الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الأمل ورفضت الزواج خوفا من المسؤولية؛ فما توجيهكم؟

السؤال

الأستاذ الدكتور: محمد عبد العليم

بعد التحية والشكر على مجهودك في هذا الموقع المتميز.

مررت بـ 3 انتكاسات خلال عامين، وعمري الآن 30 سنة، وشخص الطبيب هذا المرض بالفصام والانتكاسات كانت كلها عبارة عن نوبات خوف من الناس، والشعور بأن الناس كلها تراقبني، وقد كنت أعمل في دولة خليجية، آنذاك، والآن منذ سنة، وأنا في بلدي، ولم تأت لي أي انتكاسة.

أنا منتظم على أخذ الدواء حبة ريسبردال 2 مج، ونصف حبة كوجينتول 2 مج، ومشكلتي في الأعراض السالبة للمرض لا أستطيع الاحتكاك بالناس، ومنعزل وأخرج فقط مع صديقين أو ثلاثة، ولا أستطيع التعرف على أصدقاء جدد، ولا أستطيع التواصل في العمل مع الناس، (أعمل مهندسا مدنيا )، بل لا أستطيع إن أقوم بعملي على الوجه المطلوب، وكنت خاطبا ولكن خطيبتي، تركتني بسبب سلبيتي، والآن أنا رافض فكرة الزواج مع الحاح أهلي، وذلك خوفا من تحمل المسؤلية, ما توجيهكم نحو العلاج، والعمل والزواج؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

حالتك هي حالة ظنانية، والمرض الظناني ربما يكون في شكل ضلالات فقط، وهذه تسمى بـ (الضلالات الظنانية) أو ربما يكون في شكل مرض الفصام، وهنالك تقارب بين الاثنين، لكن الضلالات الظنانينة فقط مآلها أفضل كثيرا من حيث العلاج، بالرغم من أن الفصام الظناني أيضًا الآن نعتقد مآله أصبح جيدًا جدًّا إذا انتظم الإنسان في العلاج.

تشخيص هذه الأمراض حين يتم التأكد منه، بعد ذلك يجب أن ينظر الطبيب في أمور أخرى، لأنها مهمة جدًّا، فمثلاً التعليم: الإنسان الذي له حظ من التعليم، وأكمل تعليمه وتحصل على مؤهلاته، هذا قطعًا فرصته في الشفاء وفي التأهيل عال جدًّا.

الإنسان الذي ليس لديه تاريخ مرضي في الأسرة أو على الأقل لا يوجد عدة أفراد في الأسرة مرضى بنفس المرض، هذا أيضًا يكون - إن شاء الله تعالى – مآله ممتاز، وكذلك بالنسبة للأشخاص الذين لديهم بناء نفسي صحيح وشخصياتهم مكتملة الأبعاد.

فيا أخي: الذي أراه أن مآلك طيب وجيد، أنت رجل في الثلاثين من عمرك، -والحمد لله تعالى- لديك المؤهل، وأنا على ثقة أنه أيضًا لديك الاستقرار الاجتماعي وأسبابه، فلا تنزعج أبدًا.

الشيء المطلوب هو من وجهة نظري المتواضعة: أرى أن الرزبريادال بجرعة اثنين مليجراما ليست كافية، كل الدراسات وكل البحوث تشير أن الجرعة الصحيحة للرزبريادال هي أربعة وسبعة وعشرة مليجراما يوميًا، هذه بالنسبة للشخص الذي وزنه سبعين كيلوجراما أو أكثر، هناك دراسات كثيرة أُجريتْ حول الجرعة المناسبة.

في بعض الأحيان تُعطى جرعة اثنين أو ثلاثة مليجراما كجرعة وقائية في حالات المرض الخفيف، وأعتقد أن مرضك من النوع الخفيف، لذا ربما يكون الطبيب ذكر لك أنك يمكن أن تستمر على هذه الجرعة.

فيا أخِي الكريم: أرجو أن تراجع الجرعة مع الطبيب، وأعتقد أن جرعة أربعة مليجراما على الأقل تتناولها لمدة شهرين أو ثلاثة، سوف تكون هي الأفضل بالنسبة لك، واستمر على الـ (كوجينتول) كما هو، ولا ترفع الجرعة.

الأعراض السالبة، الرزبريادال له فعالية ممتازة جدًّا في علاجها، لذا من وجهة نظري أن رفع الجرعة أصبح أمرًا حتميًا.

الأمر الثاني: في بعض الأحيان يكون هنالك عسر مزاجي، هذا قد يجعل من المريض أكثر انزواء وانسحابًا، وفي مثل هذه الحالة لا مانع أن يُضاف عقار مثل (بروزاك) مثلاً، بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر كتجربة علاجية، وغالبًا ما تكون ناجحة - إن شاء الله تعالى - .

وفي ذات الوقت هنالك أمور مطلوبة منك، وهي أن تضع برامج يومية للتواصل الاجتماعي، وتُلزم نفسك بذلك، يجب أن تكتب هذه البرامج (سوف أزور فلان كذا وكذا، سوف أقوم بممارسة الرياضة من الساعة كذا وكذا، سوف أذهب إلى صلواتي في المسجد) وهكذا.

إذن تكون هنالك برامج مُلزمة تُكتب على الورق وتُطبق، لكن إذا تركت الأمور هكذا وفقط كان لديك نوايا لتختلط بالآخرين، هذا لا يكفي -أيها الفاضل الكريم-.

وهنالك نوع من التفاعل الاجتماعي الجماعي الممتاز جدًّا، مثلاً: ممارسة الرياضة الجماعية مع بعض أصدقائك - هذا أمر جيد – وحضور المحاضرات، وحلق تلاوة القرآن، والأنشطة الثقافية، هذا أيضًا نوع من التأهيل النفسي الجماعي والاجتماعي، فمن خلال ذلك تستطيع بالفعل أن تؤهل نفسك، وسوف يسهل عليك لدرجة كبيرة الانخراط في العمل، وكذلك أمر الزواج، فأنت تبدأ بما نسميه بـ (التأهيل الاجتماعي النفسي) وشروطه وآلياته معروفة، وقد ذكرتها لك، أتمنى أن يكون ذلك واضحا.

في بعض الأحيان يُقال أن الاستجابة لعقار إرببرازول - والذي يعرف إبليفاي – هنالك مؤشرات تدل أنه ربما يكون الأفضل قليلاً في التحكم في الأعراض السلبية، لكن الفروقات قد لا تكون ضخمة للدرجة التي تدعو للتغيير وتناول الإبليفاي، خاصة أنه مكلف بعض الشيء.

عمومًا هذه الأمور كلها يُدركها الطبيب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً