الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير السلبي وأثره في جلب الهموم والأحزان وطرق معالجته

السؤال

محطمة أريد النجاة.

مررت بتحطيمات متكررة مما أضعف ثقتي بنفسي, وتغيرت نفسيتي للأسوء مثل الشعور بالظلم, والكراهية لمن حولي.

وانكشفت لي أقنعة الناس, وأصل علاقتهم لي كانت لهدف، ومن بعد خسارتي تركني الكل، وصرت وحيدة لدرجة أنهم لا ينصفوني، لكنهم يسقطون علي ولا يحبون تقديم أي خدمة لي.

أنا بطبعي لا أعرف إنشاء العلاقات، وأغلب صداقتي كانت من ناحيتهم، وأنا لا أفرض نفسي على أحد، وفي نفس الوقت لا أستطيع استعادتها بل أتركهم كما يحبون, فوجدت نفسي وحيدة.

ولأني مغرقة بالهموم تحسنت علاقتي بربي فصرت أقوم الليل وأكثر الدعاء, فأشعر براحة مؤقتة، لكني لا أزال حزينة مهمومة، فكل درس تعلمته أتى متأخرا بعد فوات الأوان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنا نعتقد أن الناس هم كما هم ولم يتغيروا، لكن ربما يكون تقبلك لتصرفاتهم هو الذي تغير، هذا ليس ناتجًا من أي نوع من التغير الفكري من جانبك، إنما هو ناتج في أغلب الظن من ضعف التحمل الذي حدث لك.

عدم قدرة الإنسان على التحمل من المنظور النفسي تتأتى دائمًا من التفكير النفسي السلبي، وأن تميل النفس أكثر إلى جانب الهشاشة، ويكون هنالك عدم اكتراث بجوانب القوة والصمود في النفس، وهذا كله قد يحدث نتيجة لمزاج اكتئابي، والمزاج الاكتئابي يجلب الهم, ويجلب الحزن, ويجلب الكدر, والشعور بالكدر كذلك، وهذه كلها نستطيع أن نستخلصها من بين سطور رسالتك.

وأقول لك: هوني عليك، فالحل -إن شاء الله- أبسط مما تتصورين، وهو أن تنتقلي بكل هذا الفكر السلبي إلى وضع جديد ونظرة جديدة تنظرين فيها إلى الآخرين بإيجابية, وتحاولين أن تجدي لهم العذر، وأن تقبلي منهم بعض التصرفات التي لا ترضيك، وذلك انطلاقًا من وجود العذر لهم، وفي نفس الوقت ينشرح صدرك وتتقبلي كل ما هو إيجابي من جانبهم.

تحمل الأذى هي صفة عظيمة في الإنسان، ولذا قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، والإنسان حين ينتهج هذا المنهج يكون بالفعل قد وجد العذر للآخرين، وفي ذات الوقت يذكر نفسه ربما تكون حساسيته هي التي دفعته إلى لا أقول سوء التأويل إنما الفكر السلبي الذي يفقدنا الثقة بالآخرين.

أنت لك أشياء طيبة في حياتك كثيرة، وأهمها اتجاهك بأن تكون علاقتك مع الله تعالى فوق كل علاقة وصلة أخرى، ومن كان في معية الله فالله معه دائمًا.

أنت شابة وصغيرة في السن، وهذا يعني أنك تمتلكين الطاقات النفسية والوجدانية والمعرفية، وكذلك الجسدية التي يمكن أن يستفاد منها استفادة تامة.

لا تحزني، وأرجو أن تطلعي على كتاب الشيخ الدكتور عائض القرني، ففيه لمسات وظلال جميلة، تذكر الإنسان بأن النفس يمكن أن تطوع, ويمكن أن تروض, ويمكن أن تحوّل إلى طاقات إيجابية هائلة.

أرجو أن تغيري من نمط حياتك، وأن تبني علاقة حميدة مع أهل بيتك، وصلة الرحم, وبر الوالدين تُسقط على الإنسان خيرًا كثيرًا، وكما قلت لك أحسني الظن بالناس – هذا مهم جدًّا – واعرفي أنك لست في حاجة إليهم في كل شيء أبدًا.

ما أسميته بخسارة الكل يمكن أن يرتب ويمكن أن يرمم، وذلك من خلال تبني توجه وفكر جديد وتغيير نمط الحياة، الأخوة في الله هي أعظم أخوة، وسوف تجدين -إن شاء الله- من تكون أختا لك في الله تعالى.

اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، أديري وقتك بصورة إيجابية، ضعي أهدافا مستقبلية، وضعي الآليات التي توصلك إلى هذه الأهداف، وهذا كل ما تحتاجين إليه، ولا أعتقد أنك في حاجة إلى علاج دوائي.

أسأل الله لك التوفيق والعافية، ويمكنك التواصل معنا متى ما رأيت ذلك ضروريًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً