الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواهم في السعي إلى الكمال

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من أمرٍ يؤلمني جداً، وهو أني في كل شيءٍ أريد فعله أسعى إلى الكمال فيه، وهو أمرٌ لن يحدث، ودائماً ما أصاب بفقدان الأمل وأترك الشيء ولا أكمله.

ففي العام الماضي سافرت إلى دولة قطر عند أخي للبحث عن عملٍ، وذهبت إلى شركةٍ لعمل مقابلةٍ، وكانت باللغة الإنجليزية، ونجحت في المقابلة، لكن المسؤول قال لي أنني يجب أن أحسن من اللغة الإنجليزية، وقال لي يمكنك أن تبدأ معنا، وخلال الثلاثة الشهور الأولى تكون قد تحسنت.

لم أذهب، وقلت لنفسي يجب أن أحسن لغتي أولاً، وعدت إلى بلدي ولم أعمل، وهكذا على هذا المنوال في كل شيءٍ.

أعتقد أني أخاف من كل شيءٍ جديدٍ، وأشعر أني لن أستطيع أن أفعل شيئاً، وسأظل فاشلاً طوال حياتي.

أنا حاصلٌ على بكالوريوس نظم معلوماتٍ إداريةٍ، وأشعر أني لا أعرف شيئاً، وأني غير مؤهلٍ للعمل في أي شيءٍ، ودائماً أدرس وحصلت على بعض الكورسات.

سامحوني على عدم التنظيم.

ساعدوني بارك الله فيكم، وأثابكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكراً لك على التواصل معنا.

يعاني بعض الناس مما نسميه الميل أو النزعة للكمال (perfectionism)؛ حيث يميل الشخص في كل شيءٍ يعمله إلى أن يكون "كاملا" والكمال لله تعالى.

بصراحةٍ، وبالرغم من صعوبة هذا الميل الذي يصل إلى حدّ الوسواس القهري، إنما هو وبحسب بعض التحليلات النفسية إنما هو هروبٌ من العمل والواجب الذي على الإنسان القيام به، وهذا ما يحصل في نهاية الأمر وفي الواقع العملي.

خذ مثلاً، المثال الذي ذكرته من المقابلة التي خضتها بالإنكليزية، وطلب منك المقابل أن تحسن اللغة، بدل القيام بهذا والتسجيل في دورة لغةٍ، والسعي في تحقيق المطلوب، قلت في نفسك، وليس ذنبك وإنما هي صفةٌ نفسيةٌ، قلت في نفسك، إما أن أكون "كاملاً" في اللغة أو لن أستطيع أن أحصل على هذا العمل المطلوب!

أمامك طريقان:

الأول: طريق العلاج النفسي، سواءً الجلسات العلاجية، أو بعض الأدوية النفسية، والتي يمكن أن تخفف عنك بعض أعراض هذا الوسواس القهري وهذه النزعة للكمال، ولكن هذا العلاج لن يفيد أصلاً من دون الأمر الثاني.

الأمر الثاني: أن تقتحم مجالات الحياة والعمل، وأن تقبل بالأعمال النصف "مطبوخةً" وتبتعد عن الرغبة في أنك تريده عملاً كاملاً، نعم اقبل بأنصاف الحلول، فهذا أفضل من لا حل بالمطلق!

درّب نفسك شيئاً فشيئاً على أن تقوم بالأعمال غير المتقنة 100% وأنت قادرٌ على هذا، وهذا ملاحظٌ من خلال سؤالك الذي كتبت، فأنت قبلت به بالرغم من أنه كان يمكن أن يكتب بطريقةٍ ولغةٍ أفضل بكثيرٍ جداً، ومع ذلك قبلت بالعمل غير الكامل، وأنا أقول هذا من باب التشجيع ولفت نظرك لهذا، وليس من باب الانتقاد.

وفقك الله، ويسّر لك العمل الجديد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • خالد

    لا اجد كلاما يصف ولا فعلا يستطاع
    حقا شكر الله عملكم جميعا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً