الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني حساس وغيور ويشعرني أني أظلمه، فكيف أتعامل معه ومع أخيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متزوجة، وعمري 25 سنة، تزوجت منذ أن كان عمري 17 ، وأنجبت ولدي الأول عندما كان عمري 18، والثاني عندما كان عمري 20 .

شخصيتي حساسة، وعندي مشكلة الخجل الاجتماعي، ولا أستطيع تكوين علاقات بسهولة، ثقتي في نفسي تعتمد على نفسيتي؛ لأني مزاجية من الدرجة الأولى ولدي طموح أن أعمل أشياء كثيرة، ولكن لا أستطيع تنفيذها لا أدري ما مشكلتي؟ الكل يعجبه تفكيري العقلاني ونضوجي ويستغرب تفكيري الذي لا يناسب سني.

أنا عانيت كثيرا في طفولتي، وأثار هذه المشاكل لا تزال موجودة في داخلي.
والدي كان كبيرا في السن (عجوز) تزوج والدتي الشابة، وهي كانت إنسانة سلبية جدا (يحفظها الله مع حبي الشديد لها ) وأنا كنت أكبر أشقائي.

هذه نبذة سريعة عن شخصيتي، وعن مشاكلي أردت أن أوضح لكم من أنا حتى تستطيعون مساعدتي.

مشكلتي هي تعاملي مع أبنائي فهم أغلى ما أملك وأريدهم أن يكبروا في حياة طبيعية من غير مشاكل نفسية أو عقد؛ لأنها أهم بالنسبة لي من أي شيء آخر كالمشاكل المالية نستطيع حلها، ولكن هناك أشياء ستبقى أثرها، وهي التي تحدد شخصياتهم كيف ستكون، ولدي الكبير يبلغ عمره 7 سنوات.

عندما كان صغيرا كنت أحبه لا أستطيع أن أصف لكم الشعور، ولكن عندما أتأمله كنت أبكي من شدة حبي وخوفي عليه، وعند عمر السنتين أنجبت طفلي الثاني تلك الفترة قررت تعليمه دخول الحمام، وكان إذا بلل نفسه أضربه وبشده، وبعد ذلك أندم وأبكي، وإذا ضرب أخوه الصغير كنت أعنفه وبشده، لا أدري ما كان بي كنت متعبة نفسيا وجسديا من كل شيء.

مرت الأيام، وكبر الاثنان كان دائما يغار من أخيه ويشعرني بأني أفضل أخيه عليه، والآن هو في الصف الأول، شخصيته أصبحت غريبة، دائما يشعرني بأنني أظلمه لا يقترب مني أبدا لا يظهر مشاعره أمامي، مع العلم أنه حساس مثلي، وعندما أحاول أن أقربه مني يبعدني، لا يسمع كلامي يعاندني في كل شيء، وأصبح يكذب، ويؤلف لي القصص، أعلم أنه يغار من أخيه، وأنا لا أفضل أحدهما على الثاني أمام بعض.

يأتيني دوما من المدرسة يشتكي أن هناك من ضربه وأنني لا أدافع عنه، إذا عنفه شخص ما لا يستطيع أن يتحرك من مكانه يخاف جدا، أنا أقصد أنه ليس مغامرا كالأطفال في سنه، يخاف من والده، ولكن أنا لا يعمل لي أي حساب عندما أتكلم معه يرد علي، كانت شخصيته متوترة قليلا، ولكن مع المدرسة ساءت جدا.

شخصيته ليست قوية، وهو من ناحية الدراسة كسول جدا، لا يحب أن يدرس، ولكنه يعشق الآلات الموسيقية، يحب العزف، ولكن والده يرفض هذا الشيء؛ لأنه في نظره أشياء تافهة.

أنا تعبت، لا أدري كيف أتعامل معه أحبه، وأخاف عليه -والله العظيم- إني أكتب لكم رسالتي، وعيني تملأها الدموع.

أقول لزوجي دعنا نعرضه على دكتور نفسي ربما يستطيع توعيتنا بطريقة التعامل معه، وهو يقول: إني أكبر المواضيع، وأنا مبدأي إنه صغير وإذا هناك مشاكل، فيجب حلها من الآن، خاصة أننا في هذا السن لا نستطيع السيطرة عليه، فعندما يكبر ماذا سنفعل معه؟

ولدي الثاني عنيد جدا يتعبني عندما يصر على شيء، ولكنه حنون جدا، زوجي دائما يعمل بالخارج تواصله مع الأولاد قليل جدا، فقد ترك كل شيء علي، وفي بعض الأحيان تدخله يزعجني، أو عندما أرفض شيئا وهو يوافق عليه، ومشاكلنا دائما تكون أمامهم، فزوجي عندما يفقد أعصابه يسخر مني، ويقول كلاما مخجلا، وكله أمام الأولاد، حذرته عدة مرات، ولكن يقول: نحن كبرنا في البيت هكذا، ولم نتأثر
أعلم بأني أتعبتكم معي، ولكن هذا أهم شيء في حياتي، وهي تربية أولادي، وجعلهم أشخاصا أقوياء حتى يواجهوا هذه الحياة الصعبة.

وهناك رجاء خاص رجاء أن تخبروني وتعلموني، كيف أتعامل مع أبنائي؟ طرق تربية الأبناء، وكل ما يخص الأولاد، وأتمنى أن تردوا على رسالتي على كل جزء فيه، أقصد إجابة عميقة.

وشكرا لكم، وأسأل الله بأن يجعله في موازيين حسناتكم.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الوليد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك أيتها الأم المحبة لأطفالها، حبا شديدا، في سؤالك الكثير من النقاط، والتي هي مترابطة مع بعضها.

الأمر الأول سؤال أطرحه، هل يمكن للإنسان أن يتجاوز التجربة الصعبة التي مرت في حياته الأولى وفي طفولته؟ والجواب نعم، مع بعض الصعوبات طبعا، وخاصة إن تحلى بالفهم والوعي لما مرّ به، وكما يبدو وجود هذا عندك.

وبالنسبة لتربية الأطفال، فتخوفك على أطفالك أمر طبيعي، ومُتفهم، ولكن كيف نحول هذا التخوف من طاقة سلبية مقعدة إلى طاقة إيجابية تدفعنا لعمل المزيد مما يصب في مصلحة أطفالنا، وشخصيا كنت سأقلق أكثر إن لم نجد هذا التخوف عند الأم.

إن عالم تربية الأطفال وتنشئتهم بحر واسع، وفيه الكثير من التفاصيل، ولابد من فهم طبيعة نفسية الطفل، وطرق، وأسباب سلوكه وتصرفاته، وقد طلبت منا أن نحدثك عن "كل ما يخص الأولاد" وتربيتهم! وكيف لنا أن نفعل كل هذا في مثل هذه الأسئلة والأجوبة، ولكني بدل من أعطيك سمكة، فسأعلمك على الصيد، أوكما يقول المثل الصيني.

أفضل ما أنصح به هو حضور دورة تدريبية في تربية الأولاد، والتي نسميها أحيانا "تدريب الوالدين" أي التدريب على مهارات تربية الأولاد.

والأمر الثاني هو قراءة كتب متخصصة عن تربية الأولاد، وهي كثيرة، وكلها أو معظمها طيبة ومفيدة، والكتاب يرشدك لآخر، وبحسب الحالة العمرية لأطفالك، وهم الآن في مرحلة الطفولة المبكرة، وقبل وصولهم للمراهقة لابد من أن تطلعي على كتب التعامل مع المراهق، وأنا شخصيا لي كتاب "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" وربما أنه متوفر عندكم في بعض مكتبات جرير.

وإذا أردت هنا أن أعطيك سمكة واحدة تفيدك كثيرا، وهي أن تحاولي، وخلال الأسابيع القادمة أن تلاحظي أي سلوك حسن إيجابي يقوم به كل طفل من أطفالك، فلاحظي ذلك، واشكريه عليه، وفي نفس الوقت اصرفي النظر عن السلوك السلبي، إلا إذا فيه إيذاء لنفسه أو لغيره، فعندها لابد من تدخلك لمنع هذا الأذى، وستلاحظين وخلال وقت قصير أن السلوكيات السلبية قد خفت كثيرا وربما اختفت كالعناد وعدم الاستجابة إليك، وسيقترب أطفالك منك أكثر، بل سيركضون إليك كلما كنت أمامهم.

وتقوم هذه الطريقة على مبدأ بسيط أن السلوك الذي نعطيه الانتباه يتكرر مرات ومرات، والسلوك الذي نتجاهله يخف ويختفي مع الوقت، فانظري ما هو السلوك الذي تريدين من أطفاله أن يكثروا منه، وما هو السلوك الذي تريدين اختفاؤه؟ والخيار لك!

وفقك الله في تربية أطفالك الأعزاء الذين تحبينهم كثيرا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً