الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على شاب عن طريق أحد مواقع التواصل فتركني فجأة، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم.
مشكلتي يراها البعض تافهة، ولكنها سببت لي إحباط، أتمنى منكم المساعدة.

تعرفت منذ فترة على شخص من غير جنسيتي ويعيش في بلاد غير البلاد التي أعيش فيها على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحنا أصدقاء، وكانت بيننا معزة كبيرة، وكنا نتحدث أيضاً عبر الهاتف، وكان رائع معي ويخبرني بأنه يدخل باستمرار لصفحتي من غير علمي لكي يرى صوري ويقرأ ما أكتب، وهذا ما دلني على اهتمامه بي، وأنا أيضاً كنت أفعل هذا، ومرة دخلت لصفحته لأتفقده كالعادة، فوجدته قد مسحني من قائمة أصدقائه.

أصبت بدهشة، عملت بحث على حسابه لأتأكد إن حسابه موجود وغير معطل، فوجدته مفتوح، وكان حينها ( أون لاين )، أرسلت له رسالة عبر الهاتف أعاتبه بها وطلبت منه الرد، فلم يجبني! أنا محتارة فعلاً لماذا فعل هذا بالرغم من إعجابه بي! ما السبب الذي يجعل إنسان يتصرف فجأة بهذه الطريقة؟ وما الذي غيره فجأة؟ أصبحت لا أثق بنفسي، وأريد أن أعرف هل مراسلتي له عبر الهاتف لمعاتبته ومعرفة السبب كان خطأ مني وسبب إهانة لي وقلل من قدري؟

أريد منكم الاستشارة، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك ابنتنا في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام وهذا التواصل، ويشرفنا أن نكون في خدمتك وفي خدمة أمثالك من شباب وفتيات الأمة الذين هم الأمل بعد توفيق الله وتأييده، ويسعدنا أن نقول لك: لا خير في ودٍّ يجيء تكلفًا، واحمدي الله تبارك وتعالى الذي أخرجك من هذه الدائرة المظلمة ومن هذا النفق المظلم، وإن كان السبب كان بهذه الطريقة فإن الاستمرار هو الأخسر والأخطر.

نحن نشعر بمرارة ما حصل معك، ولكننا نهنئك على هذا الذي حدث، لأن الذي كان بعده كان أسوأ، وبعده كان أخطر، لأن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبده الخير عصمه من المعصية وحال بينه وبين المخالفة ومنعه من السير في هذا النفق المظلم، فاحمدي الله تبارك وتعالى على توفيقه، واجعلي حمدك لله وشكرك لله توبة نصوح تمنعني بها عن الدخول على مثل هذه المواقع المشبوهة.

وليس من الضروري أن يكون الشاب قد زال إعجابه بك أو نحو ذلك، لكن كثير من الشباب يعود إلى الصواب فجأة، فيتذكر ويندم ويتحسر، لأنه يشعر أن هذه العلاقة التي تستمر، هذه العلاقة العاطفية التي لا يستطيع أن يُشبعها ولا يصل إليك، فأنت في بلد آخر، وأنت في عالم افتراضي، والحقائق عنده غائبة.

ولذلك ما ينبغي أن تنزعجي بهذا الموقف الذي حدث، بل ينبغي أن تحمدي الله تبارك وتعالى على ذلك، وأن تشكري الله تبارك وتعالى الذي صرفه عنك، وندعوك إلى أن تنصرفي أيضًا أنت عنه، فالإنسان لا يهتم بالذي لا يهتم به، أما ما جاء في ذهنك من عدم اهتمامه بك أو أنك ناقصة أو ضعف ثقة في نفسك: هذا ليس في مكانه، وهذه تخيلات من الشيطان، فتعوذي بالله تبارك وتعالى من هذا الشيطان الذي همه أن يُحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله.

أنت الآن في نعمة، وحُق لك أن تهنئي نفسك بهذا الذي حدث، واحمدي الله تبارك وتعالى الذي جاء بهذا الموقف ليكون لك عظة وعبرة وتأخذي منه فرصة للتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وتصحيح هذا المسار.

لا شك أن هذا الشاب الذي تركك بهذه الطريقة يكفي في عيبه أنه لا وفاء له، ويكفي كذلك فيه أنه شخصية متقلبة، فهو يُعجب بإنسان وغدًا يترك هذا الإنسان، ولكن الأمر من أوله إلى نهايته لم يكن فيه طاعة الله تبارك وتعالى، والإنسان لا يحزن على ترك المعصية ولا يتحسر ويتأسف على فواتها، بل يشكر الله تبارك وتعالى الذي قدر له الخير وعصمه وحماه بفضله ومنّه وقوته، فاحمدي الله على ما أنت فيه من الخير، وواظبي على ذكر الله وشكره، وابتعدي عن مثل هذه المواقع المشبوهة، واجعلي تواصلك مع بنات جنسك، وتجنبي التواصل مع الرجال.

وإذا أثنى عليك شاب أو على أسلوبك فحاولي ألا تهتمي به، وتجاهلي ذلك الثناء، لأن له ما بعده، ولا تقبلي بأي شاب إلا إذا طرق الباب وقابل أهلك الأحباب، وكان على دين وأخلاق، وجاء البيوت من أبوابها، أما أن يدخل الإنسان مثل هذا العالم الذي هو مليء بالدجل ومليء بالتمثيل ومليء بالكذب ومليء بالذئاب الواحد منهم يتغدى بالفتاة ويتعشى بأخرى، يُعجب بفتاة ثم يخدعها، فإذا نال أعز ما عندها رمى بها كالعلكة بعد ذهاب طعمها تُرمى في القمامة.

فاحمدي الله على هذا الخير، ونشكر لك هذا التواصل، ونتمنى أن يكون في الذي حصل درس وعظة، والمؤمنة لا تُلدغ من جحر واحد مرتين.

نسأل الله لك السداد والثبات، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السويد asma

    اتمنا لكي السعدهاا اختي فان الرجال لوثوق لهم انهم لايشعرون بمن يحبهم او يخاف عليهم امالهم في الحياه انا يعيشو عيتهم فقط ويماضي وقتها للتسليه ولشهوتها فقط

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً