الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعف الثقة بالنفس وعلاقتها بالوسواس القهري في نظر الطب النفسي!

السؤال

السلام عليكم.

أرجو إحالتي إلى الدكتور: محمد عبد العليم - طبيب الأمراض النفسية -، وجزاكم الله خيراً.

سؤالي هو:
ما سبب ضعف الثقة في النفس وضعف الإرادة؟ وهل هذا مرتبط بالوسواس القهري؛ حيث أنني أعاني من وسواس قهري في الأفكار؟ وكنت أتعالج بأنفرانيل، تحسنت حالتي ولكن لم أشفَ بشكل نهائي، والآن أتعالج بلوسترال، أحسست بتحسن في الجانب الاكتئابي ولكن زادت معي الوساوس الفكرية!

فكيف يمكنني أن أعيد ثقتي بنفسي؟

وهل الأفكار الظنانية مرتبطة بالأفكار الوسواسية؟ أم أن كل منهما منفصل عن الآخر ولابد أن يكون لكل منهما علاج منفصل عن الآخر؟

أفدني مأجوراً، وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،:

فنشكر لك ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

فإن سبب ضعف الثقة هو أولاً من وجهة نظري أن هذه المفاهيم قد روّج لها كثيرًا في الإعلام، وفي بعض المنشورات والكتب، وكثير مما يكتب ليس قائمًا على دليل علمي، وأنا أعتقد أن ضعف الثقة بالنفس هو انهزام شخصي، يتسلط به الإنسان على نفسه؛ بأن يلبسها ثوب الضعف والفكر السلبي، ولا يقدر ذاته بصورة صحيحة، بل قد يحقرها، هذا هو السبب من وجهة نظري، وأعتقد أن ذلك أمر معقول جدًّا.

والسبب الآخر لما يسمى بضعف الثقة في النفس هو سوء التوقعات، فبعض الناس لديهم سقف من التوقعات لا يتلامس مع الواقع وإمكانيات الشخص الفكرية والجسدية والحياتية والمادية مثلاً.

ضعف الثقة بالنفس أيضًا ربما يكون مرتبطًا بشيء من أحلام اليقظة المبكرة، فبعض الناس يسترسلون في أحلام اليقظة، ويبنون قصورًا في الهواء كما يقولون، ثم يصطدم بالواقع! لسبب رئيسي ومهم جدًّا، أن ضعف الثقة بالنفس هو بسبب الإصابة ببعض الحالات النفسية، ومنها الوسواس القهري كما تفضلت، لكن الاكتئاب النفسي يعتبر هو الأساس لاهتزاز الثقة بالنفس، ويعرف أن حوالي ستين بالمائة من مرضى الوساوس القهرية تكون لديهم درجة من الاكتئاب النفسي، وهذا يفسر لماذا يحس الإنسان بعدم الاقتدار وضعف الثقة بالنفس حين يعاني من الوسواس القهري؟!

إذن إعادة الثقة بالنفس تأتي من خلال تصحيح المفاهيم. أولاً انظر إلى إيجابياتك فهي كثيرة، ركز عليها، حاول أن تطورها، لا تحقر ذاتك أبدًا، والمفهوم نفسه يجب أن ترفضه، يجب أن لا يكون أبدًا جزءًا من حياتك - أي مفهوم ضعف الثقة بالنفس – بل على العكس تمامًا تذكر دائمًا أن المسلم عزيز ومكرم، وله دور يجب أن يلعبه في هذه الدنيا، وهكذا.

ومن العلاجات المهمة جدًّا هي أن لا تحكم على نفسك بمشاعرك، لأن الحكم بالمشاعر يجعل الإنسان أكثر سلبية، والمشاعر إذا كانت سلبية ستؤدي إلى نتائج سلبية، لكن الإنسان يجب أن يحكم على نفسه من خلال أفعاله وتطبيقاته الحياتية، والذين يجدون صعوبة في أن تكون لهم إنجازات يجب أن يضعوا برامج يومية يديرون من خلالها حياتهم، وحين يجد الإنسان نفسه، ويكتشف أنه قد أنجز، وأنه بالفعل مقتدرًا، هذا يجعله يحس بالرضى، وتزداد ثقته بنفسه.

بر الوالدين يبعث على الثقة في النفس. الانخراط في الأعمال التطوعية والدعوية والخيرية أيضًا تعطي الإنسان قيمته الحقيقية داخليًا، وهذه لها مردود إيجابي جدًّا على الثقة بالنفس. ملازمة الأقوياء من الناس نفسيًا ودينيًا وأصحاب المهارات الاجتماعية، مثل هذه القدوة والنماذج والأسوة مطلوبة في الحياة.

العلاج الدوائي بالطبع أيضًا مهم جدًّا لعلاج الاكتئاب والوساوس، وهذا يحسن من الثقة في النفس.

بالنسبة لسؤالك الآخر: الأفكار الظنانية تكون مرتبطة بالوساوس القهرية في حوالي خمسة بالمائة من الناس، وهذا قد تشكل إشكالية علاجية إذا لم يكن الطبيب حاذقًا ودقيقًا من ناحية التشخيص. بخلاف ذلك الأفكار الظنانية الاضطهادية مختلفة تمامًا عن الفكر الوسواسي.

فالفكر الوسواسي يكون صاحبه مستبصرًا ومدركًا له، ويؤمن بسخفه، لكن في الأفكار الظنانية الوضع تمامًا مختلفًا، يظن صاحبه أنها هي الحقيقة، وأن الكل على خطأ.

العلاج منفصل بالطبع، فالأفكار الظنانية تعالج من خلال التركيز على الأدوية المضادة للظنان والشكوك.

أما في حالة الوساوس فالدواء ينحصر في الأدوية المضادة للوساوس، ولكن في بعض الأحيان حين يكون الوسواس شديدًا ومطبقًا ربما نعطي جرعة صغيرة من الأدوية المضادة للذهان، هذا وجد أنه مفيدًا أيضًا، وإذا كان هنالك أفكار ظنانية مصاحبة بالوساوس فيجب أن يكون العلاج من خلال مجموعة دواء.

السترال دواء ممتاز جدًّا وفاعل، لكن يجوز أنه لم يتوافق مع تركيبك الجيني لعلاج الوساوس؛ لذا يمكنك أن تنتقل إلى دواء آخر مثل البروزاك مثلاً فهو دواء مفيد جدًّا لعلاج الاكتئاب النفسي وكذلك الوساوس الفكرية.

جرعة البروزاك: كل خمسين مليجرام من اللسترال تعادل عشرين مليجراما من البروزاك، وأود أنصحك أن الجرعة الدوائية لعلاج الوساوس يجب أن تكون كبيرة نسبيًا، قد تصل بالبروزاك إلى ثلاث كبسولات في اليوم، وقد تصل باللسترال إلى أربعة، أربع حبات في اليوم.

وانظر وسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).

ارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً