الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لأبي أن يرفض زواجي من زميل لي بحجة أنه من غير جنسيتي

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أكتب إليكم بعد أن ضاقت بي كل السبل، و الله شهيد على معاناتي في مشكلتي هذه، فليس لي بعد الله حل أخر سوا استشارتكم.

أنا فتاة مثل كل الفتيات تحلم بالارتباط و الزواج،عمري 24 عاماً، بعد تخرجي من الجامعة توظفت -ولله الحمد- وفي الوظيفة أعجب بي زميل لي مصري الجنسية 26 عاماً بكالوريوس، وطلب أن يتقدم إلى أهلي، ويشهد الله أنه من المؤدين لفرضه بانتظام، وغير مدخن، وأمين في عمله، ومحترم، وجاء من الباب، وكان يخاف علي ويعاملني كما يعامل أخته، ولكنهم رفضوا بحجة راتبه الضعيف، وحرمني أبي من الذهاب للعمل، ولكنه بعد أسبوعين أرجعني للعمل، وقد أخبرت زميلي أنه عندما يحصل على وظيفة ثانية أن يتقدم مره أخرى، جاءت له فرصة وظيفة أحسن وذلك بعد سنة وسبعة أشهر -ولله الحمد- وقررنا أن أحادث أبي في الموضوع، لكن أبي رفض بحجج كثيرة، فكان يقول أنه مصري مستغل وداخل على طمع، وأحياناً يقول أنني جلبت له العار بكلامي معه، وأحياناً يقول أنه ليس مرتاحا له، ويقول أزوجك فلسطينيا ولا أزوجك مصريا، ويقول لن أزوجك عاملا، مع العلم أنه ليس بعامل، بل مشرف ومحاسب، قلت له: فقط قابله أو كلمه، لا تحكم هكذا، و أنا مرتاحة لهذا الشاب، رفض حتى أن يقابله أو يكلمه أو حتى أن يسأل عنه، مع أننا جميعناً نعمل في نفس المجال، أنا والوالد والشاب، ويشهد الله أنني كنت في مكان عملي محترمة لأجل أبي قبل نفسي، وحرمني أبي من الذهاب للعمل وأجبرني على تقديم استقالتي وسحب مني التلفونات.

تحدثت معه أمي في إعطاء فرصة للشاب و لم يوافق و أخبرته أني معجبة به، وطلبت منه أن يجلس معه و يخبرني عن سبب عدم اقتناعه به، وأنا أخشى إذا توجهت بطلب مساعدة من أحد آخر أن يغضب مني أكثر؛ لأنه يقول لا أحد يتحكم بي و سأفعل ما أريد، وطلبت مساعدة جدتي والدة أمي ولم يرض حتى أن يخاطبها أو أن يرد عليها، و الآن أحضر لي ابن عم لي ليخطبني، وكان مصراً أن تتم النظرة الشرعية بدون أن يأتي أهل الولد أو يتحدث مع الولد، بحجة أنه يعرفه، مع أنه مطلق بعد خمسة شهور من زواجه، وأنا حتى اسمه لا أعرفه، و قد أخبرني عن النظرة الشرعية قبلها بيوم، وبكيت وأخبرته أنني لا أريد الزواج، وقد سألني لماذا؟ وأخبرته بأنه يعرف أن هناك شخصا آخر تقدم لي، فقال لي: بأنة لن يزوجني لأجنبي، و أقنعتهُ أمي أن يؤجل النظرة الشرعية لفترة مؤقتة، نظراً لأن وجهي كان متعبا من كثرة البكاء ووافق.

الشاب خائف الآن أن يفاتح أبي في الموضوع أو أن يتصل عليه؛ لأن أبي هدد إذا كلمه سوف يرحله، وبما أنهم يعملون في نفس المجال فالشاب خائف أن ينقطع رزقه؛ لأنه يصرف على أهله وخائف على مستقبله، وليس له أحد هنا حتى يكلم أبي بالنيابة عنه أو يأتي معه، وأخاف إذا قبل أبي كلامه أو رؤيته أن يهزأ به ويطرده عناداً بي أو أن يرفضه.

يجب على الإنسان ألا يحكم على شخص بسبب جنسيته أو فقره، فنحن جميعا متساوون عند الله و نهايتنا جميعاً كفن أبيض و تراب، ما ذنبي أنا في كل الذي حصل؟ أليس الرسول عليه الصلاة و السلام قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وقال: (لم ير للمتحابين مثل النكاح)؟

لم يرضى حتى أن يعطيني فرصة أو أن يعطي الشاب فرصة، و الله إن به كل الصفات الدينية التي تريدها الفتاة المسلمة، حتى أنه كان ينصحني في الدين وينصحني بعدم وضع المكياج، ولبس اللباس المحتشم، وقراءة الكتب الدينية وغيرها، ما الذي تريده الفتاة من الشاب غير أن يكون بجانبها زوج يعينها في الدنيا لإرضاء الله عز وجل للفوز بالآخرة؟

ماذا أفعل الآن؟ وماذا يفعل الشاب؟ أنا خائفة من ظلم أبي علي، وأصبحت أكرهه، وأحس أنني لن أسامحه يوماً على إجباري على شيء لا أريده، لا أستطيع إدخال أحد في الموضوع لأنه يغضب، وعندما فتحتُ معه الموضوع كان سيضربني وبصق في وجهي، والله العظيم أنني محافظة على شرفي، و لا أستحق أن أعامل كمن ضيعت شرفها ويريد سترها بسرعة، سأظلم ابن عمي بزواجي منه، حيث أنني غير متقبلة الفكرة، لأنها جاءت على غير رغبتي، أحب زميلي الشاب جداً ولن أستطيع نسيانه، فكان أحن علي من أبي، ويخاف علي أكثر من أهلي، وكان يحافظ علي كأني أخته ويأمرني بالمعروف وينهاني عن المنكر.

استخرت الله، وحلمت به بأحلام جميلة وأصبحت متعلقة به أكثر، وكان تفسيرها كل خير، ماذا أفعل في بطش أبي وظلمه؟ قلت له يا أبي اشرط له كل الشروط التي تراها وأخبره ألا يأخذ شيئا من أموالي، أو يخرجني خارج بلدي أو أي شيء تريده، فرفض.

ما هذا الظلم و الجبروت؟ أليس من حقي اختيار حياتي؟ أليس لي رأي فيها؟ طوال عمري كنت الفتاة المطيعة العفيفة المتفوقة في دراستها و رافعة رأسه، ألم يشفع كل هذا عنده؟

لا تخبروني بأن أكلمه لأنه سوف يضربني، و لا تخبروني أن يحدثه الشاب لأنه خائف منه و على مستقبله و على أهله، ولا تخبروني أن أدخل أحدا من أهلي لأنه سوف يجعل حياتي جحيماً على الأرض ماذا أفعل؟

أرجو من أي أحد منكم تبني قضيتنا ومشكلتنا ومساعدتنا على الزواج بالتحدث مع زميلي و الاتفاق معه على حل لمشكلتنا، سواء بالقدوم معه لخطبتي أو التحدث مع الوالد، أنتم أدرى بعد الله بالحل المناسب، ولكم أجر توفيق رأسين بالحلال، وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Anoo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك، الذي يكون عونًا لك على طاعته ورضاه. كما نسأله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وبين والدك، وأن يشرح صدره لقبول هذا الأخ الفاضل الذي تقدم لخطبتك وقد تم رفضه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فالذي نراه بعد هذا الطرح المتميز وهذا العرض الجيد لمشكلتك أنه ليس أمامكم إلا الصبر الجميل، لأن والدك – كما ذكرت – لن يقبل منك كلامًا ولن يقبل كلامًا من أحد، وكذلك هذا الشاب لن يستطيع أن يفاتحه أو أن يتكلم معه خوفًا من بطشه وظلمه وعدوانه، ونحن – ابنتي الكريمة الفاضلة – ليس بمقدورنا حقيقة أن نذهب إلى السعودية لنتكلم مع والدك، فهذا أمر خارج عن إرادتنا وعن طبيعة عملنا، نحن نقدم النصيحة كما تقرئين في رسائلنا، وهذا هو الذي نستطيع أن نفعله، والله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}.

من حقك أن تعتذري لوالدك عن عدم قبولك بابن عمك فترة من الزمن حتى تتحسن نفسيتك، وخلال هذه الفترة توجهي أنت وهذا الأخ بالدعاء، وإذا كانت والدتك تقف معك أيضًا فجنديها للدعاء لك بأن يُكرمك الله تبارك وتعالى بهذا الشاب الصالح ما دمت ترين فيه أنه أهلاً لأن يكون زوجًا لك.

لا نرى حقيقة من حل عملي ونافع ومفيد أكثر من الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى في آناء الليل وأطراف النهار أن يجعل الله لك مخرجًا مما أنت فيه، وأن يمنّ عليك بزوج صالح، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله، وكذلك أيضًا عليك بتوصية هذا الأخ بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وكثيرًا حدثت أمور أشبه ما تكون بهذه المشكلة بل وكانت أكثر تعقيدًا ويسرها الله تبارك وتعالى ببركة الدعاء والإلحاح على الله، وعلى الشاب كذلك وعلى والدتك وكل من يُحبك ويهتم لأمرك، عليك أن تطلبي منه الدعاء لك أن ييسر الله أمرك، واطلبي من والدك تأخير رؤية الشرعية لابن عمك، حتى تتحسن نفسيتك، وأبشري بفرج من الله قريب، وأسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث ما كان، وأن يرزقك الرضا به، إنه جواد كريم. هذا.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية تاء الخجل

    سبحان الله وبحمده
    نفس مشكلتي
    انتي ابوك وانا اخي
    الله المستعان
    اقسم لك وانا اقر

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً