الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف أن تتحول أحلام اليقظة إلى أمر آخر كالانفصام فساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بعمر الآن 29 سنة, ومنذ أن كنت في 15من العمر وأحلام اليقظة لا تفارقني,
حتى عندما أكون وسط الناس فإني أشرد بخيالي وأحلم.

في الفترة الأخيرة أصبحت أنسى بشكل ملحوظ.

أنا الآن خائفة كثيرًا أن يتحول حالي من مجرد أحلام إلى انفصام, أو أي شيء آخر

أرجوكم أرشدوني؛ فأنا أصبحت في حالة اكتئاب من شدة الخوف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حسين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الشرود في الخيال والانغماس في أفكار مشتتة ومتواصلة، وفي بعض الأحيان تكون هذه الأفكار متعلقة بأمنيات مستقبلية فيها ما يمكن أن يتحقق, وفيها ما لا يطابق الواقع, وكل هذه صور من صور أحلام اليقظة, وهي ظاهرة مشاهدة ومعروفة, وتتفاوت في شدتها من إنسان إلى آخر، وتلعب شخصية الإنسان دورًا كبيرًا في تكوين هذه الأحلام, وكذلك مدى ارتباط الإنسان بالواقع, والاستبصار حول ما يدور من أفكار.

إذا أدرك الإنسان بالفعل أنها أحلام يقظة فيجب أن يحاول أن يحدّ منها, ويتجاهلها, ويعرف أنها أمر عابر ومرحلي سوف يتلاشى متى ما هو حاول التحكم فيها.

الذي تعانين منه الآن هو تشتت في الأفكار، أعقبها أحلام اليقظة هذه، وأنت في هذا العمر يجب أن تكوني مرتبطة بالواقع بصورة أفضل, ولا مانع أن يسوق الإنسان نفسه من خلال أفكاره نحو بعض البرامج أو الأمنيات أو المشاريع، فهذا ليس مرفوضًا, وليس كله تحت التحكم الإرادي للإنسان، لكن ما ليس بمعقول وما ليس بممكن وما هو خيالي يمكن أن يتحكم فيه الإنسان ويحدّ منه ويوقفه، وكما ذكرت لك فأنت الآن في عمر يؤهلك لذلك؛ فيجب أن تربطي نفسك بالواقع.

موضوع النسيان الذي يأتيك الآن هو ناتج من القلق، والقلق يعرف أنه في كثير من الأحيان يكون ملازمًا ومرتبطًا بأحلام اليقظة.

ليس هنالك ما يدعوك للخوف، لا علاقة لمرض الفصام بالشرود الذهني من هذا النوع، هو مجرد عملية قلقية.

أنصحك بأن تخصصي موضوعًا واحدًا للتفكير فيه, ووضع الخطط والآليات التي من خلالها يمكنك أن تُنجزي هذا المشروع أو الموضوع، ومن خلال مثل هذه التمرينات – أي أن تركزي على أمر واحد وتحاولي إنجازه – إن شاء الله تعالى سوف تجدين أن شرود الذهن قد قلَّ كثيرًا.

أنصحك أيضًا بالتركيز على القيام بعمليات رياضية بسيطة, فالعمليات الرياضية تروض عقل الإنسان بصورة إيجابية جدًّا، فركزي على هذه العمليات الرياضية, حتى وإن كانت أشياء بسيطة مثل: جداول الضرب والقسمة والجمع والطرح، فهذا - إن شاء الله تعالى – يحسن من تركيزك.

اقرئي القرآن أيضًا بتدبر وتمعن وتفكر، فهذا يحسن من التركيز, ومارسي أي نوع من الرياضة تناسب المرأة، فالرياضة فيها كثير لإزالة القلق والتوتر وتحسين التركيز, كما أن تمارين الاسترخاء مفيدة جدًّا، وإليك بعض الاستشارات السابقة التي تبين كيفية تطبيقها، وهي برقم (2136015).

أنت مطالبة أيضًا بأن تجعلي لحياتك معنىً، وهذا يتأتى من خلال وضع برامج يومية وأسبوعية، وتنظرين للمستقبل بتفاؤل, وأن يكون لك تواصل اجتماعي، وأن تتخلصي من الفراغ، وذلك من خلال النشاط اليومي الجاد والمفيد والمتعدد, فهذه كلها وسائل تجعلك - إن شاء الله تعالى – تحسين بالأمان والاطمئنان, ويزول الخوف والاكتئاب، وتجدين أن تفكيرك قد أصبح أكثر واقعية.

إذا كان القلق يسيطر عليك في بعض الأوقات بصورة حادة جدًّا, فلا مانع من أن تتناولي دواء بسيط يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول), ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول), والجرعة المطلوبة هي نصف مليجرام (حبة) يتم تناولها لمدة أسبوع، بعد ذلك يمكن التوقف عن تناول هذا الدواء, كما ذكرت لك هو من الأدوية البسيطة جدًّا، ويعتبر مما يسمى بالمطمئنات البسيطة، وليست له آثار جانبية ضارة - إن شاء الله تعالى - .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً