الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تعاني من خجل وتوتر كبير.. فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أختي الصغرى لاحظت أنها بدأت تخجل كثيرًا وتتوتر، ولا تخرج من المنزل كثيرًا، كما لاحظت أن مستواها الدراسي أصبح سيئً جدًّا.

وكانت دائمة المشاركة بالإذاعة المدرسية، وأصبحت الآن لا تشارك فيها، ويداها ترتجف دائمًا، ووجهها يصير أحمر إذا تكلمت مع شخص أكبر منها، وتحرج من أشياء بسيطة، وصوتها يصبح هادئًا جدًّا إذا تكلمت مع أحد.

وفي يوم اتصلت مدرِّسة من مدرساتها بوالدتي، وقالت لها: (بأنها لا تشارك، وإذا أوقفتها من مكانها فإنني أشعر بأنها تستحي، ووجهها يصير أحمر، ولا تستطيع أن تتكلم جيدًا، وإذا طلبت منها أن تخرج لتكتب على السبورة فإنها ترتجف وهي تكتب).

فما الحل؟

لقد تعبت منها، ونصحتها، وذهبنا بها إلى المستشفى مرة وحدة، وإذا تكلمت مع الطبيبة يصبح وجهها أحمر اللون، وترتبك إذا تكلمت، وأعطتها علاجًا لكنه لم ينفع.

وإذا تكلمت مع بنات خالاتي وعماتي، وهن شخصيات تراهن باستمرار فإنها تكون عادية جدًّا، وتستطيع أن تتكلم فما الحل؟
وما هو الدواء؟
وقد سمعت بتمرينات مفيدة لحالات مشابهة لحالة أختي فما هي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرًا لك على السؤال، وعلى اهتمامك بأختك الصغرى.

يبدو من السؤال أن أختك لديها صعوبة ما في التواصل مع الكثير من الناس كالمدرسة, أو شرائح المجتمع، بينما لا تجد نفس الصعوبة مع بنات خالتها أو عماتها واللاتي اعتادت على مشاهدتهن.

والغالب أن هذه الشكوى أو الصعوبة تعود لحالة من الرهاب, أو الخوف الاجتماعي، حيث ترتبك بهذا الشكل عند التواصل مع الناس، فتظهر عليها أعراض التوتر, واحمرار الوجه, وارتعاش اليدين، وتتجنب القيام بالأعمال البسيطة، وهي قد بدأت تتجنب الناس فلا تخرج من المنزل، إلى آخر هذه الأعراض.

وهكذا يحصل عادة في حالات الرهاب الاجتماعي، حيث يتجنب الشخص المصاب الكثير من التواصل الاجتماعي، كما هو حاصل مع أختك.

قد لا يفيد مجرد النصح والتوجيه؛ لأن ما يجري في حياتها ليس من صنعها, وليس بإرادتها, أو تحت سيطرتها، فهي ربما أول إنسان في هذا العالم تريد أن تتخلص من هذه الحالة وهذه الأعراض، وأول راغب في أن تعود لطبيعتها السابقة حتى تتواصل مع الناس بغاية الثقة.

لقد ذكرت أنها ذهبت إلى المستشفى وتكلمت مع الطبيبة، وأنها أعطتها علاجًا, إلا أنها لم تنتفع من هذا العلاج، وأنا أفترض أن هذا العلاج هو دواء، وأفترض أنه أحد مضادات الاكتئاب؛ لأنها تفيد عادة في علاج حالات الرهاب الاجتماعي، ولكن هناك عدة ملاحظات:

1- لابد أيضًا من التنبيه إلى أن مجرد تجنب المواقف المخيفة, كالخروج من المنزل، أو تجنب الحديث أمام الآخرين، كل هذا التجنب ليس من شأنه أن يحسّن هذا الرهاب, وإنما يزيده شدة.

2- لابد للأدوية المضادة للاكتئاب عادة من ضرورة تناولها لعدة أسابيع, وعدة أشهر قبل أن نجد لها التأثير الفعال المطلوب في تحسين هذا الرهاب.

3- أن العلاج الرئيسي الأكثر فائدة في حالات الرهاب الاجتماعي ليس الدواء, وإنما العلاج السلوكي أو السلوكي المعرفي، وهو نوع من العلاج النفسي.

هذا العلاج، سواء العلاج النفسي السلوكي بمفرده, أو مرفقا بالعلاج الدوائي، هو المطلوب، وليس النصح والتوجيه، كما ذكرت أعلاه.

أنصح بعرض أختك على طبيب أو أخصائي نفسي ممن لديه خبرة في علاج حالات الرهاب الاجتماعي، وأن تطلبوا من هذا الطبيب أو الأخصائي أن يستعمل معها جلسات العلاج السلوكي المعرفي لعلاج حالة الرهاب الذي لديها.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً