الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

{وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم} كيف الجمع بينها وبين الاستخارة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السؤال هو: كيف أجمع بين عدم الارتياح والكره بعد الاستخارة، وبين قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا شك أيها الأخ الكريم أن اختيار الله تعالى للإنسان خير مما يختاره هو لنفسه، فالله عز وجل أعلم بما يصلح له وما يصلحه، وهو سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما سيكون، وهو مع هذا العلم والإحاطة رحيم بعباده لطيف بهم، بل هو أرحم به من نفسه، ومع هذا العلم وهذه الرحمة فإنه مما لا شك فيه أن اختيار الله تعالى للإنسان خير مما يختاره لنفسه؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فالأمر قد يكون مكروها بالنسبة لنا، لكنه خير بالنظر إلى ما يترتب عليه من المنافع والآثار الدنيوية والأخروية التي قد نجهلها وقت كراهتنا له، وهذا لا ينافي أيها الحبيب أن يأخذ الإنسان بالأسباب المشروعة للوصول إلى ما يراه حسناً، واجتناب ما يراه مضراً، والله عز وجل دعانا إلى الأخذ بالأسباب، وقدر المقادير مرتبة على أسبابها، وجعل من شرعه لعباده أن يأخذوا بالأسباب، ومن الأسباب للوصول إلى المقدور الحسن سؤال الله تعالى أن يقدر لنا الخير؛ فإن الدعاء من أعظم الأسباب للوصول إلى المطلوب والنجاة من المرهوب.

ومن صور هذا الدعاء دعاء الاستخارة؛ فإن الله تعالى شرعه لنا لنسأله سبحانه وتعالى أن يقدر لنا الخير، فإذا فعل العبد ذلك فينبغي له أن يرضى بعد ذلك مما يقضيه الله عز وجل ويقدره له، وليس من علامة اختيار الله تعالى لأحد الأمرين وجود البغض أو الحب له في القلب، بل العلماء يقولون بعد أن يستخير الله تعالى يفعل ما يراه صواباً، فإذا كان الله عز وجل قد اختاره له فسييسره له، وإن كان الله عز وجل قد صرفه عنه فسيبعده عنه بأمر من الأمور، وبذلك يتبين لك أيها الأخ الكريم ويتضح أنه لا منافاة بين دعاء الاستخارة وبين هذه الآية.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً