الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحفظ أطفال روضتي من التحرش والشذوذ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
أخي الكريم سلمك الله من كل سوء ومكروه.

استشارتي هي: عندي روضة أطفال, أعمارهم من (5-6) سنوات, ونظرا لضيق المكان يجلس الأطفال على الأرض, وتصير المسافات متقاربة, وبعد انتهاء الحفل الختامي للعام الدراسي اتصل علي أحد أولياء الأمور وقال: إن أحد الأطفال كان يلاحق ابني, ويعبث بإصبعه بمؤخرته, وتكرر هذا الأمر أكثر من مرة, فأشرت عليه بأن يأتي ومعه ابنه, وعند وصولهم أقول لهم -كذبا من باب الإصلاح ومساعدة الطفل على تجاوز الخبرة السيئة- لماذا تأخرتم, أنا أمسكت الطفل المعتدي وسحبت منه الهدية, وضربته ضربا شديدا, وصار يصرخ ويقول أتوب.

هدفي تقبيح الفعل عند الطفل, وأن الطفل المعتدي أخذ عقابه جزاء فعله, ولكن راجعت نفسي وقلت أتصل على استشارات الشبكة -وفقكم الله- يشيروا علي بالإجراء الصحيح الذي نتبعه, سواء كان في الروضة أو من قبل أبيه وأمه.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبا محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على حسن رعاية هؤلاء الصغار، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونشكر لك هذا الحرص على التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يعيننا أيضًا على توضيح هذا الأمر الذي يحتاج إلى أن نوضحه, ونبيّن بأن الأطفال في وجودهم مع بعضهم البعض قد تظهر عندهم مثل هذه السلوكيات التي غالبًا لا يكون في هذا السن لهم فيها تلك المقاصد التي عند الكبار.

ولكن على كل حال هي سلوكيات سيئة, وخبرات مرفوضة, علينا أن نتعامل معها بشيء من الهدوء، حتى نتعرف أولاً على مصدر هذا السلوك السيئ من الطفل الذي مارس هذه الممارسة الخاطئة، نحاول أن نكشف مواطن الخلل في البيت، هل رأى هذا من خادمة، هل رأى هذا من أحد في البيت, هل هذه الممارسة عند أبناء عمومته, بعد ذلك: هل يفهم هذا الذي فعله, وهل يعرف أن ذلك خطأ وأنه لا يُقبل.

يعني نبدأ المعالجة بمنتهى الهدوء، لأن الطفل أحيانًا ربما يمارس هذه الأشياء وهي خطأ من باب التقليد، وربما يكون مصدر هذا الفعل بكل أسف خطر في البيت، فمثلكم ينبغي أن يكون موجها، فبعد أن تكتشفوا مواطن الخلل تتواصل مع أسرة الطفل، بعد أن تتأكد أن الأسرة أيضًا فيها عافية وفيها التزام وفيها خير، أما إذا كانت الأسرة متفلتة فينبغي أن تتولى أنت رعاية الطفل وتوجيه الطفل، وتجتهد في أن تصل إلى خال له أو عم - أو عمة - يكون عنده دين وخير ويتفهم هذا الذي يحدث، حتى يعاونك في علاج هذا الخلل وهذا الأمر الذي حدث.

ونحن نوصي الآباء والأمهات بأن يراقبوا أبناءهم, ويراقبوا مثل هذه السلوكيات التي ثبتت عندنا من خلال الزيارات الميدانية في المدارس، من خلال مناقشتها، وأن معظم هذه الأشياء تحدث بين الأقارب، الزيارات بين الأقارب، فإذا دخل الصغار إلى مكان وأغلقوا على أنفسهم الباب فينبغي للأم العاقلة والأب العاقل أن يكون في جيبه حلوى، يدخل يبحث عنهم، يفتح الباب، ينظر ماذا هناك، لأن مثل هذه الممارسات الخاطئة تُعدي، تنتقل من طفل إلى آخر.

بعد أن نبين له خطورة هذا العمل وأنه لا يجوز وأنه لا يليق، بعد ذلك لابد من برنامج حماية للآخرين وصيانة لحقوقهم وحفظًا لهم، إذا كرر هذا الطفل الاعتداء ومارس مثل هذه الممارسات الخاطئة، فعند ذلك ينبغي أن نتدرج معه، بعد التعليم، والتنبيه، والتعنيف، والتهديد، فرك الأذن، العقوبة، العزل أيضًا من الصف إذا اقتضى الأمر كنوع من العقوبة بالنسبة له، توضيح مثل هذه السلوكيات عامة للأطفال، كيفية صيانة العورة، والاهتمام بها، وأنه لا يجوز للإنسان أن يفعل مثل هذه الحركات، وأن كل إنسان ينبغي أن يستر عورته، ويهتم بثيابه، يعني لابد أن نرسخ عندهم هذه الأخلاق، ونعلمهم آداب الاستئذان.

هذا الذي عملته والذي فهمته أنا من خلال هذا أنك جئت بالمعتدى عليه، ثم جئت بالطفل المعتدي، ثم عاقبته أمامه، وهذا قطعًا سيكون له أثر إيجابي، لكن نتمنى أن يكون الطفل عرف لماذا عُوقب، وما الذي حدث معه، ولماذا هو ينال هذه العقوبة؟ فإذا حصل هذا التوضيح، وهذا غالبًا تكونوا انتبهتم له فإن هذه المعالجة لا بأس بها، وإن كنا نريد أخف من هذا، لأن نزع الهدية ما كنا نريد أن تنزع، لكن كونه يعاقب ويُسأل ويعرف أن هذا سلوك مرفوض جدًّا، هذه أمور طيبة، لكن الطفل لا يفهم العلاقة بين نزع الهدية وبين ما فعل، وهذه يسموها العقوبة الغير منطقية، لأن نزع الهدية سيشعره بالظلم، فنتمنى بعد أن أتت العقوبة ثمارها أن يُعطى هدية ولو أقل من الأولى، لأنه في النهاية طفل.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك الجميع لما يحب ويرضى، وأن يكثر من أمثالك من الأخيار، وسنكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع في مثل هذه الأحوال، حتى نتعاون جميعًا - إن شاء الله تعالى – في الوصول إلى الحلول، لأن هذه المسائل لكل حالة يُنظر فيها وحدها، يُنظر في خلفية الطفل، في ترتيبه في الأسرة، في البيئة التي هو فيها، أيضًا التزام أهل البيت، أيضًا ينظر هل هذا العمل عملاً من باب التقليد أم من باب رد العدوان أم كذا، فالأمر يحتاج تفصيل، وكل حالة تحتاج إلى وقفة وحدها حتى تكون الأمور واضحة.

ونسأل الله أن يحفظ أبنائنا وشباب المسلمين، وأن يعين الآباء والأمهات على فهم دورهم في التربية والرعاية والتوجيه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً