الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عزباء وكلما جاء خطيب ذهب ولم يرجع، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا كما ذكرت فتاة أدرس ولم أتزوج بعد، والمشكلة أنه كلما تقدم لي أحد يذهب ولا يعود، وأنا أعاني من هذا جدا، وأخيرا وقعت في حب دكتوري، بحكم أننا كنا نتقابل يوميا تقريبا، لكن والله لا نفعل ما يغضب الله، وكنا نميل إلى بعض منذ ثلاث سنوات، ولكني صدمت أمس بأنه يقول لي: أنه خطب.

علما أنه من دولة غير دولتي، ولكنه مسلم، وكنت - إن شاء الله - سأوافق إذا وافق أهلي طبعا، أنا في دولة عربية مع محرم - أخي -، ولكن الوحدة قاتلة جدا، وأنا أعاني الأمرين، فكيف أنساه؟

ساعدوني أرجوكم وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

فإنا نتمنى لابنتنا كل الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقها الزوج الصالح الذي يعينها على طاعة الله تبارك وتعالى، ونريد أن نقول لفتاتنا المباركة؛ بأن الزواج بتدبير الله تبارك وتعالى ككل أمر من الأمور، ولا تحزني على من طرق الباب ثم ذهب ولم يعد، فإن الله تبارك وتعالى سيقدر لك الخير، فالزمي الطاعة والهجي بالدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن مقاليد الأمور بيده، وهذا الكون – يا ابنتي الفاضلة – ملك لله تبارك وتعالى، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى، ((إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون)) فلا تحزني على ما فات من هؤلاء الخطاب، فإن الله تبارك وتعالى سيقدر لك الخير في الوقت الذي يختاره العظيم سبحانه وتعالى، فلا تحزني كما قلنا على ما فات، وأرجو أن نسأل عن هؤلاء الذين جاءوا ثم لم يعودوا بعد ذلك، طرقوا الباب ثم انصرفوا، هل هناك أسباب معروفة لانصرافهم أو لعدم عودتهم إلى البيت؟ هل تعتقدي أن هناك أسبابا ظاهرة لهذا؟ كأمر ليس هنالك أسباب وليس من وراء ذلك توضيحات، إذا كان لذلك أسباب فعلينا أن نعالج الأسباب، وإذا عرف السبب بطل العجب، وسهل - بحول الله وقوته - إصلاح الخلل والعطب.

أما إذا كان ذهاب هؤلاء وعدم عودتهم ليس له أسباب معروفة فإنا نوصيك بالمحافظة على قراءة الأذكار في الصباح والمساء، وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير.

أما بالنسبة للعلاقة التي كانت حاصلة بينك وبين الأستاذ الذين تدرسين عليه؛ فإننا نقول لابد لأي علاقة بين رجل وامرأة، بين ذكر وأنثى، بين تلميذ وطالبة لابد أن تكون محكومة بضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وكم تمنينا أن يقوم بتدريس البنات النساء بدلاً عن الرجال، وإذا حصل مثل هذا فإن الإنسان ينبغي أن يتوقف في بداية الطريق، ليدرك أن العلاقة بين الرجل والمرأة محكومة بضوابط الشرع، فلا توجد علاقة صداقة – إن صحت الكلمة – إلا في إطار الزوجية أو في إطار المحرمية، كأم أو خال أو ...، أو يكون زوجا لها في إطار العلاقة الزوجية.

وما عدا ذلك ينبغي أن تكون العلاقة محدودة جدًّا، وينبغي للإنسان أن يحسم هذه الأمور في بدايتها، خاصة في مثل هذه الأحوال التي يجهل الإنسان نهايتها، والإسلام دين لا يقبل بأي علاقة لا تنتهي بالزواج، ولا يرضى بأي علاقة تكون في الخفاء، ولا يرضى بأي علاقة تصحب معها معصية، وأنت ذكرت ولله الحمد أنه لم تكن هناك مخالفات بمعنى المخالفات.

ولكن نحن نقول أن مجرد وجود الميل هذا ينبغي للإنسان أن يتحاشى وأن يبتعد وأن يحسم هذه المسألة، فالحب الحقيقي عندنا يبدأ بالرباط الشرعي، ونحن لا نعترف بأي علاقة عاطفية قبل الزواج، بل هي خصم على سعادة الإنسان، وهذا ما يتفق عليه أهل الدراسة والبحث في هذا المجال، في بلاد المسلمين وفي بلاد غير المسلمين، حتى في البلاد الغربية لاحظوا أن العلاقات العاطفية قبل الزواج هي المسؤولة عن فشل أكثر من خمسة وثمانين بالمائة من الزيجات بعد ذلك.

ونحن نقول هذه الدراسة أيضًا في كل مكان؛ لأنها جُربت أيضًا في عاصمة عربية كبيرة دراسة أقيمت على الحالات التي فشلت، فثبت أيضًا أنه كانت هناك علاقات عاطفية خارج الأطر الشرعية؛ وذلك لأن الشيطان الذي يجمع الناس على مثل هذه العلاقة التي ليس لها سقف، ليس لها ضوابط شرعية، هو الشيطان الذي سيأتي غدًا ليقول للرجل كيف تثق في هذه المرأة، ويقول للمرأة كيف تثقين في هذا الذي كان يتعامل معك من وراء أهلك.

ومن هنا فنحن ندعوك إلى طي هذه الصفحة، والاشتغال بطاعة الله تبارك وتعالى، والتوجه إلى الله بحياة جديدة، بأمل جديد، وبثقة في الله تبارك وتعالى المجيد، واعلمي – يا بنيتي – أنه قد يكون الخير في هذا الذي حدث؛ لأن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نهايات صحيحة، كما أن الخطوات الخاطئة لا توصل إلى إجابة صحيحة في مسائل الرياضيات أو غيرها من المسائل العلمية.

فإذن لعل في هذا الذي حدث خير كثير جدًّا؛ لأن هذه العلاقة لم تكن في إطارها الشرعي، لم يكن معروفا نهايتها وهل ستنتهي بالزواج أم لا؟! لم تكوني متأكدة من قبول أهلك بهذا الرجل، أنت من بلد وهو من بلد آخر، فقد تختلف العادات وتختلف الظروف، وهذه كلها كانت من الأشياء التي ترجح أن هذه العلاقة لو نشأت ستكون فيها صعوبات وفيها تعقيدات، بالإضافة إلى أنها لم يكن لها الغطاء الشرعي، وهذا هو الأمر المهم جدًّا بالنسبة لنا.

وأيضًا ما تشكوه من الوحدة نحن ندعوك أن تستعيني بالله تبارك وتعالى وتشتغلي بذكره، وندعوك إلى أن تدخلي نفسك وتحشري نفسك في مجتمع الصالحات وتزوري مراكز العلم والقرآن ومراكز الخيرات، واعلمي أن كل واحدة من الفاضلات تبحث عن زوجة من أمثالك من الصالحات لابنها أو لأخيها أو لمحرم من محارمها، ولذلك لا تنغلقي على نفسك، وإنما توجهي إلى الصالحات بعد التوجه لرب السماوات، وحاولي أن تدارسي معهم كلام الله تبارك وتعالى، حاولي أن تثقفي نفسك من الناحية الشرعية، حاولي أن تشغلي نفسك بالمفيد، إننا إذا لم نشغل هذه النفس بالمفيد فإنها تشغلنا بغير طاعة الله تبارك وتعالى.

ودائمًا نحن نتمنى لكل فتاة أن تجد زوجًا صاحب دين، هناك تناسب وقرب في السن، في الثقافة، كذلك في الخلفية الاجتماعية وثقافة القبيلة، نريد كذلك الزوج الذي ترتضيه الأسرة، حتى تنجح الفتاة بأن توفق بين حقوق والديها وأسرتها، وبين حقوق هذا الزوج، واعلمي أن أمثالك من الطالبات غالبًا بأن الأسرة تجهز لك عريسا وكذلك أيضًا كما ظهر لهذا الأخ كانت أسرته ترتب له أمر الزوجة ومخطوبة جديدة، فلا تحزني على ما فات، فإن الله تبارك وتعالى لم يقدر هذا الأمر، وقد يكون الخير في هذا، فافتحي صفحة جديدة، واحرصي على أن تكون كل حركاتك وسكناتك محكومة بضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير وأن يعينك على الذكر والخير!

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً