الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وافق الأهل جميعا على خطبة بنت عمي.. فما حدود علاقتي بها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهنئكم أولا على هذا الموقع الرائع الذي يفيد جميع المسلمين في شتى أمور الدنيا والدين، وبارك الله فيكم.

موضوعي هو بخصوص خطيبتي، فأنا -والحمد لله- خاطب من ابنه عمي، وهي طالبة في كلية الصيدلة في الفرقة الثالثة، وتبلغ من العمر 20 عاما، وأنا 26 عاما.

تمت خطبتي عليها منذ حوالي سنة ( وهي بنت مهذبة جدا، وأهلها طيبون)، ولم نرتد الدبل حتى الآن؛ لأني مسافر للعمل بالخارج، يعني الموضوع كله اتفاق وموافقة تمت من الجميع، والأهل كلهم يعرفون أن البنت لابن عمها، مع العلم أننا لن نتزوج إلا بعد انتهاء دراستها أي بعد سنتين ونصف من الآن.

1 - أريد أن أعرف ما هي حدود العلاقة بيني وبينها؟

2 - أنا أتصل بها دائما، وهي لا تبادر بالاتصال، وأنا الآن لم أتصل بها منذ شهر، وهي طبعا لم تتصل؟ ماذا أسمي هذا؟ مع العلم أنه من الممكن أن تتم الخطبة الرسمية في إجازتي السنوية بعد 10 أشهر.

3 - وهل إذا كانت تسمع كلام والديها بعدم السؤال الآن، فماذا أفعل معها؟

شكرا وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ HESHAM حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونشكر لك هذا الثناء على الموقع، ونبشرك بأننا في خدمة الشباب، وشرف لنا أن نكون في خدمة أمثالكم، ونسأل الله أن ينفعك بكم بلاده والعباد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ثانيًا: يسعدنا أن نهنئك بهذه الخطبة، وبهذه الفتاة المناسبة التي مدحتَ فيها دينها وخلقها، وهي بنت العم، وبنت العم بمنزلة رفيعة؛ لأنها من أصل الإنسان وفصله، وعم الرجل صنو أبيه، فهنيئًا لك بها، وهنيئًا لها بك.

ثالثًا: العلاقة بينكما ينبغي أن تكون شبه مقطوعة، لأنها لا تزال أجنبية بالنسبة لك، ولا توجد بينكما رابطة شرعية مُعلنة، فإنه حتى الآن مسألة الخطوبة لا توجد، ولعله لا يخفى عليك أن الفتيات في بلادنا – ولله الحمد – محافظات، ويصعب عليهن التواصل بهذه الطريقة، ونحن نقول: ليس من مصلحتها، ولا من مصلحتك أن يتم تواصل بهذه الطريقة، لأن هذا سيؤثر عليك وأنت في غربتك، ويؤثر عليها في دراستها، ويؤثر على مستواها، فيجلب لها الكثير من التوترات، فإن المكالمات لها ما بعدها من هيام ومشاعر الحب، والانجذاب التي لا تجد جوابًا، ولا تجد مكانًا شرعيًا من أجل تفريغ هذه الشحنات.

ولذلك خير لك ولها أن يظل الوضع كما هو، تسأل عنها سؤالا عاما، ولا مانع من أن تتصل على عمك وعمتك، ثم تسأل عنها، وهي كذلك تتصل على أهلك وتسأل عنك، وإن دار السؤال مرة من المرات، وسألت عنها فلا مانع، ولكن ألا يكون هناك اتصال وتواصل ومراسلات، فإن هذا لا ننصح به بتاتًا، ولا ننصح به في هذه المرحلة أيضًا على وجه الخصوص؛ لأن بنت العم تعتبر أجنبية للإنسان، والأجنبية هي كل فتاة يجوز للإنسان أن يتزوج بها، مثل هذه الفتاة ينبغي أن تكون العلاقة بها محدودة جدًّا، والسؤال عن أهلها وعن العم وعن أسرتها يتضمن السؤال عنها، وهي كذلك عندما تسأل عن عمها يتضمن السؤال عنك، أما بعد الخطوبة فلا مانع من أن يكون هناك تواصل والسؤال عن مستواها في الدراسة، والصعوبات، والاحتياجات، وعن المستقبل.

وأيضًا بعد الخطوبة لا نرى أن يكون هناك اتصالات كثيرة، ولكن هي جائزة طالما كان ذلك بعلم أهلها وطالما كان ذلك بعد وجود هذا الغطاء الشرعي لهذه العلاقة، لأن الخطبة تبيح للخاطب أن يكلم مخطوبته، لكن لا تبيح له أن يخلوَ بها، أو أن يسافر بها، ولا تبيح له أن يتكلم معها بنوع من الكلام الذي يثير الشهوات، ولكن الكلام العادي (كيف حالكم؟ كيف دراستكم؟ كيف أخبار العم؟ كيف أخبار الوالدة؟ ماذا فعلتم؟) مثل هذه الأمور العادية (ماذا تخططين؟ متى يكون الزواج من وجهة نظرك؟ هل تريدين أن تسكني في مكان معين؟) مثل هذه الأمور لا مانع من الكلام فيها مع المخطوبة.

أما غير هذا الكلام الذي فيه توسع، فإن هذا يجلب الأتعاب، ويجلب الصعاب للطرفين، وليس فيه مصلحة، وأهل الكتاب أيضًا لا يقبلوا هذا النوع من الكلام والعبث بعواطف الفتاة، والكلام الذي يُثيرها ويؤثر على حياتها واستقرارها النفسي.

الحمد لله هذه الفتاة لك وأنت لها، وهذه نعمة من الله تبارك وتعالى، ننصحك بأن تسعى لإكمال مراسيم الزواج، ولا نشترط نحن من جانبنا الانتظار حتى تكتمل الدراسة، فإن كثيرا من الفتيات أكملن الدراسة بعد الزواج، وكثير من الشباب نجحوا نجاحًا باهرًا بعد زواجهم، لأن في الزواج تشجيع، والزواج يعطي دافعية، والإنسان بعد الزواج يشعر أن للنجاح طعمًا، ويشعر أن هناك من يفرح بنجاحه أو من تفرح بنجاحه، فعند ذلك هذا يعطيه دافعا جديدا من أجل تحقيق النجاح، وواهم من ظن أن طلب العلم يحول بين الإنسان وبين النجاح، فإن طلب العلم وسيلة وسبيل إلى بلوغ الخيرات، لكن استقرار الأسرة والزواج المبكر خاصة مثل هذه الزيجة المباركة التي تحمل فيها مشاعر نبيلة سيكون التوفيق هو حليفكم بحول الله وقوته، فخير البر عاجله، فلا تتأخر، وحاول أن تجعل علاقتك في الأطر الشرعية، وتجنب أي علاقة تُغضب رب البرية، لأن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، ونحن نشكر لك حقيقة هذا السؤال الذي يدل على حرصك على الخير، ونشكر لها أيضًا هذا الحرص على عدم التوسع في الكلام.

ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لكما الخير حيث كان ثم يرضيكما به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً