الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حادثة الوفاة جعلتني مصابة بوساوس أرهقتني، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حدثت عندي حالة وفاة في العائلة، ولكنها أثرت فيّ بشكل سلبي، وأصبحت الوساوس والكوابيس تأتيني عني وعن أهلي، وأصبح تفكيري كله مشغول بوالدي وأخي، ودائماً ما أقول الأدعية والأذكار، ولا أكف عن ذلك، ولكني أصبحت كئيبة للغاية، وأشعر بكتمان، ولا أكف عن البكاء.

أريد أدعية وطرقا للتقرب من الله، وحلاً لهذه المشكلة لو سمحتم.

وشكرا جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ yasmeen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يربط على قلبك، وأن يُذهب عنك هذه الكوابيس، وتلك الوساوس المزعجة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يغفر لميتكم، وأن يُسكنه الفردوس الأعلى، وأن يعظم أجركم، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن الوفاة من أعظم المصائب التي تصيب الإنسان خاصة إذا كان الميّت قريبًا من الإنسان وعزيزًا عليه، ولذلك ما سمّى الله شيئًا من الابتلاءات مصيبة إلا الموت، حيث قال جل جلاله: {فأصابتكم مصيبة الموت} لأن الميت يذهب فلا يرجع ولا يعود إلى يوم القيامة، وقد تذهب معه الأفراح والذكريات الجميلة واللحظات الرائعة، وتذهب معه السعادة كلها، فكم من ميت يسلب الأسرة كلها سعادتها وأمنها وأمانها واستقرارها وقد تصل لفترة طويلة من الزمن، وذلك حسب موقعه وأهميته في مكونات الأسرة.

وأحيانًا قد يتعافى الإنسان من هذه الذكريات الأليمة بعد فترة قصيرة ويمارس حياته بشكل طبيعي، حيث إنه يستسلم لقضاء الله وقدره، ويعلم أن الموت مكتوب على كل كائن من المخلوقات، حيث إن الله تبارك وتعالى قال: {كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فيحاول أن يتأقلم مع الواقع الجديد وأن ينخرط في الحياة، وعلى قدر قدرته على الانخراط في الحياة والانشغال بأحداثها تكون قدرته أيضًا على نسيان هذا الحدث أو تناسيه أو الخروج منه في أسرع وقت ممكن.

أحيانًا بعض الأشخاص يتمتعون بأحاسيس مرهفة وشعور راقٍ جدًّا وحساس، ولذلك لا يستطيعون الخروج من حالة الحزن بسهولة، ويظل الأمر معهم لفترة طويلة يُلقي بظلاله على حياتهم، ويُشعرهم بأن الموت أهون مما هم عليه، وأنهم يا ليتهم صاحبوا هذا الميت أو كانوا هم الميت نفسه حتى لا يعانون تلك المعاناة.

ومما يؤسف له أن الشيطان – لعنه الله – يستغل حالات الحزن الشديد للانقضاض على الإنسان، فإن المعالجين الذين يعالجون الأجساد والأرواح بالرقية الشرعية يذكرون بأن من أسباب دخول الجني في الإنسي: حالات الحزن الشديد، وحالات الخوف الشديد، وحالات الفرح الشديد، ولذلك قد يحدث مع هذا الحزن الشديد نوع من التلبس الجني بالإنسي، لأن الإنسان إذا كان في حالة الخوف الشديد تصبح مناعته ضعيفة جدًّا للغاية، فينتهز الشيطان هذه الحالة التي يعاني منها الإنسان – وهي عدم القدرة على ضبط نفسه، والسيطرة على عواطفه ومشاعره – فينقض عليه، ويسكن جسده، ويحوّل حياته إلى حياة كئيبة حزينة، ولعلك أنت من هذا الصنف.

ومن رحمة الله تعالى بك أن الله تبارك وتعالى أكرمك بمجموعة من الأدعية والأذكار تقولينها بصفة منتظمة، ورغم ذلك أنت أصبحت كئيبة للغاية، ولا تكفين عن البكاء.

أقول لك أنه من رحمة الله بك أنك تواصلين هذا الزاد الإيماني، وهو الأدعية والأذكار، لأن – صدقيني – لو لم تكوني على علاقة حسنة مع الله، ولو لم تكوني متسلحة بسلاح الدعاء والأذكار، لكان حالك أسوأ من هذا بمراحل، ولكني أقترح عليك بمواصلة ما أنت عليه من أدعية وأذكار.

ثانيًا: المحافظة – ضرورة – على أذكار الصباح والمساء، لأنها في غاية الأهمية، وقطعًا هذا يقتضي منك المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك أيضًا التهليلات المائة: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساءً، والإكثار من قراءة آية الكرسي، فإن هذه عوامل - بإذن الله تعالى – كفيلة بأن تُضعف دور الشيطان بالنسبة لك.

فيما يتعلق بالوساوس والكوابيس التي تأتيك عن أهلك: هذه أيضًا كما ذكرت هي نوع من الحرب التي يشنها الشيطان على قلبك ليُفسد عليك حياتك، ويجعلك في تلك الحالة لا تخرجين منها أبدًا، وهذا علاجه - تكملة لهذا العلاج - إنما هو - إضافة إلى ما سبق - أن تنامي على وضوء، وأن تحافظي على أذكار النوم، وأن تنفثي في يديك بعد قراءتك للمعوذات الثلاثة (الإخلاص – الفلق – الناس) في كفيك وتمسحي بهما جسدك، أعتقد أنك تعرفين ذلك، وإن كنت لا تعرفين فسهل أن تعرفي آداب النوم، فمنها قراءة آية الكرسي، وكذلك أيضًا قراءة (هذه السور الثلاث) في كفيك، ثم تنفثين (تنفخين) في كفيك وتمسحين جسدك كله، وتظلين تذكرين الله تعالى حتى تدخلي في النوم العميق ولا تشعرين بنفسك.

بهذا - بإذن الله تعالى – سوف تذهب عنك هذه الوساوس وتلك الكوابيس.

فإذا لم يتحسن حالك مع هذا البرامج، فأنصح بضرورة عمل رقية شرعية، والرقية الشرعية إذا لم تنفع فهي قطعًا لن تضر، لأنها مجموعة من كلام الله تعالى وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – وتستطيعين أن تستعيني براقٍ يرقيك بكلام الله وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – وليس بمشعوذ ولا دجال.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً