الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنقي نفسي من الذنوب؟

السؤال

السلام عليكم.

أتمنى ألاقي جواباً لسؤال حيرني.
وهو: كيف أنقي نفسي من الذنوب، بطريقة غير الحج؟ لأني بدأت أتعب من ذنوب مضت، وأعتقد أن الله يعاقبني عليها حتى هذه اللحظة!

ما هي أعظم الأعمال رفعة عند الله وأجراً؟ وكيف أحافظ على الصلاة في وقتها؟ خصوصاً إذا كنت أنام من الظهر حتى الليل، ونومي ثقيل وذنبي قد بدى لي أثقل.

أرجوكم ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ashwag حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرصك على الخير، واعلمي - ابنتي الفاضلة - أن شعور الإنسان بأنه ملزم وأنه بحاجة إلى الرجوع، هذه هي البداية الصحيحة لمسيرة التصحيح، كما أن شعور الإنسان بثقل الذنب، وبتقصيره في جنب الله تعالى يعتبر أول وأهم الخطوات في الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فنشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وأن يتوب علينا وعليك من أجل أن نتوب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تعلمي أن الحسنات يُذهبن السيئات، كما قال رب العزة والجلال، والنصيحة العامة لك: إذا عملتِ سيئة فاجتهدي في اتباعها بحسنة، فإن الإنسان لو عمل خطايا حتى بلغت عنان السماء ثم اجتهد في الحسنات لكانت الحسنات تعلو عليها، وهذا من رحمة الرحيم سبحانه وتعالى.

لذلك لا تتوقفي عن فعل الحسنات، فإنهنَّ يُذهبن السيئات، واعلمي أن النبي عليه الصلاة والسلام هو القائل: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهنَّ إذا اجتنبتْ الكبائر) فصغائر الذنوب تكفرها الصلاة، وتكفرها الجمعة إلى الجمعة، ويكفرها رمضان إلى رمضان، وكبائر الذنوب نحتاج أن نتوب منها، إلى أن نرجع إلى الله تبارك وتعالى، وسائر الأعمال الصالحة مكفرة للذنوب وللخطايا.

لذلك لما جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا نبي الله أذنبتُ ذنبًا عظيمًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهل عندك من أُم؟ قال الرجل: لا. قال: فهل عندك من خالة؟ قال: نعم. قال: فبرَّها. أخذ العلماء من هذا أن صلة الرحم من أسباب مغفرة الذنوب، ولاحظي، قال: (ذنبًا عظيمًا) فالنبي عليه الصلاة والسلام سأله عن الأم؟ ثم سأله وحرضه على صلة الرحم، أفاد العلماء أن هذه الحسنة الكبيرة - التي هي صلة الرحم - سبب لمغفرة الذنوب.

لذلك نحن ندعوك إلى ألا تتوقفي أبدًا من فعل الخيرات، واعلمي أن التوبة تجب ما قبلها، وأن الحج يمحو ما قبله، وأن الهجرة كما قال صلى الله عليه وسلم (تمحو ما قبلها) وهذا الكلام قاله لعمرو بن العاص - رضي الله عنه وأرضاه - عندما بسط يده ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أمسك يده وتردد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم طمأنه، فقال: (يا عمرو أما علمتَ أن الإسلام يمحو ما قبله، وأن الهجرة تمحو ما قبلها، وأن التوبة تمحو ما قبلها)؟.

اجتهدي في التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وأبشري فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

أما موضوع الصلاة فأرجو أن تجتهدي في ترتيب وتغيير مواعيد النوم، لأن النوم في النهار أصلاً مضر للإنسان، والله جعل الليل سُباتًا، وساعة في الليل لا تضاهيها ساعات بالنهار، كما أن النوم في النهار وترك نوم الليل فيه خطورة من الناحية الصحية على الإنسان، وأرجو أن تسألي نفسك: هل بإمكانك أن تستيقظي إذا كان هناك موعد للطائرة في الرابعة عصرًا أو إذا كان هناك وليمة طعام للأسرة في الرابعة عصرًا، إذا كنت ستستجيبي وتستيقظي لمثل هذه الأمور، فينبغي أن تتذكري أن طاعة الله أغلى وأن طاعة الله أعلى.

عليك أن تجتهدي وتطلبي من حولك أن يجتهدوا في إيقاظك، ولكن لو فرضنا فعلاً أنهم فشلوا في أن تستيقظي فإنه عند ذلك لا حرج عليك، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) وطبعًا هذا في الحالة التي تضعي فيها المنبه، وتطلبي من الآخرين أن يوقظوكِ، وتطلبي من العمة والخالة وتضعي عددًا من المنبهات، ثم قبل ذلك تأخذي راحتك وتجتهدي في تغيير هذا البرنامج وتحاولي، إذا فشلت كل هذه المحاولات فأرجو ألا يكون عليك حرج، للحديث الذي ذكرناه آنفًا.

أرجو أن تسألي نفسك الأسئلة، فإن بعض الناس يقول (ما أستطيع أن أستيقظ) لكنه يستيقظ للاختبار، لكنه يستيقظ لموعد الطائرة، لكنه يستيقظ لمجيء زائرين أو عزيز، فليس هناك أعز ولا أغلى من الصلاة في وقتها، وهي من الطاعات التي ينبغي أن تحرص عليها الفتاة، وتحرص عليها المرأة المسلمة، لأنها من الطاعات العظيمة، بل هي من أفضل الأعمال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث: حين سئل أي العمل أفضل؟ فقال: (الصلاة في وقتها) أو (على ميقاتها) أو كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام.

عمومًا نرجو أن تجتهدي في الخير، وتستمري في الإكثار من الحسنات، وشكرًا لك على هذه الروح التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً