الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا أفعل لحفظ القرآن الكريم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أريد أن أحفظ القرآن, لكني أخاف من قراءة آيات العذاب, أخاف وكأنها موجهة لي؛ لهذا لا أتجرأ على قراءة القرآن كاملاً وحفظه, رغم أني أحب وأريد حفظه, ما الحل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مشاري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك, وكم يسعدنا اتصالك بنا دائمًا في أي وقت, وعن أي موضوع ، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك, وأن يثبتك على الحق, وأن يزيدك صلاحًا وهدىً واستقامة, وأن يمن عليك بالعلم الصالح, وأن يوفقك للعمل النافع الموفق, كما نسأله تعالى أن يجعلك من خاصة أوليائه وصفوة عباده، وأن يجعلك من أهل القرآن وخاصته.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ولدي الكريم (مشاري)- بأنك تريد أن تحفظ القرآن الكريم, وأنك تخاف من قراءة آيات العذاب وتشعر أنها موجهة لك وذلك لا تتجرأ على قراءة القرآن وحفظه كاملاً, كما أنك تحب وتتمنى ذلك, أقول لك: أخي الكريم اعلم أن كل آية في القرآن الكريم لها نفعها, ولها دورها في تقويم سلوك الإنسان وأدائه, ولها دورها في إنارة السائرين لله تعالى, ووضع المجرمين, وبيان ما هم عليه من ضلال وانحراف, وكذلك آيات العذاب لها دورها المهم جدًّا في ردع النفس الأمارة بالسوء, وكونك تخاف من آيات العذاب هذا شيء حميد, ولكن لا ينبغي أن يمنعك هذا الخوف من قراءة الآيات؛ لأن فيها فائدة عظيمة لك وإن كنت تشعر بشيء غريب من الألم, إلا أنها تفيدك في جوانب أخرى, وكذلك كونك لا تتجرأ لحفظ القرآن بسبب ذلك أرى أيضًا أن هذا غير مقنع, وأخشى أن يكون من عمل الشيطان الذي يريد أن يصرفك عن حفظ القرآن بمثل هذه الأفكار, فإن الشيطان يريد أن يضخم أمامك آيات العذاب حتى تنصرف عن حفظ القرآن, وبذلك يحرمك من أن تكون من خاصة الله وأوليائه, فأنا أرى أن تتوكل على الله, وأن تبدأ, وأن تأخذ المسائل رويدًا رويدًا, ولا تتعجل.

واعلم أن من هو أتقى منك وأعظم إيماناً قرأ هذه الآيات, ومرت بها, واتعظ بها, واستفاد منها, وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام, وما تركوا أبدًا آية في القرآن إلا حفظوها, وقاموا بها, وطبقوها, وعملوا بما فيها, ولذلك عليك أن تتأسى بهؤلاء الأخيار الأبرار -يا ولدي الكريم مشاري- وأن تبدأ في حفظ القرآن الكريم, وكل ما جاءك هذا الرفض فحاول أن تدفعه عن نفسك؛ لأن حفظ القرآن الكريم نعمة عظيمة, وحفظ القرآن أفضل من جائزة نوبل للسلام, وأعظم من كل شهادات العالم -ولدي الكريم مشاري- لأن صاحب القرآن في الدنيا يدعى عظيمًا في ملكوت السموات, وإن الله يباهي بك الملائكة وأنت تمشي على الأرض بين الناس, وصاحب القرآن في الآخرة له شأن عظيم يفوق شأن كثير من غيره, فأنا أرى أن تتوكل على الله وأن تبدأ في الحفظ, حتى وإن جاءت هذه الآيات, فحاول بإذن الله تعالى أن تمرن نفسك على قراءتها والتعامل معها؛ لأن الله ما أنزلها في كتابه إلا لينفع بها العباد, وكوننا لا نقرأها فمعناه أننا قد نقرأ آيات الجنة ولا نقرأ الآيات المغايرة مثل آيات العذاب التي قد تردع النفس الأمارة بالسوء عن الوقوع في المعاصي والابتعاد عن منهج الله تعالى، فأنا أرى أن تتوكل على الله, وأن تقاوم هذه الرغبة, وأن تستعين بالله, وتدعو الله أن يزيل عنك كل صعوبة في حفظ القرآن الكريم, وأن يجعلك من خاصة عبادته وصفوة أوليائه, ونسأل الله أن نكون كذلك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً