الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن وجودي وعدمه سواء ،، ولا حاجة لي في الحياة !!

السؤال

السلام عليكم..

بارك الله فيكم على عملكم المتميز.....وأطلب منك المساعدة..

أنا فتاة في السابعة عشرة من عمري، وأدرس في الصف الثاني عشر، أي أنها آخر سنة دراسية في الثانوية، لقد كان كل شيء في حياتي مختلفا في السابق في جميع النواحي الحياتية، والآن لا أرى الجمال في أي شيء، وكل أمر أقوم به يفشل ويكون غير نافع، حتى مشاعري أصبحت مختلفة، أحزن كثيرا وأحيانا أضحك كثيرا، أهتم للأمر كثيرا، وأحيانا لا أبالي، أشعر دوما برغبة بالموت، وأفكر كثيرا بوضع حد لحياتي، أشعر أن وجودي وعدمه في هذه الدنيا واحد.

أشعر بأن الكل يمشي وأنا واقفة في محلي، وكأنني متأخرة عن أبناء جيلي، تقدمت لامتحان السياقة النظري ثلاث مرات وفشلت وانهرت، مع أن الجميع قد نجح في الامتحان النظري والعملي، أشعر بأني لا شيء.

أرجو منكم مساعدتي حتى ولو كانت مجرد كلمات، فأنا أشعر أنه لا وجود لي، ولا رغبة لي بإكمال حياتي، وأجد أن كل شيء صعب وممل.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأبدأ وأقول لك إن الحياة أجمل مما تتصورين – هذا مهم جدًّا - فأنت تخطيت سن اليفاعة ومُقدمة على سن الشباب، وهذه أجمل أوقات العمر، حيث الطاقات النفسية والطاقات الجسدية، وكل هذا يجب أن يستفيد منه الإنسان لأقصى درجة.

أنا أجد لك العذر لأنك على أعتاب مرحلة جديدة في حياتك: الدراسة، الامتحانات، الفترة السابقة – الفترة العمرية السابقة – تخللتها الكثير من التغيرات الوجدانية والهرمونية والجسدية، والآن الشباب يواجه بعض الصعوبات خاصة فيما يخص الهوية والمستقبل، والشعور بالإحباط فيما يخص سوق العمل.

هذه النظرة المتشائمة وإن كانت تلامس الواقع لدرجة كبيرة إلا أنها أثرت في كثير من الناس خاصة الشباب، لكن نقول أن الخير أكثر من الشر، والإنسان يجب أن يعيش بأمل ورجاء، وحين تسيطر على الإنسان أفكار سلبية مثل التي تعانين منها لابد أن يكون متجردًا وموضوعيًا ويحكم على نفسه ويقيمها بصورة صحيحة، ولذا أدعوك وبكل قوة ورجاء أن تبدئي في تقييم حياتك من جديد، انظري إلى ما هو إيجابي في حياتك – هذا مهم جدًّا – وانظري إلى ما هو سلبي في حياتك، لكن يجب أن تكون المقاييس قائمة على الموضوعية والمصداقية والتجرد، وأنا على ثقة تامة أنك سوف تجدين ما هو إيجابي في حياتك أكثر بكثير مما هو سلبي.

الفكر السلبي الغير مبرر حين يسيطر على الإنسان دائمًا يعطينا هذه الصورة الإكلينيكية - أي التفكير السلبي المتشائم، الشعور بالإحباط، الحياة لا تعني شيئًا - وهذا في حقيقة الأمر سوف يتلاشى تمامًا حين يفكر الإنسان بصورة إيجابية، ويكون منصفًا لنفسه بتقييمها بصورة صحيحة، فأنا أدعوك بأن تعيدي تقييم ذاتك، وأن تنظري إلى ما هو إيجابي وسوف تجدين هنالك الكثير والكثير جدًّا من الإيجابيات.

عدم النجاح بالنسبة لامتحان السياقة هذا لا يعني شيئًا، نعم الواحد منا يحب النجاح، والنجاح دائمًا جميل، لكن ليس نهاية المطاف، فالإنسان قد يخفق في أمر بسيط وقد ينجح في أمر أكثر صعوبة، وهكذا الحياة، يجب أن لا تعتقدي أن الإخفاق أمر ملازم لك، كلا .. فأنت أفضل من ذلك، وكل الذي تحتاجين إليه هو دافعية جديدة، وأن يكون لك أمل ورجاء، وأن تتوكلي على الله تعالى، وأن تفوضي أمرك إليه، والتوكل نعني به الأمل فالعمل والجدية، وإن شاء الله تعالى ستصلين إلى مقصدك في هذه الحياة.

التفكير في الانتحار أمر مرفوض تمامًا، لا يليق بشباب الإسلام، وهو حقيقة لا يعني إلا شيئًا واحدا وهو الخسران في نهاية الأمر، لأنه بذلك فقد نفسه وحياته بصورة بشعة، وشعور بالذنب والإحباط لمن يتركهم وراءه، وهذا مآل من يقوم بأخذ حياته عنوة، وأنت لست في حاجة لذلك أبدًا، أذكر لك قصة الرجل الذي في معركة من المعارك، وكان قد جُرح جرحًا في جسده ولم يتحمل ولم يصبر، فأخذ حياته عنوة، فذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه في النار، وقد قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا * ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على يسيرًا} فالانتحار محرم ولا يجوز لمسلم أو مؤمن أن يقوم بذلك.

حياتك طيبة، حياتك تحتاج منك فقط إلى نظرة إيجابية، إلى إعادة ترتيب الأمور بصورة أفضل، عليك بالزمالة الطيبة، والقدوة الحسنة، كوني مع الصالحات منهنَّ حولك من الفتيات، ركزي على دراستك، عليك بالدعاء، مارسي بعض التمارين الرياضية حتى تجددي طاقاتك، وأنا على ثقة تامة أن الأمور سوف تتبدل تمامًا بصورة إيجابية، أخرجي نفسك من هذا المستنقع البسيط، وهو مستنقع التفكير السلبي.

إذا كان بالإمكان أن تقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا أيضًا جيدًا، لأني أرى أنك إذا تناولت أحد الأدوية المحسنة للمزاج هذا سوف يفيدك كثيرًا، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac) واسمه العلمي هو (فلوكستين Fluoxetine) والجرعة المطلوبة في مثل حالتك هي بسيطة جدًّا، كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم يتم التوقف عن الدواء، ويفضل تناوله بعد الأكل.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً