الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأت فهل من توبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركـاته ..

أنا فتاة أبلغ من العمـر 16 عاما، لا أعلم ماذا أقـول، ولكني أخطأت خطأ كبيرا في حقي وحق عائلتي التي منحتني الثقهة الكاملة، ولكني وضعتها فيما لا يرضي الله، وندمت ندما شديدا على ما فعلت، ولا زلت كل ليلة أبكي أشد البكاء بسبب فعلتي.

في يوم كان لدي وقت فراغ كبير جدا، وأحسست بالملل، وأغـواني الشيطان فاتصلت على إحدى المستشفيات بداعي الاستهبال والضحك ولم يكن قصدي تكوين علاقة أو حب، استمريت بالكلام مع الشاب وهو استرسل معي أيضا بالكلام، وأصبحت لمدة 3 أيأم أكلمه كل صباح، وكان يقول لي كلاما أخجل من قوله أمامكم.

كان يتكلم بكل ما هو قبيح، وما يحصل بين الزوج وزوجته، ولم يعجبني أسلوبه أبدا، وكنت أرد عليه هذا الكلام، ولكنه لم يستجب وأعطيته رقم جوالي لأنه لم يكن لدي رصيد، وأريده أن يتصل كي أكمل حديثي معه، أخذه واتصل، وكنت أضحك وأقول سوف أزوركم غدا أنا وقطتي المريضة، وأريدكم أن تعالجوها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمآر .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدمك فيما يُرضيه، ونشكر لك هذه الثقة وهذا التواصل مع موقعك، ونبشرك بأننا في خدمة أبنائنا والفتيات، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأعجبني وأسعدني شعورك بالخطأ، واعترافك بأنك وقعت في خطأ، والأمر بيدك أولا وأخيراً، والله تبارك وتعالى يقبل توبة من يتوب إليه ومن يرجع إليه، والحمد لله المسألة في بداياتها كما هو واضح من السؤال، فالعلاج في هذه المرحلة سهل، فأرجو أن تنسحبي من هذا الشاب الذي هو في الحقيقة ذئب، وتنجو بنفسك، لأنك فتاة، والفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، وأنت قد شعرت بهذا، وهؤلاء الشباب لا هم لهم إلا العبث بالبنات وبعواطف البنات، فهم ذئاب في الحقيقة، والواحد منهم ليس عنده مانع أن يتغدى بفتاة ويتعشى بأخرى، فهو حبيب لكل من تتصل عليه، يعطيها من معسول كلامه حتى يخدعها، لكنك أكبر وأعقل، وأتمنى أن تكون هذه الاستشارة هي القاطعة والسبب في التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

واعلمي أن العظيم سبحانه وتعالى من رحمته أنه يستر على الإنسان ويستر عليه، لكن إذا تمادى في المعصية ولبس للمعصية لبوسها فضحه وهتكه وخذله، فانتبهي لنفسك واحذري، فإن هذا الشاب قد يتمادى معك حتى يجد فرصة، يسجل لك بعض الكلام، أو يأخذ منك بعض الأشياء، ثم بعد ذلك تبدأ مسيرة الابتزاز والخديعة، وحتى لو وصل -لا قدر الله- لهذه المرحلة فنحن ننصح بألا يعالج الخطأ بخطأ أكبر، فما حصل خطأ، وأرجو أن تكون هي النهاية، وأن تتوقفي عند هذا الحد، وأن تعودي إلى الصواب، فإن ثقة الأهل غالية، وأغلى من ذلك الطاعة لله تبارك وتعالى، فإن الإنسان ينبغي أن يتقي الله تبارك وتعالى في السر والعلانية، وأنت في شهر تتركي فيه الطعام والشراب لله فكيف لا تتركي مثل هذه الممارسات الخاطئة؟!

أنت تتعاملين مع الذي يعلم السر وأخفى، الواحد منا قد يختفي من أهله، قد يختفي من الناس، ويفعل ما يريد، لكن رب الناس يطلع على السرائر، لكن رب الناس لا تخفى عليه خافية، لكن رب الناس يُمهل ولا يُهمل، سبحانه وتعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}.

فانتبهي لنفسك، وعودي لعقلك وصوابك، وأنت ولله الحمد على خير كثير، وإلا كان من الممكن ألا تسألي، فإن هذه الروح التي دفعتك إلى السؤال والاستفسار وطلب النجاة، والمخرج يدل على أنك تحملين نفسا طيبة حريصة على الخير، بعيدة عن الغواية والشر، وهذا دليل على أنك من المحصنات الغافلات الطيبات -إن شاء الله تعالى- فلا تجعلي هذا الخطأ وسيلة للاستمرار في الأخطاء والتمادي فيما يُغضب الله تبارك وتعالى.

واعلمي أن الدخول في هذا النفق المظلم قد يجر على الإنسان ويلات، فأرجو أن تخرجي من البداية قبل أن يتعمق هذا الجرح، قبل أن يحصل ارتباط وتعلق، وتذكري أن الشيطان هو الثالث معكم، وأن العبث بمثل هذه الأمور لا تصلح، فعمري قلبك -هذا القلب الغالي- بمحبة الله، بحب الطاعة لله، والحرص على كل أمر يُرضيه سبحانه وتعالى، واعلمي أن هذا القلب الغالي لا يستحق مثل هذا الذئب، بل ينبغي أن يكون عامرًا بطاعة الله، ولا ينبغي أن تؤسسي علاقة إلا على هدىً وأنوار هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

واعلمي أن الإسلام أرادك فتاة مطلوبة عزيزة غالية لا طالبة ذليلة، فاحرصي على أن تكوني في المنزلة والمكان الذي وضعك فيه العظيم سبحانه وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونتمنى أن نسمع عنك خيرًا، وتبشرينا بعودتك وانقطاع هذا التواصل مع ذلك الذئب ومع كافة الذئاب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً