الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعاطى الحشيش منذ ست سنوات فكيف أقوي عزيمتي لتركه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ 26 سنة، ومنذ 5 سنين أو أكثر وأنا أتعاطى الحشيش، خلال هذه الفترة تخللها بعض التوقف عن تعاطيه, ولكن سرعان ما أرجع للتعاطي.

حاليا أعاني من اكتئاب, وضيقة بالصدر، وأعاني من تشتت التركيز، ومن رعشة باليد, تحرجني كثيراً, خصوصا أني أحضر للماجستير حاليا, ومن متطلبات بعض الأساتذة أن أطلع وأعرض (برزنتيشن) أمام الطلاب, وأعاني من صعوبة في ذلك جدا، ومن تخوف غير مبرر.

الشاهد أن لدي رغبة كبيرة في التوقف عن تعاطي هذا المخدر تماما، وقد ذهبت إلى طبيب نفسي قبل فترة, ووصف لي ثلاث أدوية: (سيليباكس- سيروكسات- روميرون) الأخير قال لي: خذه قبل النوم عند الحاجة إلى ذلك, كأرق, وما شابهه, ولكني استخدمت العلاجات لفترة بسيطة جدا, وغير متواصلة، وبدأت أحس ببعض الآثار الجانبية, وتوقفت عن استخدام العلاج، خصوصا أني رجعت إلى تعاطي الحشيش, وأحسست أنه من الغلط أن أستخدم العلاج والحشيش في نفس الوقت.

حاليا أريد أن أرسم خطة لنفسي حتى أتوقف عن التعاطي تماما، وأهم شيء أحتاجه حاليا علاجا لتقليل التوتر, والرعشة, والتخوف غير المبرر؛ لأن الشهرين القادمة هما شهران حاسمة في الدراسة, وأريد أن أبدأ بتناول علاج للاكتئاب؛ بحيث أني حتى لو استمررت بتعاطي هذا المخدر اللعين أستخدم العلاج معه، ولعله مع الوقت تقوى العزيمة, وأتوقف تماما عن تعاطي المخدر.

أحببت أن أطرح حالتي عليكم، ليقيني بعد الله أن هذا الموقع فيه من الكفاءات والخبراء من بإمكانه أن يوجهني إلى الطريق الصحيح, والعلاج المناسب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأتمنى لك الصحة والعافية، وأرجوك أن تسعى وتأخذ بالأسباب التي توصلك -إن شاء الله- إلى أعلى درجات التعافي.

أنا أقول لك, ودون أي مبالغة, وبكل مهنية وحيادية: الحشيش مضر، المخ به اثنا عشر مليون خلية، الحشيش يضرب كل هذه الخلايا، ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ تمامًا, الحشيش يؤدي إلى فقدان الطموح، يؤدي إلى تقليل الدافعية، يؤدي إلى القلق، يؤدي إلى اضمحلال الشخصية وتكسرها، يؤدي إلى الاكتئاب, هذه هي الآثار المباشرة المعروفة، وأنا أريدك أن تراجع نفسك, وترى إن كنت قد أُصبت بهذه الأعراض, أو بعضها, أو كلها، أنا على يقين أنك سوف تقتنع أنه سبب لك الكثير من الضرر، هذا بجانب المضار الأخرى: التأثير على الصدر، التأثير على هرمون الذكورة, وتكوين الحيوانات المنوية، وما يتعلق ويرتبط بالحشيش من إدانة اجتماعية، فلن تعيش معك الزوجة الصالحة أبدًا، ومتعاطي الحشيش يعتقد أنه وقور ومحترم في المجتمع، ولكنه بخلاف ذلك تمامًا.

أخي الكريم: حرر نفسك من هذا الأمر، ولابد أن أضيف وأقول لك إن مكونات الحشيش الموجودة الآن في الكثير من البلدان العربية تحتوي على تركيزات عالية جدًّا من المادة النشطة, وهي (THC) وهذه مصيبة أخرى، فنحن الآن نتلقى الكثير من حالات الذهان, والاضطرابات العقلية الناتجة من تعاطي الحشيش, وذلك نسبة لقوة تركيز المادة النشطة.

في الولايات المتحدة الأمريكية: المكون الشائع الاستعمال هو المارجوانا، ونحن نقول وبكل أمانة علمية أن تركيز مادة الـ (THC) أقل، لكن هذا لا يعني أنه سليم، أيضًا هو مضر، وضرر الحشيش هو ضرر تراكمي ولا شك في ذلك، فكل من يتعاطى هذا المخدر لأكثر من ثلاثة شهور لابد أنه عرضة لأذى, وأذىً جسيم، وبفضل من الله تعالى, وبالمقابل تمامًا, أن من يتوقف -إن شاء الله تعالى- ترجع له مقدراته كما كانت، حتى إن طال الزمن.

أنت صغير في السن، أمامك فرصة طيبة، حرر نفسك من هذا الأمر، وأول خطوات علاج الإدمان هي الاعتراف بأنك لديك مشكلة، ومشكلة خطيرة، وأن تفضح ذاتك لذاتك، وأن تبتعد عن الأماكن والأدوات والأشخاص الذين يمهدون للتعاطي, هذه هي الأسس الرئيسية، وأن تعرف أن الحياة فيها أشياء طيبة وجميلة، وعليك أن تقيس الأمور بمقاييس الحلال والحرام أيضًا.

هذه هي الأسس العلاجية، أرجو أن تتوقف, وتتوقف الآن، وأنا أضمن لك أنه لن تحصل لك آثار انسحابية -كما يدعي البعض- الآثار الانسحابية الشديدة نشاهدها مع الخمور, والأنفتامينات, مثل: الكابتجون، لكن مع الحشيش, وحتى الكوكايين فهي بسيطة جدًّا، وقد لا تحدث، فاطمئن من هذه الناحية.

العلاج الدوائي الذي أرشحه, وأرى أنه أفضل لك, هو عقار (سوركويل), والذي يعرف علميًا باسم (كواتبين), والجرعة المطلوبة هي 25 مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها 50 مليجرامًا ليلاً, وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفضها إلى 25 مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

إضافة إلى السوركويل هنالك عقار زولفت - هذا اسمه التجاري - ويعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال), ويعرف علميًا باسم (سيرترالين), تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أيضًا، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه الأدوية مفيدة وفاعلة، وبالطبع إذا كنت تريد أن تستمر في تعاطي الحشيش فيجب أن لا تتعاطى هذه الأدوية, هذه حقيقة علمية هامة، وذلك لسبب بسيط: أن الحشيش يؤدي إلى تثاقل وارتفاع إفراز مادة الدوبامين، وهي المادة التي تُشعر الإنسان بالمردود الإيجابي الكاذب، وفي نفس الوقت هذه الأدوية تعمل على شل حركة الدوبامين, وتحسين مستوى السيروتونين، فتعاطي الاثنين مع بعضهما البعض -الأدوية والحشيش- يؤدي إلى نوع من الانسمام الدماغي.

هذا يجب أن تعرفه -أيها الأخ الفاضل الكريم- وعليك أن تختار، وأحسب أنك سوف تختار أن تتوقف عن تناول الحشيش, وتتعالج، وسوف يأتيك -إن شاء الله تعالى- خير كثير فيما يخص تركيزك ومشاعرك ووجدانك وعاطفتك، وسوف تكتشف أن الحياة فعلاً جميلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً