوني حريصة على ذلك.

بالنسبة لموضوع والدتك وأنها تحب دائمًا أن تتقرب إليك، وتسألك أسئلة كثيرة ومفصلة: لا تنزعجي لهذا الأمر، لا شك أن هذا من شفقتها عليك، ومحاولتها أن تعرف كل شيء عنك، وفي ذات الوقت ربما تجد السلوى والمتعة حين تتحدث إليك.

لا أعتقد أن هنالك أي نوع من العقوق إذا ذكرت لوالدتك أنك في الوقت الحاضر تريدين أن تنصرفي إلى الدراسة، والتركيز على عملك في الكمبيوتر، ومن ثم بعد ذلك يمكن أن تكون لك جلسة معها.

لا أعتقد أن في هذا أي نوع من الخلل أو العقوق، لكن سوف يقوم أحد المشايخ بإفادتك في ذلك.

بالنسبة لأحلام اليقظة: أحلام اليقظة هي متنفس، هي محبس نفسي مهم للناس خاصة للذين يميلون للكتمان كما هو في مثل حالتك، فأحلام اليقظة ليست كلها سيئة، لكن إذا كانت متسلطة وبإسراف لا شك أنها تسبب القلق، لذا نحن نقول: من تأتيه أحلام يقظة كثيرة يجب أن يركز على موضوع واحد في هذه الأحلام، ويتدارسه مع نفسه، وينظر إن كان بالإمكان أن يحقق من خلاله أهدافٍ معينة، وكثير من الذين نجحوا في حياتهم من الكتّاب والمخترعين وغيرهم كانت تنتابهم أحلام يقظة شديدة جدًّا في فترة اليفاعة والشباب، فهي ليست كلها سيئة.

كما أن تمارين الاسترخاء التي أشرنا إليها تقلل منها كثيرًا، وأن شغل الإنسان نفسه بأشياء تطبيقية، وعملية يدير من خلالها وقته بصورة جيدة، هذا أيضًا يصرف هذه الأحلام عن الإنسان أو على الأقل تكون وظّفت التوظيف الصحيح والإيجابي.

أريدك أن تنظري للأمور عامة بصورة إيجابية. لا أعتقد أنك تعانين من مشكلة أساسية، فقط الأمر يتطلب منك أن توازني ما بين التعبير عن الذات، وتجنب الاحتقان النفسي، وأن تتواصلي مع والدتك بصورة موفقة ومتوازنة أيضًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم الأخصائي النفسي/ تليها إجابة المستشار الشرعي أحمد الفودعي لمزيد فائدة:

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يزيدك توفيقًا، وأن يحللك بأجمل الأخلاق، ووصيتنا لك العمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لمن طلب منه الوصية، قال له: (لا تغضب) أي لا تتعاطى الأسباب التي تؤدي بك إلى الغضب، وإذا غضبت لا تسمح للغضب بأن يملي عليك من التصرفات القولية أو الفعلية ما تندم لسببه بعد ذلك.

وأما عن برك لوالدتك، فإن البر بالوالدة واجب، فيجب عليك أن تتحري رضاها بقدر استطاعتك، ولا يجوز لك أن تمتنعي عن الكلام حين تتحدث معك أمك، وبإمكانك أيتها الكريمة أن تصارحي والدتك أنك بجاحة إلى وقت لمذاكرة دروسك، ونحو ذلك، وظننا أن الأم ستتفهم هذا، ولن تغضب إذا طلبت منها مكانا منفصلا لمذاكرة الدروس.

وأما مشاركتها في الغيبة إذا وقعت في الغيبة فإنه لا يجوز، وينبغي لك أن تتلطفي بها برفق ولين وتنصيحها وتذكريها بحرمة الغيبة وعاقبتها الوخيمة، فإذا لم تكف عنها فلا إثم عليك أنت، ولكن لا تشاركيها في ذلك.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً